الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[173]- إمالة حتى ومتى
ويقولون: حتى فيميلونها مقايسة على إمالة متى، فيخطئون فيه، لأن متى اسم وحتى حرف، وحكم الحروف ألا تمال، كما لم يميلوا إلا وأما ولكن وعلى ونظائرها. ولم يشذ من هذا الأصل إلا ثلاثة أحرف أميلت لعلل فيها، وهي: يا، وبلى، ولا في قولهم: افعل هذا إما لا.
والعلة في يا أنها نابت عن الفعل الذي هو أنادي، وفي بلى أنها قامت بنفسها واستقامت بذاتها، وفي إمالا أن هذه الكلمة على الحقيقة ثلاثة أحرف، وهي إن، وما، ولا، . جعلت كالشيء الواحد، وصارت الألف في آخرها تشبه بألف حبارى فأميلت كإمالتها، ومعنى قولهم: افعل هذا إما لا أي إن لا تفعل كذا فافعل كذا.
ــ
(ويقولون: حتى فيميلونها مقايسة على إمالة متى فيخطئون)؛ لأن الحروف لا تمال إلا ما استثناه وليس كما قال.
وفي "التسهيل" في رسم الخط "حتى" يكتب بالياء وقياسها الألف، قال "ابن عقيل" في شرحه: قد وجه الشذوذ فيه بأنه رويت فيه الإمالة لأن بعض العرب أمال حتى.
ثم ذكر المصنف أنه لم يمل من الحروف غير ثلاث (وهي يا، وبلى، وفي بلى أنها قامت بنفسها واستقامت بذاتها) فأشبهت غير الحروف، وهو وجه جيد، وقيل: إنما أميلت لأن ألفها للتأنيث يعني تأنيث الكلمة في ربت وثمت فلا إشكال في إمالتها.
(وفي إمالاً لأن هذه الكلمة على الحقيقة ثلاثة أحرف، وهي إن، وما، ولا. وجعلت كالشيء الواحد وصارت الألف في آخرها لتشبه ألف حبارى فأميلت إمالتها، ومعنى قولهم: افعل هذا إمالا، أي إن لا تفعل كذا فافعل كذا).
قال في "التسهيل": والتزام حذف "كان" معوضا عنها "ما" بعد "إن" كثيراً وبعد إن قليلاً.
و [من] وهمهم أيضاً في الإمالة أنهم يقولون: هذه بكسر الهاء الأولى، والأصح أن تفخم الهاء ولا تمال.
وحكي أن أعرابية سمعت بنيا لها يقول: هذه الناقة فزجرته، وقالت له: أتقول هذه؟ ألا قلت: هذه؟
ــ
وقول "سيبويه" إمالا كأنه يقول: افعل هكذا إن كنت لا تفعل غيره، ولكنهم حذفوا إن لكثرة استعمالهم إياه وتصرفه حتى استغفوا عنه بهذا. قال "السيرافي": أي على معنى إن كنت لا تفعل غيره فافعل هذا، ثم زيدت ما كما تزاد في حروف الجزاء، ثم حذف الفعل لكثرة استعماله في كلامهم، وصارت "أما" مع "لا" كالشيء الواحد عندهم، فأجازوا فيهما الإمالة، ولو انفردت لم تجز فيها الإمالة، وكونها لا تمال مفردة مذهب "السيرافي" وتبعه المصنف، وفي شرح "التسهيل" حكي عن "قطرب" إمالة "لا" في الجواب وحدها بدون "إما"، وفي "المصباح" لا في قولهم "إما لا" فافعل هذا عوض عن الفعل، والتقدير إن لم تفعل ذلك فافعل هذا، والأصل فيه أن الرجل تلزمه أشياء يطالب بها فيمتنع منها ويقنع ببعضها فيقال له: إمالا، أي إن لم تفعل الجميع فافعل هذا، ثم حذف الفعل لكثرة الاستعمال وزيدت "ما" على "إن" توكيداً لمعناها، قال بعضهم: ولهذا تمال "لا" لنيابتها عن الفعل كما أميلت "بلى" و "يا" في النداء، ومثاله: من أطاعك فأكرمه ومن لا فلا تعبأ به، وقيل: الصواب عدم الإمالة لأن الحرف لا يمال كما قاله "الأزهري".
ثم اعلم أن "الزمخشري" في قوله تعالى {فليعبدوا رب هذا البيت} [قريش: 3] قال في تقديره: إما لا فليعبدوا، فجعل إما لا مقدرة في النظم، وفيه نظر لا يخفى، فإن فيه إجحافاّ بتكرر الحذف وكثرته.