الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[52]- قل: بين بين، ولا تقل بين البينين
ويقولون للمتوسط الصفة: هو بين البينين، والصواب أن يقال: هو بين بين كما قال» عبيد بن الأبرص»:
(إنا إذ عض الثقاف برأس صعدتنا لوينا
…
نحمي حقيقتنا وبعض القوم يسقط بين نينا)
أي بين العالي والمنخفض، وقد كان الأصل في هذا الكلام أن يضاف «بين» ، فلما قطع عن الإضافة وضم أحد الاسمين إلى الآخر وحذفت واو العطف المعترضة بينهما بنياً كما بني العدد المركب، نحو: أحد عشر ونظائره، واختيرت له الفتحة عند بنائه؛ لأنها أخف الحركات، وليست هذه الفتحة التي في قولك بين بين من
ــ
(والصواب أن يقال: هو بين بين كما قال «عبيد بن الأبرص» :
(إنا إذا عض الثقاف برأس صعدتنا لوينا
…
تحمي حقيقتنا وبعض القوم بسقط بين بينا)
[ما ذكره ظاهر ومنه تسمية الهمزة المسهلة بين بين، أي بين الهمزة المخففة وبين حرف المد الذي يجانس حركتها، كما قاله «الجوهري»]. وقوله (يسقط بين بينا) بمعنى يتساقط ضعيفا غير معتد به كما قاله «الجوهري» أيضا، بناء على أن من كان ضعيفاً لا يقدر على حماية حقيقته وهي ما يحق ويجب على الرجل أن يحميه. وقد يفسر قولهم بين بضعفه أيضاً.
جنس الفتحة التي في لفظ بين عند الإضافة؛ لأن هذه فتحة إعراب، بدلالة اعتقاب الجر عليها في مثل قوله تعالى:{مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ} . ومن خصائص بين الظرفية أن الضم لا يدخل عليها بحال. فأما من قرأ {لَقَد تَّقَطَّعَ بَيْنَكُمْ} بالرفع، فإنه عنى بالبين الوصل، كما عنى الشاعر به البعد في قوله:
(لقد فرق الواشون بيني وبينها
…
فقرت بذاك الوصل عيني وعينها)
والثقاف بالمثلثة تقويم الرماح، وهو تمثيل، يريد: إذا خاف غيرنا خوفاً برتدع به عن جهله فإنا نزيد قوة بحيث نتعاصى عن ذلك. وفي شرح «الحماسة» «للمرزوقي» : العرب تذكر القناة وصلابتها واعوجاجها وأنها لا تلين ولا تقبل التثقيف ضاربة بها المثل في الخلاف والإباء والامتناع والتعسر على من يريد إكراههم والتعصب على بغض منهم، والمعنى قناتنا لا تستقيم لمقوم وحاملها لا ينقاد لمجتذب كما قال:
(كانت قناتي لا تلين لغامز
…
ألانها الإصباح والإمساء)
(من خصائص بين الظرفية أن الضم لا يدخلها بحال، فأما قراءة من قرأ: «لقد تقطع بينكم» بالرفع فإنه عنى بالبين الوصل.)]. هذا مما خالف فيه المحققين من أهل العربية، فقد قال «ابن مالك» وغيره: إن بين من الظروف المتصرفة فيصح رفعها على كل حال. وقال «ابن بري» : الرفع في بين جائز على أي معنى أردت، قال:
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
(فيشرق بين الليت منها إلى الصقل)
رفعه كما يرفع إذا كان مصدر بان يبين بينا، وحكي «ابن السراج» الرفع والنصب في بين في قولهم: هذه امرأة أحمر ما بين عينيها، برفع بين بأحمر وما زائدة، والنصب على أن يكون ما بمعنى الذي والبين من الأضداد فيكون بمعنى الوصل والفراق، وهو في البيت الذي أنشده المصنف بمعنى الوصل.