الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[26] وجوب تذكير كلمتي بطن وأنف
ويقولون: امتلأت بطنه، فيؤنثون البطن، وهو مذكر في كلام العرب بدليل قول الشاعر:
(فإنك إن أعطيت بطنك سؤله
…
وفرجك نالا منتهى الذم أجمعا)
وأما قول الشاعر:
(فإن كلابا هذه عشر أبطن
…
وأنت بريء من قبائلها العشر)
فإنه عنى بالبطن القبيلة فأنثه على معنى تأنيثه، كما ورد في القرآن:{من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها} [الأنعام: 160].
فأنت المثل وهو مذكر لما كان بمعنى الحسنة، ونظير تأنيثهم البطن وهو مذكر تأنيثهم الألف أيضا في العدد، فيقولون: قبضت ألفا تامة، والصواب أن يذكر فيقال: ألف تام كما قالت العرب في معناه: ألف صتم وألف أقرع
ــ
(فيؤنثون البطن وهو مذكر في كلام العرب بدليل قول الشاعر:
(فإنك إن أعطيت بطنك سؤله
…
وفرجك نالا منتهى الذم أجمعا)
ما ذكره ليس بمتفق عليه، فقد حكى "الأصمعي" و"أبو عبيدة" أنه يجوز تأنيثه وتذكيره، كما في "الصحاح".
وهذا البيت من شعر لبعض الطائيين - ويروى "لحاتم" وهو:
(أبيت هضيم الكشح مضطمر الحشا
…
من الجوع أخشى الذم أن أتضلعا)
والدليل على تذكير الألف في قوله تعالى {يمددكم ربكم بخمسة آلاف} (آل عمران: 125) والهاء في باب العدد تلحق بالمذكر وتحذف من المؤنث.
وأما قولهم: هذه ألف درهم فلا يشهد ذلك بتأنيث الألف؛ لأن الإشارة وقعت على الدراهم وهي مؤنثة، فكان تقدير الكلام: هذه الدراهم ألف.
ــ
(وإني لأستحيي حياء يرني
…
إذا اللوم من بعض الرجال تطلعا)
(إذا كان أصحاب الإناء ثلاثة
…
حييا ومستحي وكلبا مشجعا)
(وإني لأستحيي أكيل أن يرى
…
مكان يدي من طيب الزاد بلقعا)
(أكف يدي عن أن تمس أكفهم
…
إذا نحن أهوينا لحاجاتنا معا)
(فإنك إن أعطيت بطنك سؤله
…
وفرجك نالا منتهى الذم أجمعا)
ويروى: وإنك مهما تعط.
(عني بالقبيلة البطن فأنثه على تأنيثها) فإن قلت: هذا مخالف لكلام أهل اللغة، ففي "الصحاح" البطن دون القبيلة، ومثله في "نهاية ابن الأثير" وزاد فيها وفوق الفخذ، وهي تذكر وتؤنث باعتبارين كأسماء القبائل.
قلت: تفسيره بالقبيلة قول بعضهم. ورجحه المصنف لأنه يفيد قوله هنا "وأنت يرى من قبائلها العشر".
وبما سمعته من كلام "ابن الأثير" علمت أن ما ذكره المصنف غير متفق عليه، مع أن باب التأويل واسع.
وسمت العرب القبيلة بطنا كما قالت فخذا لأنها جعلت الناس كجسم واحد والطوائف كأعضائه، كما قال الشاعر:
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الناس جسم وإمام الهدى
…
رأس وأنت العين في الرأس
ويقولون: قبضت ألفا تامة، والصواب أن يذكر فيقال: ألفا تاما).
هذا ليس بمتعين، فإن صاحب "القاموس" جوز تأنيثه باعتبار الدراهم، وقد قيل: أمر التأنيث سهل.
(ألف صتم أقرع) صتم، بصاد مهملة مفتوحة ومثناة فوقية ساكنة، وصتم بمعنى تام، ويقال: سقت إليه ألفا أقرع من الخيل وغيرها أي تاما، وهو نعت لكل ألف، كهنيدة اسم لكل مائة.
(وأما قولهم: هذه الألف درهم فلا يشهد ذلك بتأنيث الألف لأن الإشارة وقعت على الدراهم).
هذا كلام ناشى من قلة التدبر، فإنه عين ما منعه، لأن تأنيثه بتأويله بالدراهم؛ لأن الإشارة وإن كانت إليها، لكن من حيث إنها مدلول هذا اللفظ.
ونظير هذا ما قالوه في تذكير الإشارة في قوله تعالى: {هذا ربي} [الأنعام: 78]: إنه إشارة إل الجزم، ولذا ذكره، وقد قالوا فيه ما قالوا.
فإن أردته فانظر إلى "حواشينا على القاضي".