الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[54]- تفل وثفل
ويقولون: ثفل في عينه بثاء معجمة بثلاث. فيصحفون فيه لأن المنقول عن العرب تفل بإعجام اثنتين من فوق. وحكي «الفراء» عن «الكسائي» أن العرب تقول: تفل في عيني. ونفث. فالتفل ما صحبه شيء من الريق، والنفث النفخ بلا ريق، ومنه قوله صلى الله عليه وسلم:«إن روح القدس نفث في روعي أن نفساً لن تموت حتى تستكمل رزقها فاتقوا الله وأجملوا في الطلب» ونظير هذا التصحيف قولهم في الفرصاد توث بالثاء المعجمة بثلاث كما قال بعضهم:
(لروضة من رياض الحزن أو طرف
…
من القرية حزن غير محروث)
ــ
(فالتفل ما صحبه شيء من الريق، والنفث والنفخ بلا ريق) هنا قول لبعض اللغويين، وخالفهم آخرون، وفي تفسير «البيضاوي» في قوله {من شر النفاثات} النفث النفخ مع ريق. (ونظير هذا التصحيف قولهم في الفرصاد: توث بالثاء المعجمة بثلاث). جعل المثلثة تصحيفا وصحح أنه بالمثناة، قال «ابن بري»: حكي «أبو حنيفة الدينوري» أنه بالتاء والثاء، والثاء من كلام الفرس، والمثناة من كلام العرب، وفي
(أحلى وأشهى لعيني إن مررت به
…
من كرخ بغداد ذي الرمان والتوت)
والصحيح بالتاء المعجمة باثنتين من فوق. وعند بعض أهل اللغة أن الفرصاد اسم للثمرة والتوت اسم للشجرة. ونقيض هذين التصحيفين قولهم: يتفل ما يعصر: تجيء بإعجام اثنتين من فوق، وهو بالثاء المعجمة بثلاث، وقولهم أيضا للوعل المسن تيتل بتائين تكتنفان الياء كلتاهما معجمة باثنتين من فوق، وهو في كلام العرب [الثيتل] بإعجام الأول منهما بثلاث. فأما قول الشاعر:
(وعدت فكان الخلق منك سجية
…
مواعيد عرقوب أخاه بيثرب)
فأكثر الرواة يروونه بيثرب ويعنون به المدينة. وأنكر ابن الكلبي ذلك وحقق أن الرواية بيترب بالتاء المعجمة باثنتين من فوق وهو موضع يقرب من اليمامة ويتاخم منازل العمالقة واحتج في ذلك بأن «عرقوبا» كان من العمالقة الذين لم ينزلوا المدينة.
ــ
شرح «أدب الكتاب» أنهما لغتان وفي كتاب «المعربات» أن «أبا حنيفة» قال: لم أسمع أحداً بقوله بالمثناة، وأنشد الشعر المذكور وهو «لمحبوب النهشلي» كما صححه الرواة وتمامه هكذا:
(لروضة من رياض الحزن أو طرف
…
من القرية حزن غير محروث)
(للنور فيه إذا حج الندى أرج
…
يشفي الصداع ويشفي داء ممغوث)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
(أحلى وأشهى لعيني إن مررت به
…
من كرخ بغداد ذي الرمان والتوث)
(والليل نصفان نصف للهموم فما
…
أقصى الرقاد ونصف للبراغيث)
(أبيت حيث تساميني أوائلها
…
أنزو وأخلط تسبيحا بتغويث)
(سود مدالج في الظلماء مؤذنة
…
وليس ملتمس منها بمبثوث)
وروى بدل قوله لعيني: لقلبي. والحزن بفتح الحاء المهملة ضد السهل، والكرخ محلة معروفة بغداد و «المؤذنة» بضم الميم يليها همزة ساكنة قال «ابن المكرم» هو القصير، وبغير همز الذي يولد ضاويا نحيفاً. فأما قول الشاعر:
(وعدت وكان الخلف منك سجية
…
مواعيد «عرقوب» أخاه بيثرب)
فأكثر الرواة يروونه بيثرب ويعنون بها المدينة وأنكر «ابن الكلبي» ذلك وحقق أن الرواية بيترب بتاء معجمة باثنتين من فوق وهو موضع بقرب اليمامة يتاخم منازل العمالقة واحتج لذلك بأن «عرقوباً» كان من العمالقة الذين لم ينزلوا المدينة). «عرقوب» يضرب به المثل في خلف المواعيد وقصته مشهورة وهو رجل من العمالقة وهو «عرقوب بن زهير» أحد بني عبد شمس بن ثعلبة، أو «عرقوب بن صخر» المكنى «بأبي مرجب» على اختلاف فيه. قال الحافظ «أبو الخطاب» سميت المدينة يثرب باسم الذي نزلها من العماليق وهو «يثرب بن عبيد» ويروى البيت «لعلقمة الأشجعي» وروي «وكان» بالواو والفاء.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وقال «ابن دريد» : اختلفوا في «عرقوب» فقيل: إنه من الأوس، فيصح على هذا أن يكون «يثرب» في الشعر بالمثلثة والراء مكسورة، وقيل: من العماليق فيكون «يترب» بالمثناة والراء؛ لأن العماليق كانت ديارهم من اليمامة إلى «وبار» و «يترب» هناك. قال: وكانت العماليق أيضاً بالمدينة. ففي البيت روايتان. أقول: قد ثبت أن الأنصار من العمالقة وأصلهم من اليمن بغير شك، فلا وجه للتردد بما ذكر، وإنما الكلام في قصة «عرقوب» هل كانت باليمن أم لا؟ فالذي ينبغي أن يصحح هو هذا. وكره النبي صلى الله عليه وسلم تسمية المدينة بيثرب لأنه من التثريب وهو التقريع والتبكيت، قال تعالى:{لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ} ، وأما قوله {يَا أَهْلَ يَثْرِبَ} فحكاية عمن قاله من المنافقين، كما نبه عليه «ابن هشام» فلا يقدح في الكراهة. وقيل كره لأنه اسم رجل جاهل، وقوله: يتاخم مضارع تاخم بتاء مثناة فوقية وخاء معجمة، بمعنى يلاصقها ويقرب من حدودها.