الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[67]- ها هو ذا لا هوذا
ويقولون: هوذا يفعل وهوذا يصنع. وهو خطأ فأحش ولحن شنيع والصواب فيه أن يقال: ها هوذا يفعل، وكأن أصل القول هو هذا يفعل، فنزع حرف التنبيه الذي هو ها من اسم الإشارة الذي هوذا، وصدر في الكلام وأقحم بينهما الضمير، ويسمى هذا التقريب، إلا أنه إذا قيل: ها هوذا كتب حرف التنبيه بإثبات الألف لئلا يبقى على حرف واحد.
والعرب تكثر الإشارة والتنبيه فيما يقصد به التفخيم، وفيما رواه النحويون أن غلامًا مر "بصفية بنت عبد المطلب"، فقال لها أين "الزبير"؟ قالت: وما
ــ
(ويقولون: هوذا يفعل، وهوذا يصنع، وهو خطأ فاحش ولحن شنيع، والصواب أن يقال فيه: ها هوذا يفعل، وكان أصل القول هو هذا).
هو مما تبع فيه "ابن الأنباري" في كتابه "الزاهر" وهو سفساف القول وضرب من الهذيان والفضول؛ فإن هو مبتدأ وذا مبتدأ ثان خبره الجملة بعده، ويصح أن يكون ذا اسمًا موصولاً وإعرابه ظاهر وصحته كذلك، ونحوه قول "العجاج":
(فهوذا فقد رجا الناس الغير
…
من أمرهم على يديك والثؤر)
وفي الحديث الشريف "هوذاكم" وفي شرح "التسهيل": إذا اجتمع اسم الإشارة وغيره يجعل اسم الإشارة مبتدأ وغيره خبرًا، فيقال: هذا القائم وهذا زيد؛ لأن العرب اعتنت بمكان التنبيه والإشارة فقدمته، ولا يجوز أن يجعل خبرًا إلا مع المضمر؛ فإن الأفصح فيه أن يقدم فيقال: ها أناذا، ويجوز أيضًا: هذا أنا. وفي كتاب "الزاهر": إنما يجعلون
تريد منه؟ قال: أريد أن أباظشه، فقالت له: ها هو ذاك، فصار إليه فباطشه فغلبه "الزبير"، فرجع الغلام مفلولاً، فلما مر "بصفية" قالت له:
(كيف رأيت "زبيرًا"؟ أأقطًا
…
أو تمرًا أم قرشيًا صقرًا؟ )
أرادت أوجدته طعامًا تأكله أم صقرًا يأكلك؟
ــ
المكنى بين ها وذا إذا قربوا الخبر فيقولون: ها أنا ذا ألقى فلانًا، أي قد قرب لقائي إياه، وقد سماه الكوفيون تقريبًا.
وفي أصول "ابن السراج" لا يجوز هذا هو وهذا أنت وهذا أنا، لأنك لا تشير لإنسان غيرك ولا إلى نفسك إلا إذا قصد التمثيل، أي هذا يقوم مقامك ويغني غناءك، فعلى هذا يجوز هذا أنت وهذا أنا، أي هذا مثلك وهذا مثلي، فإن هذا هو بمنزلة قولك: هذا عبد الله وما أشبهه؛ لأنك قد تكون في حديث إنسان فيسألك المخاطب عن صاحب القصة من هو؟ فتقول: هذا هو، وقال قوم: إن كلام العرب أن يجعلوا هذه الأسماء المكنية بين ها وذا، وينصبون أخبارهم فيقولون: ها هوذا] قائمًا وها أناذا جالسا.
(وهذا يسمى التقريب) وهذا هو منشأ ما قال "ابن الأنباري"، والمصنف لم يقف على المراد منه فليحرر، فإن ما قاله ليس بشيء ينبغي أن يذكر.