الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[126]- قولهم: هاتا بمعنى أعطيا
ويقولون للاثنين: هاتا بمعنى أعطيا، فيخطئون فيه لأن هاتا اسم للإشارة إلى المؤنثة الحاضرة، وعليه قول "عمران بن حطان":
(وليس لعيشنا هذا مهاة
…
وليست دارنا هاتا بدار)
(وإن قلنا لعل بها قرارًا
…
فما فيها لحي من قرار)
والصواب أن يقال لهما: هاتيا بكسر التاء، لأن العرب تقول للواحد المذكور: هات بكسر التاء، وللجمع: هاتوا. كما تقول العامة: هاتم، والدليل عليه قوله تعالى:{قل هاتوا برهانكم} . وتقول للمؤنثة: هاتي، ولجماعة الإناث:
ــ
(ومن ملح العرب أن رجلًا قال لأعرابي: هات، فقال: والله ما أهاتيك أي ما أعطيك).
قالوا: لم يسمع من هذا إلا الأمر، وقال "الفراء": ليس في كلامهم هاتيت، وإنما هو في كلام أهل الحيرة، ولا يقال: لا تهات ولا مهاتاة ولا غير ذلك، وقد لحنوا أيضًا ففتحوا تاءه ووقع هذا في شعر أرسله بعض الأدباء إلى "ابن نباتة" فقال في جوابه معترضًا:
(هات قل لي إذا لحنت من السكـ
…
ـر ولا تلحني إذا قلت هاته)
(وليس لمشينا هذا مهاه
…
وليت دارنا هاتا بدار)
المهاه: خفض العيش، يقال: مههت، ومه الإبل رفق بها وسير مهه ومهاه، والمهاه أيضًا الطراوة والحسن، ومهاه بهاءين رواه "ثعلب"، وأكثر العلماء و"المبرد" يثبتون الهاء وصلًا فيقولون: مهاه، ووزنه فعال ومعناه اللمعان والصفاء.
هاتين، وتقول للاثنين من المذكر والمؤنث: هاتيا من غير أن يفرقوا في الأمر لهما، كما لم يفرقوا بينهما في ضمير المثنى في مثل قولك: غلامهما وضربهما، ولا في علامة التثنية التي في قولك: الزيدان والهندان، وكان الأصل في هات آت المأخوذ من أتى أي أعط، قلبت الهمزة هاء كما قلبت في أرقت الماء وفي إياك، فقيل: هرقت وهياك.
وفي ملح العرب أن رجلا قال لأعرابي: هات، فقال: والله ما أهاتيك أي ما أعطيك
…
ــ
و"الأصمعي" يقول: مهاة كحصاة، وتقديرها فعلة عنده، [وأصلها مهوة أي صفاء ورونق، ولامها واو] وهي مقلوب الماء بحسب الأصل، على أنهم قد استعملوا فعل الماء على هذا القلب، ويقال: أمهاه على حجره أي حدده وسقاه ماء، والأصل أماهه فقلب، ووزنه فعلة، ومنه موهت عليه أي جعلت للحديث لديه رونقًا.
ويقال: حفر البئر حتى أمهاه في لغة، وفي الأخرى حتى أمامه فمعنى البيت: أن هذا الدار ليس لها بقاء ولا لعيشها رونق وصفاء، وعلى المعنى الآخر يقول: إنها ليست دار قرار ولا لعيشها خفض مع ما يشوبه من الأكدار، ويروي:
(وليست دارنا الدنيا بدار)
ومن رواة مهاة بالتاء ففي ليس ضمير الشأن، وذكر أو مهاة اسم ليس، للفصل أو لأنه غير مؤنث حقيقي، وأيضًا فتذكير ليس مع الاسم المؤنث أسهل من تذكير سواها في الأفعال، إذ لم تتصل اتصال غيرها من الأفعال بما أسندت إليه من المؤنث من جهة أنك لو حدفتها استقل ما بعدها بخلاف نحو: ضرب هند زيدًا، ومن روى مهاة لا يتكلف ذلك كما قاله "ابن هشام" في تذكرته.