الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[167]- قولهم لفم المزادة: عزلة
ويقولون لفم المزادة: عزلة، وهي في كلام العرب عزلاء وجمعها عزالى، ومنه قوله الشاعر:
(سقاها من الوسمي كل مجلجلٍ
…
سكوب العزالي صادق البرق والرعد)
فأما قول "ابن الأعرابي" في خبر الاستسقاء:
(دقاق العزائل جم البعـ
…
ـاق أغاث به الله عليا مضر)
فإنه جاء على القلب كما جاء في التنزيل: {على شفا جرف هار} [التوبة: 109] أي هائر، فأخر القلب.
ــ
(ويقولون لفم المزادة: عزلة وهي في كلام العرب عزلاء وجمعها عزالى).
هذا مما لا شبهة فيه، إلا أن أحداً لم يقله سواه، فلذا قصد إظهار سعة عمله. قال العلامة "الزخشري": كأنها في الأصل صفة وهي تأنيث الأعزل، شبهت بالذنب الأعزل وهو المائل في شق كما قال "امرؤ القيس":
بضاف فويق الأرض ليس بأعزل
والجمع عزالى بكسر اللام وفتحها، وبه تشبه مخارج الودق من السحاب فيستعار لها كما في قول بعض الأعراب:
(فأسقاها فرواها بودق
…
مخارجه كأفواه المزاد)
فجاء هذا بتفسير العزالى، ومنه علم معنى الشعر الذي أنشده المصنف. وأشار إليه
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
بقوله (ومنه قول الشاعر: سقاها من الوسمي .... ).
ثم قال: (فأما قول الأعرابي في خبر الاستسقاء:
(دقاق العزائل جم البعاق
…
أغاث به الله عليا مضر)
الخبر المذكور هو ما رواه "البيهقي" في "أعلام النبوة" عن "هشام بن عروة" عن أبيه عن "عائشة" رضي الله عنها أنها قالت: جاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يشكو القحط-: أتيناك يا رسول الله ولم يبق لنا جمل يئط ولا صبي يصيح، ثم أنشد:
(أتيناك والعذراء تدمى لثاتها
…
وقد شغلت أم الصبي عن الطفل)
في أبيات أخر معه. فقام صلى الله عليه وسلم يجر رداءه حتى رقي المنبر، فحمد الله وأثنى عليه، ثم رفع نحوه السماء يديه، فقال:"اللهم اسقنا غيثاً مغيثاً مريئاً سحا سجالا غدقاً طبقا ديما درراً عاجلاً غير رائث نافعاً غير ضار ينبت به الزرع ويملأ به الضرع وتحيى به الأرض بعد موتها".
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
قالت "عائشة": فوالله ما رد رسول الله صلى الله عليه وسلم يديه نحو نحره حتى ألقت السماء بأرواقها، وجاءه أهل البطنان يصيحون إليه: يا رسول الله، الغرق الغرق، فأومأ بطرفه إلى السماء وضحك حتى بدت نواجذه، ثم قال: اللهم حوالينا ولا علينا، فانجاب السحاب عن المدينة حتى أحدق بها كالإكليل، ثم قام رجل من "كنانة" فأنشده:
(لك الحمد والحمد ممن شكر
…
سقينا بوجه النبي المطر)
(دعا الله خالقه دعوة
…
إليه وأشخص منه البصر)
(فما كان إلا كما ساعة
…
وأسرع حتى رأينا الدرر)
(دقاق العزائل جم البعاق
…
أغاث به الله عليا مضر)
(به يسر الله صوب الغمام
…
فهذا العيان كذاك الأثر)
(فمن يشكر الله يلق المزيد
…
ومن يكفر الله يلق الغير)
فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اجلس فإن يك شاعر أحسن فقد أحسنت اهـ.
وفي "النهاية لابن الأثير" العزائل أصله العزالي مثل الشائك والشاكي، والعزالي جمع عزلاء، وهي فم المزادة الأسفل، شبه اتساع المطر واندفاعه بالذي يخرج من فم المزادة، ومنه الحديث "فأرسلت السماء عزاليها".اهـ.
[والبعاق كغراب بموحدة وعين مهملة وألف وقاف: المطر واندفاعه].
والجم: الكثير، ومضر: قريش معروفة، وعليا بالضم والقصر أعلاها.