الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(194) قولهم أشرف على الإياس
.
ويقولون: أشرف فلان على الإياس من طلبه، فيوهمون فيه كما وهم "أبو سعيد السكري" وكان من رحلة النحويين وأعلام العلماء المذكورين فقال: إنه إياساً سمن بالمصدر من أيس، وليس كذلك، وفي الكلام أنه يقال: أشرف على اليأس، لأنه أصل الفعل من يئس على وزن فعل. كما قال تعالى:{قد يئسوا من الآخرة كما يئس الكفار من أصحاب القبور"} .
ــ
(ويقوون: أشرف فلان على الإياس من طلبه فيوهمون فيه). قال "أبو علي" في كتاب "الحجة": أيس مقلوب من يئس ييأس، وهو الأصل؛ لأنا لا نعلم المصدر جاء إلا على تقديم الياء نحو قوله: من يأسة اليائس أو حذارا. فأما "إياس" علم رجل فليس مصدر أيس، ولو كان كذلك كان من باب جذب وجبيذ، في أن كل واحد منهما أصل على حدة بلا قلب، وإياس مصدر أستة أأوسه أوسا إذا أعطيته، وإياس كقيام، ويسمى بإياس وأوس كما سموا بعطاء وعطية ومنه قول "النابغة":
(وكان الإله هو المستآسا)
فأما قولهم: أيس بتقديم الهمزة فإنه مقلوب من يئس، واستدل شيخنا "أبو القاسم" على صحة ذلك بأن لفظة يئس تساوي لفظة اليأس الذي هو الأصل في نظم الصيغة ونس الحروف لكون الياء مبدوءا بها فيهما، والهمزة مثنى بها بخلاف العلة حكم على لفظة أيس بأنها مقلوبة من يئس. والمقلوب لا يتصرف تصرف الأصل ولا يكون له مصدر، وأما إياس فهو عند المحققين مصدر أسته أي: أعطيته، والاسم منه الأوس الذي اشتقت منه الموساة، فكأنهم سموا "إياساً" بمعنى تسميتهم عطاء. قال الشيخ "أبو القاسم" الفضل النحوي رحمه الله: فأما قولهم: جذب وجبذ فليست هاتان اللفظتان عند المحققين من النحويين من قبيل المقلوب كما ذكر أهل اللغة، بل هما لغتان، وكل واحدة منهما أصل في نفسها،
ــ
وهو مستفعل من العطاء [أي يسأل أن يعطي] وأما الأسوة فمن أسوت الجرح إذا داويته. اهـ .. وقال "ابن السكيت" أيس يأساً ويئس يأساً مصدرهما واحد، وأما "ابن القويطة" فقال: أيس من الشيء يأسا وإياساً فهو آيس. وفي قول المصنف (والاسم منه الأوس) نظر. وقوله: (اشتقوا منه المواساة) فيه أن [مادة] أوس من الأجوف، والمواساة معتلة اللام فهما أصلان مختلفان فكيف يشتق أحدهما من الآخر؟ وأيضاً المواساة بالواو، وإن
ولهذا اشتق لكل منهما مصدر من لفظة فقيل في مصدر جبذ كما قيل في مصدر جذب جذب. زمما يوهمون فيه أيضاً من شجون هذه اللفظة قولهم للقانط هو مؤيس من الشيء، والصواب أنه يقال فيه: يائس منه أو أيس، والأصل فيه يائس، ومنه قول "مقرون بن عمر الشيباني":
(فما أنا من ريب المنون بجباً
…
وما أنا من سيب الأله بيائس)
فأما المؤيس فهو الذي عرضه لليأس وألجئ إليه.
ــ
جوزت على قلة خطأ عند المصنف فالصواب المؤاساة بالهمز، وقاعدة القلب التي قررها مما فصل في كتب الصرف. [وقولهم للقانط: مؤيس ليس بخطأ كما زعمه المصنف؛ لأن الله ألجأه إلى ذلك، فبهذا الاعتبار يصح. وجبأ كشكر مشدد الباء مهموز بمعنى جبان].