الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[89]- قولهم في دستور بفتح الدال
ويقولون دستور بفتح الدال. وقياس كلام العرب فيه أن يقال بضم الدال كما يقال بهلول وعرقوب وخرطوم وجمهور ونظائرها، مما جاء على فعلول. إذ لم يجئ في كلامهم فعلول بفتح الفاء إلا صعفوق وهو اسم قبيلة باليمامة قال فيهم (العجاج):
من آل صعفوق وأتباع أخر ....
ويشاكل هذا الوهم قولهم: أطروش بفتح الهمزة والصواب ضمها. كما يقال: اسكوب وأسلوب، على أن الطرش لم يسمع في كلام العرب العرباء، ولا تضمنته أشعار فحول الشعراء [الأدباء].
ونقيض هذه الأوهام قولهم لما يلعق: لعوق ولما يستف: سفوف ولما يمص: مصوص، فيضمون أوائل هذه ألسماء وهي مفتوحة في كلام العرب كما يقال برود وسعوط وغسول.
ومما يشاكل هذا قولهم: تلميذ وطنجير وبرطيل وجرجير بفتح أوائلها وهي على قياس كلام العرب بالكسر إذ لم تنطق في هذا المثال إلا بفعليل بكسر الفاء كما قالوا: صنديد وقطمير وغطريف ومنديل.
ــ
(ويقولون دستور بفتح الدال. وقياس كلام العرب فيه أن يقال بضم الدال كما يقال بهلول وعرقوب وخرطوم)
الدستور كما في (القاموس) دفتر يكتب فيه أسماء الجند والمرتزقة، ويستعمل بمعنى الاستئذان وقيل: إنه أصل معناه في الفارسية، وفي (الطلبة) للنسفي: الإذن فارسيته (دستوري وادن).
ذكر (ثعلب) في بعض أماليه إن قول الكتاب لكيس الحساب: تليسة بفتح التاء مما وهموا فيه، وأن الصواب كسرها، كما يقال سكينة وعريسة. وعلى مقاد هذه القضية يجب أن يقال في اسم المرأة (بلقيس) بكسر الباء كما قالوا في تعريف (برجيس) وهو اسم النجم المعروف بالمشتري (برجيس) بكسر الباء لأن كل ما يعرب يلحق بنظائره في أمثلة العرب وأوزان اللغة.
وعلى ذكر (بلقيس) فإني قرأت في أخبار (سيف الدولة ابن حمدان) أنه لما امتدحه الخالديان بعث إليهما وصيفاً ووصيفة ومع كل منهما بذرة وتخت من ثياب مصر والشام فكتبا إليه في الجواب:
(لم يغد شكرك في الخلائق مطلقا
…
إلا ومالك في النوال حبيس)
(خولتنا بدراً وشمساً أشرقت
…
بهما لدينا الظلمة الحنديس)
(رشأ أتانا وهو حسناً يوسف .. وغزالة هي بهجة بلقيس)
(هذا ولم تقنع بذاك وهذه
…
حتى بعثت المال وهو نفيس)
(أتت الوصيفة وهي تحمل بدرة
…
وأتى على ظهر الوصيف الكيس)
ــ
وفي حواشي (المطالع الشريفية): الدستور بضم الدال فارسي معرب ومعناه الوزير الكبير الذي يرجع إليه في الأمور، وأصله الدفتر الذي يجمع فيه قوانين المالك وضوابطه، فسمي به الوزير، لأن ما فيه معلوم له، أو لأنه مثله في الرجوع إليه، أو لأنه في يده، أو لأنه لا يفتح إلا عنده.
(وكوتنا مما أجادت حوكه
…
مصر وزادت حسنه بتيس)
(فغدا لنا من جودك المأكول
…
والمشروب والمنكوح والملبوس)
فلما قرأها (سيف الدولة) قال: لقد أحسنا إلا في لفظة المنكوح إذ ليست مما يخاطب بها الملوك وهذا من بدائع نقده المليح وشواهد ذكائه الصريح:
ــ
وقد قيل: إنه في الأصل مفتوح وضم لما عرب، فعلى هذا لا يكون الفتح خطأ نظراً لأصله، لأن العرب لم تعربه قديماً حتى ينسخ أصله بالكلية لاندراجه باستعمالهم في عداد الأسماء العربية، وقد قال (ابن بري): ظاهر كلامه يقتضي أن جميع ما عربته العرب من كلام العجم لا بد من إلحاقه بكلامهم، وليس كذلك، وسيأتي تفصيله- إن شاء الله تعالى-.
(لم يجئ في كلامهم فعلول بفتح الفاء إلا قولهم: صعفوق وهو اسم قبيلة باليمامة).
هذا مما تبع فيه (الجوهري) وليس بصحيح عندهم. قال في شرح (الفصيح): ليس لنا فعلول بالفتح إلا صعفوق قوم باليمامة، وزنوق وهو ما يبني على البئر، وبرشوم لنخلة، وصندوق في لغة، وحكي ضمه أيضاً، وزيد قربوس السرج بسكون الراء، فإنه لغة فيه ضرورة كما قيل، وعصفور في لغة حكاها (ابن رشيق) والمشهور فيه الضم و (سحنون) علم مشهور، وإن احتمل فعلول أيضاً إلا أن الأول اختاره (القاموس)، واعترض على المصنف بأن كلامه يقتضي أن صعفوقاً عربي وليس كذلك. وقد صرح (الجوهري) بأنه غير منصرف للعلمية والعجمة، وقول (الجوهري) لم يجئ على فعلول شئ غيره، أراد في الكلام مطلقاً ولو معرباً من العجمية، وفيه ما مر، وأما خرنوب فالفصيح فيه الضم أو التشديد مع حذف النون، وإنما يفتحه العامة. وقول (ابن الحاجب) في (الشافية): لندور فعلول
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
نوقش، وأغرب منه قول الشارح، لو قال: لعدم فعلول كان أولى، وبقي فيه أسئلة وأجوبة في شرح (الشافية) تركناها خوف الملل.
قال: ( ............. من آل صعفوق وأتباع أخر ............. )
هو من أرجوزة (للعجاج)، وقبله:
(فهو ذا فقد رجا الناس الغير
…
من أمرهم على يديل والتنؤر)
من آل صعفوق وأتباع أخر
يخاطب (عمر بن عبيد الله بن معمر) أى الأمر هذا الذي ذكرته من مدحي لعمر، والغير:[تغير] الأمور، ولهذا أطلقت على نوائب الدهر وحوادثه، أى تغيرت الأمور بإمارتك من الفساد إلى الصلاح، والثؤر بضم ففتح: جمع ثؤرة وهي الثأر والانتقام من الجاني، أي قد الم الناس إن تثار بمن قتلت الخوارج من المسلمين.
(أطروش بفتح الهمزة والصواب ضمها. كما يقال: أسكوب وأسلوب، على أن الطرش لم يسمع في كلام العرب العرباء).
قال أهل اللغة: الطرش بزنة الصمم وبمعناه مولد، وليس بعربي محض، ولم يرد في كلام فصيح، وقيل: إنه أصل الصمم، وقيل أقدم. وتصريف الصيغ منه لكنه عامية قبيحة، وقيل: إنه معرب، ونقل (الأنصاري) عن بعض أهل اللغة أنه عربي محض، وفي (المعرب): الطرش الصمم، وقد طرش من باب لبس، ورجل أطروش به وقر ورجال طرش. اهـ.
وأسكوب بمعنى مسكوب أو منسكب، والأسلوب بالضم طريق ممتد، وأساليب الكلام طرقه استعاره منه.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
(ونقيض هذه الأوهام قولهم لما يلعق: لعوق ولما يستف: سفوف ولما يمص: مصوص، فيضمون أوائل هذه ألسماء وهي مفتوحة)
إشارة إلى ما قاله "الثعلبى" وغيره من أئمة اللغة: إن أسماء الأشياء التي يعالج بها ويتداوى قد بنتها العرب على فعلول بالفتح، والضم فيها خطأ. والرود بفتح الباء وضم الراء وآخره دال مهملة: الكحل وتمثيله لفعليل بمنديل بناء على أصالة الميم فيه والصحيح خلافه.
(وقول الكتاب لكيس الحساب: تليسة بفتح التاء مما وهموا فيه، وأن الصواب كسرها، كما يقال سكينة وعريسة).
تليسة بكسر الياء المثناة من فوق واللام المشددة المكسور تليها سين مهملة الكيس الذي يوضع فية الدفاتر، وظاهر قول الكتاب أنه لم يسمع من العرب إلا أن صاحب "القاموس" ذكره من غير تردد فيه، والعاملة تستعمله بمعنى الغرارة، وسكينة بالتاء لغة من سكين، وهى الآلة المعروفة، والعريسة بمهملات مأوى الأسد ومحله.
والخالديان أخوان معروفان، وما ذكره من القصيدة مذكور في "اليتيمة".
("وتنيس" بكسر التاء بلدة قريبة من "دمياط").