الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[101]- متى يستعمل الفعل «أخطأ»
؟
ويقولون لمن يأتي الذنب متعمداً: أخطأ، فيحرفون اللفظ والمعنى، لأنه لا يقال: أخطأ إلا لمن لم يتعمد الفعل، أو لمن اجتهد فلم يوافق الصواب، وإياه عني صلى الله عليه وسلم بقوله:«إذا اجتهد الحاكم فأخطأ فله أجر» ، وإنما وجب له الأجر عن اجتهاده في إصابة الحق الذي هو نوع من أنواع العبادة، لا عن الخطأ الذي يكفي صاحبة أن يعذر فيه ويرفع مأثمه عنه، والفاعل من هذا النوع مخطي، والاسم منه الخطأ، ومنه قوله تعالى:{وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمناً إلا خطأ} .
ــ
(ويقولون لمن يأتي الذنب معتمداً: وقد أخطأ فيحرقون اللفظ والمعنى، لأنه لا يقال أخطأ إلا لمن لم يتعمد الفعل أو لمن اجتهد فلم يوافق الصواب).
حاصل الفرق أنه يقال لمن لا يتعمد الخطأ: أخطأ فهو مخطى والاسم منه الخطأ، ولمن تعمد: خطي فهو خاطي والمصدر الخطء بكسر الخاء وسكون الطاء قبل الهمزة.
وقال «ابن بري» : روي هذا «ابن قتيبة» ثم عقبة برواية اتفاق خطي وأخطأ في المعنى، وكذلك جمهور الرواة المفرقين بينهما عقبوا التفرقة برواية التسوية، وفي «الإصلاح» قال «أبو عبيدة» خطي وأخطأ لغتان، وأنشد «لامري القيس»:
(يا لهف هند إذ خطئن كاهلاً
…
)
[قال: أي أخطأن]، وفي المثل:«مع الخواطي سهم صائب» وقال «الأزهري» :
فأما المتعمد الشيء فيقال فيه: خطي فهو خاطي، والاسم منه الخطيئة والمصدر الخطء بكسر الخاء وإسكان الطاء، كما قال تعالى:{إن قتلهم كان خطئاً كبيرا} .
قال الرئيس أبو محمد رحمة الله: ولي فيما انتظم هاتين اللفظتين واحتضن معنييهما المتنافيين:
(لا تخطون إلي خطء ولا خطأ
…
من بعد ما الشيب في فوديك قد وخطا)
(فأي عذر لمن شابت مفارقة
…
إذا جرى في ميادين الهوى وخطا؟ )
ــ
الخطيئة والخطأ الإثم، وفرق «ابن عرفة) بين خطي وأخطأ ولكن لا بالتعمد وعدمه، وذلك .. أنه قال: يقال خطي في دينه إذا أثم، وأخطأ إذا سلك سبيل خطأ عامداً أو غير عامد، ويقال: خطي بمعنى أخطأ، وأنشد قول «امريء القيس» السابق، وروي فيه: يا لهف هند ويا لهف نفسي. وإلي هذا الفرق نظر «الجوهري» حيث قال: الخطأ نقيض الصواب، يقال منه أخطأ، والخطء الذنب في قوله تعالى:{إن قتلهم كان خطئا كبيرا} أي إنما يقال: خطي، والاسم الخطيئة على وزن فعيلة، وإذا كانت الخطيئة الإثم فالعطف في قوله تعالى:{ومن يكسب خطيئة أو إثما} تفسيري. لكن المشهور فيه أنه يختص بالواو، كما في قوله تعالى:{إنما أشكو بي وحزني إلي الله} والمصحح لهذا النوع اختلاف اللفظ كما أنه مصحح لإضافة في مثل: جلمود صخر.
وقال «ابن مالك» أو أنيبت عن الواو في هذه الآية، ورده «ابن هشام» في شرح «بانت سعادة» وقال: يمكن أن يراد بالخطيئة ما وقع عمداً، وبه صرح في «عمدة الحفاظ» وأنشد المصنف له:
والخطيئة تقع على الصغيرة كما قال سبحانه إخبارا عن «إبراهيم» عليه السلام: {والذي أطمع أن يغفر لي خطيئتي يوم الدين} ، وتقع على الكبيرة كما قال تعالى:{بلى من كسب سيئة وأحاطت به خطيئته فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون}
ــ
(لا تخطون إلي خطء ولا خطأ
…
من بعد ما الشيب في فوديك قد وخطا)
(فأي عذر لمن ابت مفارقه
…
إذا جرى في ميادين الهوى وخطا)
(وعلى هذا المنوال قول «بن الفارض» في رباعيته: [نفعنا الله ببركاته]:
(لما نزل الشيب برأسي وخطا
…
العمر مع الشباب ولى وخطا)
(أصبحت بمر «سمرقند» وخطا
…
لا أفرق بين صواب وخطا)
[والخطيئة تقع على الصغيرة، كما قال سبحانه وتعالى عن إبراهيم عليه الصلاة والسلام: {والذي أطمع أن يغفر لي خطيئتي يوم الدين} وتقع على الكبيرة كما قال سبحانه وتعالى: {بلى من كسب سيئة وأحاطت به خطيئته فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون}].