الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[145]- قولهم: فلان يكدف
ويقولون: فلان يكدف بمعنى يستقل ما أعطي، والصواب فيه: يجدف بالجيم، لأن التجديف في اللغة استقلال النعمة وسترها، وبه فسر (لا تجدفوا بنعم الله تعالى).
ويماثل هذه اللفظة في إبدال جيمها كافًا قولهم لمن يكثر السؤال: مكد وأصله مجد لاشتقاقه من الاجتداء، وكان الأصل في المجدي المجتدي فأدغمت التاء في الدال، ثم ألقيت حركة الحرف المدغم على ما قبله كما فعل ذلك من قرأ {أمن لا يهدي إلا أن يهدي} والأصل فيه يهتدي.
ــ
(قولهم لمن يكثر السؤال: مكد وأصله مجد لاشتقاقه من الاجتداء).
قد تبع في هذا "ابن الأنباري" حيث قال في كتابه "الزاهر": كدا يكدي ليست بعربية وإنما يقال: جدا يجدي. قال الشاعر:
(يا ظالمًا متعدي
…
من المجدي يجدي)
فيقال: مجد ولا يقال: مكد. اهـ.
وقال "المعري": إن لغة قوم من العرب إبدال كل جيم كافًا إلا أنها غير فصيحة، ولذا قيل: ما ذكر على هذه اللغة وليس بخطأ كما زعمه "الحريري"، ولذا استعمله "الزمخشري" ونقل عنه: أن المكدي هو السائل ووقع في كلامهم كثيرًا، وهذا مما لا حاجة إليه؛ فإن الإمام "الراغب" قال في "مفرداته": الكدية صلابة في الأرض، يقال: حفر فأكدي، فاستعير ذلك للطالب المخفق والمعطي المقل، قال تعالى:{وأعطى قليلًا وأكدي} . اهـ.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ومما يتعجب منه قول بعض علماء العصر: إنه معرب وأصله "كدي كردن" وهو اصطلاح للفقهاء.
(وكأن الأصل في المجدي المجتدي فأدعمت التاء في الدال، ثم ألقيت حركة الحرف المدغم على ما قبله كما فعل ذلك من قرأ:{أمن لا يهدي إلا أن يهدي} والأصل فيه يهتدي".
قال "أبو علي الفارسي" في كتابه "الحجة": قرأ "ابن كثير" و"ابن عامر" يهدي مفتوحة الياء والهاء مشددة الدال، وقرأ "نافع" و"أبو عمرو" بإسكان الهاء وتشديد الدال، غير أن "أبا عمرو" كان يشم الهاء الفتح، وروى "ورش" عن "نافع" فتح الهاء كابن كثير، وسكنها "حمزة" و"الكسائي" إلا أنه خفف الدال، وعن "عاصم" بكسر الياء والهاء مشددة الدال، وعنه أيضًا كسر الهاء وفتح الياء، فمن قرأ "أم من لا يهدي" نسبهم إلى الزيغ عن الحق في معادلتهم الآلهة بالقديم. لسبحانه - والمعنى: أفمن يهدي غيره إلى طرق التوحيد والحق أحق أن يتبع أم من لا يهتدي هو إلا أن يهدي؟ أي أفمن يهدي غيره؟ فحذف المفعول، والكلام ينزل على أن هديت بمعنى اهتديت وإن لم يكن كذلك، لأنهم لما اتخذوها آلهة عبر عنها بما يعبر عن المعبود.
فأما من قرأ يهدي ويهدي في يهتدي فيقال: أدغم التاء في الدال لتقاربهما،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
واختلف في تحريكه، فمن قال: يهدي ألقى حركة الحرف المدغم وهي الفتحة على الهاء كما ألقاها على ما قبل المدغم في معد وممد فحرك الفاء بحركة العين.
ومن قال: يهدي حرك الفاء بالكسر لأن الكلمة عنده تشبه المنفصلة، نحو ضرب بكر، بدليل الأظهار في نحو: اقتتلوا، كما لم يلق في نحو: اسم موسى، فلو لم يجز إلقاء الحركة تركت الهاء على سكونها فالتقى ساكنان فحرك أولهما بالكسر، وأما عبشمس فشاذ لا نظير له، لأن الأعلام يجوز فيها ما لا يجوز في غيرها.
وأما من قال: يهدي بسكون الهاء وجمع الساكنين فقد تقدم توجيهه.
ومن كسر الهاء أتبعها لما بعدها، فإن قلت [ياء] المضارعة لا تكسر، ومن قال: تعلم لم يقل: يعلم، قلت: لم تكسر لذلك بل لمعنى آخر، وهو الإتباع كما كسرت في يبجل لتقلب الواو ياء هذا محصلة فتأمل.