الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مطلب مفيد
وقد نطقت العرب في عدة ألفاظ بالدال فقالوا لمدينة السلام: بغداد وبغداد، وللرجل المجرب: منجذ ومنجد، واللدواهي: القناذع والقنادع، وللضئيل الحقير الشخص: مذل ومدل، وللعنكبوت: الخذرنق والخدرنق، وللقنفذ: ابن انقذ وابن انقد، وللحمى: أم ملدم وملذم، فمن أعجمها فاشتقاقها من لذم به إذا اعتلق
ــ
والمضروب بهم المثل من القضاة: قاضي "منا" وقاضي "كسكر" وقاضي "أيدج" وقاضي "سكينة" وقاضي "جبول".
ثم ذكر عدة ألفاظ وردت بالدال والذال فقال: (قالوا لمدينة السلام بغداد وبغداذ) فيجوز فيه الإعجام والإهمال، وقد ذكر بعضهم التسمية به لأن "بغ" اسم صنم، و"داد" بمعنى عطية، وسميت به لأن خصيا أهدي لكسرى فأقطعه إياها، فقال الخصي: أعطانيها صنمي، ثم صار اسما لها فهو بمهملتين في الأصل. ولما ذكرناه غير المنصور اسمها وسماها مدينة السلام ودار السلام، لأن ما حوالي دجلة يسمى وادي السلام، أو تشبيها لها بالجنة أو تفاؤلا بسلامة أهلها، وقيل: إنه لم يمت داخلها خليفة مع أنها كانت مقرا للخلفاء. ومن اللطائف في حسن التعليل قول "ابن سميعة البغدادي" فيها:
(ود أهل الزوراء زورا
…
فلا يسكن ذو خبرة إلى ساكنيها)
(هي دار السلام لفظا فلا يبد
…
رجاء في غير ما قيل فيها)
به، ومن لم يعجمها فاشتقاقه من اللدم وهو ضرب الوجه حتى يحمار، ولما يجذف به الملاح: المحذاف والمجداف، ولضرب من مشي الخيل: الهيذبي والهيدبي، ولأيام الحر المعروفة بوقدات سهيل: المعتذلات والمعتدلات.
وذكر "المفضل بن سلمة الضبي، في كتاب "الطيب" أن من أسماء الزعفران: الجاذي والحادي.
ــ
وقلت أنا:
(إن بغداد جنة الأرض لكن
…
ساكنوها أخس قوم لئام)
(ليس فيها غير السلام لراج
…
ولذا سميت بدار السلام)
(وللرجل المجرب: منجد ومنجذ)
المنجذ بالإعجام من نواجذ الفم وهي أسنانه فهي في معنى قولهم: حنكته التجارب، وأما بالمهملة فمن النجدة.
(والقناذع): في الأصل العنكبوت استعيرت للدواهي.
(ومذل) كخذر له معان معروفة في اللغة، وهو من يضجر ومن لا يكتم سره. ولهذا الباب نظائر كثيرة.
(والخلق) بفتحتين معروف، و (الجديد) نعته أو خبر بعد خبر.
وما ذكره من (اذرى وادرى) ليس من هذا الباب لأن لكل منهما معنى على حدة،
وقالوا من الأفعال: ذففت على الجريح ودففت، أي أجهزن [عليه]، وخرذلت اللحم خردلته، أي قطعته وفرقته. واقذحر الرجل واقدحر إذا غضب وتهيأ للشر، وامذقر القوم وامدقروا إذا تفرقوا، واذرعفت الإبل وادرعفت إذا ندت، وجذف الطائر وجدف الطائر وجذف إذا أسرع تحريك جناحيه في طيرانه، وما دقت عذوقا ولا عدوقا إي ما ذقت شيئا، وقد قيل فيهما عذافا وعدافا، وقد استذف الشيء واستدف بمعنى اطرد واستتب.
إلا أن "عبد الرحمن بن عيسى الهمداني" نص في ألفاظه على أنه بالذال لمعجمة لاشتقاقه من الذفيف وهو السريع الحركة.
وحكى "أبو القاسم بن الحسن بن بشر الآمدي" مصنف كتاب "الموازنة بين الطائيين" قال: سألت "أبا بكر بن دريد" عن الكاغذ. فقال: يقال بالدال والذال والظاء المعجمة، وطابق "ثعلب" عليه.
ــ
كما في "الحواشي"، وقد يقال: إن مما يلتحم بهذا الفصل أي يتصل به، من اللحمة إشارة إلى ذلك
ويقال أيضا: جذ الحبل وجده أي قطعه، ومنه قوله تعالى:{عطاء غير مجذوذ} [هود: 108] ويقال: شيء جديد وجذيذ، ومن أبيات المعاني:
(أبى حبي سليمى أن يبيدا
…
وأمسى حبلها خلقا جديدا)
أي مقطوعا، ومما يلتحم بهذا الفصل قول الراجز:
(كيف تراني أذرى وأدرى)
فالأول بذال معجمة لأنه "افتعل" من ذريت تراب المعدن، والثاني بدال مهملة لأنه "افتعل" من دراه أي خلته. فيقول: كيف تراني أذري التراب وأختل مع ذلك هذه امرأة بالنظر إليها إذا غفلت؟ يقال: ذرته تذروه وتذريه.