المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[180]- قولهم الصيف ضيعت اللبن - شرح درة الغواص للشهاب الخفاجي

[الشهاب الخفاجي]

فهرس الكتاب

- ‌[1] (قولهم في سائر):

- ‌[2] (المتتابع والمتواتر)

- ‌[3] (معنى ازف الوقت)

- ‌[4] (إضافة أفعل التفضيل)

- ‌[5] (تغشرم وتغشمر)

- ‌[6] (اللتيا بفتح اللام لا بضمها)

- ‌[7] (والصواب يستحق لا يستأهل)

- ‌[8] (الفرق بين سهرنا وسرينا)

- ‌[9] (كلمات اتفق العرب على استعمالها)

- ‌[10] (استعمال قط وأبداً)

- ‌[11] يقال للمريض: مصح اف ما بك لا مسح

- ‌[12] آل حم وآل طس لا الحواميم والطواسين

- ‌[13] تعدية أدخل بالباء

- ‌[14] القول في مائدة وخوان

- ‌[15] في النسب إلى دواة

- ‌[16] قولهم: بعثت به وأرسلت إليه

- ‌[17] قولهم المشورة بوزن مفعلة خطا

- ‌[18] قولهم في التحذير بإياك

- ‌[19] قولهم ذهبت إلى عنده

- ‌[20] قولهم لمن تغير وجهه غضباً: تمغَّر

- ‌[21] استعمال اصفرَّ واحمرَّ واصفارَّ واحمارَّ

- ‌[22] اجتمع فلان وفلان لا مع فلان

- ‌[23] قل لقيتها وحدهما، ولا تقل: لقيتهما اثنيهما

- ‌[24] في الإخبار عن لعل بالفعل الماضي

- ‌[25] في التعجب من الألوان والعاهات

- ‌[26] وجوب تذكير كلمتي بطن وأنف

- ‌[27] حيازة لا إجازة

- ‌[28] الفرق بين الذاعر والداعر

- ‌من الكنايات المستحسنة:

- ‌مطلب مفيد

- ‌[29] هوش لا شوش

- ‌[30] الدعاء بقولهم: بلغك اف المأثور

- ‌[31] أضيف لا انضاف، وفسد لا انفسد

- ‌[32] صحة ضبط الأمر من بر وشم

- ‌[33] يقال، شر ولا يقال: أشر

- ‌[34] جمع ريح أرواح لا أرياح

- ‌[35]- صحة النطق في مدود ومسوس ومكرج

- ‌36 - غير لا تعرف بال

- ‌[37] قولهم في كبرى وصغرى

- ‌[38]- القول في تيامن وتشاءم

- ‌[39]- مشئوم لا مشوم

- ‌40 - سرداب بكسر السين لا بفتحها

- ‌[41]- تمييز كم الاستفهامية وكم الخبرية

- ‌[42]- القول في أرض جمع

- ‌[43]- الصواب حدث لا حدث

- ‌[44] هل تقع كلمة "نفر" تمييزا لعشرين وثلاثين

- ‌[45] صحة جمع "حاجة

- ‌[46]- شيء ثمين لا مثمن

- ‌[47] يقولون: هو قرابته والصواب ذو قرابته

- ‌[48]- صحة جمع رحى وقفا

- ‌[49]- جمع أوقية

- ‌[50]- اسم المفعول من صان

- ‌[51]- بين لا تضاف إلى مفرد

- ‌[52]- قل: بين بين، ولا تقل بين البينين

- ‌[53]- حكم مجيء إذ بعد بينا

- ‌[54]- تفل وثفل

- ‌[55]- قولهم: أزمعت المسير

- ‌56 - قولهم في أخدر، وحدر

- ‌[57]- جمع فم أفواه

- ‌[58]- صحة تصغير عقرب

- ‌[59]- النسب إلى دنيا

- ‌[60]- الفرق بين آليت والوت

- ‌[61]- الضبع لا الضبعة

- ‌[62]- أوهامهم في التاريخ

- ‌[63]- خرمش صوابها خربش

- ‌[64]- قولهم: ما رأيته من أمس ومنذ أمس

- ‌[65]- الفرق بين "تتابعت" وتتابعت

- ‌[66]- القسم بقولهم: وحق الملح

- ‌[67]- ها هو ذا لا هوذا

- ‌68 - تاعس لا متعوس

- ‌[69]- شعر ولا شعر

- ‌[70]- من أخطاء النسب

- ‌[71]- من أسماء الذهب

- ‌[72]- إدغام الحرف المضعف

- ‌[73]- قولهم للاثنين: ازددا

- ‌[74]- معنى نقل فلان رحله

- ‌[75] الفرق بين سائل وسأل

- ‌[76]- يوشك بكسر الشين لا بفتحها

- ‌[77]- خطأ كل من ثلجم وشلجم

- ‌[78]- الفيء والظل

- ‌[79]- تعريف العدد

- ‌[80]- صحة ضبط المنسوب إلي ملك

- ‌[81]- ساغ ولا انساغ

- ‌[82]- مثلوث لا مثلث

- ‌[83]- قمو لا قمى

- ‌[84]- رخل وليس رخلة

- ‌[85]- الرؤيا والرؤية

- ‌[86]- قولهم: قال فلان كيت وكيت

- ‌[87]- صحة ضبط مضارع ذخر

- ‌[88]- صحة تصغير مختار

- ‌[89]- قولهم في دستور بفتح الدال

- ‌90 - الإخبار عن كلا وكلتا

- ‌91 - أنت تكرم على لا تكرم على

- ‌92 - شغب بسكون العين لا بفتحها

- ‌[93]- سداد بالكسر لا بالفتح

- ‌نادرة لطيفة

- ‌[94]- الفرق بين رق ورك

- ‌[95]- هو معي لا عيان

- ‌[96]- أفراد الفعل مع الفاعل المثني والجمع

- ‌[97]- قولهم أحد حمي

- ‌[98]- قولهم: إلاه وإلاك

- ‌[99]- قولهم: هب أني فعلت

- ‌[100]- امرأة شكور وصبور

- ‌[101]- متى يستعمل الفعل «أخطأ»

- ‌[102]- الفرق بين نشب ونشم

- ‌[103]- وقولهم للأمر الغائب: يعتمد ذلك

- ‌[104]- المأصر بالكسر لا بالفتح

- ‌[105]- الوارد والصادر لا العكس

- ‌[106]- همزة الوصل لا تدخل على متحرك

- ‌[107]- تقول: استقبلت قافلة الحجاج لا ودعتها

- ‌[108]- تقول: هو أحسن إنصافً وليس أنصف منه

- ‌[109]- الفرق بين جنب واجنب

- ‌[110]- حذف ياء ثمان

- ‌[111]- قولهم: ابتعت عبداً وجارية أخرى

- ‌[112] صحة جمع بيضاء وسوداء

- ‌[113]- الطول والطوال

- ‌[114]- قولهم في نداء الأبوين

- ‌[115]- عيرته كذا لا بكذا

- ‌[116]- قولهم: ابدأ به أولا

- ‌[117]- سؤسن لا سوسن

- ‌[118]- مثل…جرى الوادي فطم على القليب

- ‌[119]- قولهم: طر شاربه

- ‌[120]- قولهم: ركض الفرس

- ‌[121]- قولهم حكني جسدي

- ‌[122] قولهم: سار ركاب السلطان

- ‌[123]- قولهم شطرنج بفتح الشين

- ‌فائدة

- ‌[124]- قولهم: سأل عنك الخير

- ‌[125]- قولهم: مطرمذ أو طرمذار

- ‌[126]- قولهم: هاتا بمعنى أعطيا

- ‌[127]- قولهم: رأيت الأمير وذويه

- ‌[128]- قولهم: الحوامل تطلقن

- ‌[129]- قولهم: شلت الشيء

- ‌[130]- القول في ها وهاء

- ‌[131]- قولهم: حسد حاسدك

- ‌132 - قولهم: أعطاه البشارة

- ‌[133]- قولهم: تفرقت الأهواء

- ‌[134]- قولهم تذكار بكسر التاء

- ‌[135]- الفرق بين أجلس واقعد

- ‌136 - قولهم: نعم من مدحت

- ‌[137]- قولهم: النسيان

- ‌[138]- قولهم: بين ظهرانيهم

- ‌[139]- قولهم: دخلت الشام

- ‌[140]- قولهم: قدم الحاج واحدًا واحدًا

- ‌[141]- قولهم لما يتعجل من الزروع، هرف

- ‌[142]- قولهم: أخ

- ‌[143]- قولهم في التأوه: أوه

- ‌[144]- قولهم: لقيته لقاة واحدة

- ‌[145]- قولهم: فلان يكدف

- ‌[146]- قولهم: بالرجل عنة

- ‌[147]- قولهم: صحفي

- ‌[148]- النسب إلى المركب

- ‌[149]- قولهم: غسلة بفتح الغين

- ‌[150]- قولهم: دابة لا تردف

- ‌[151]- اسم الآلة بكسر الميم لا بفتحها

- ‌[152]- قولهم: أعمل بحسب ذلك

- ‌[153]- قولهم: كثرت عيلة فلان

- ‌[154]- قولهم: فلان في رفهة

- ‌[155]- قولهم: ارتضع بلبنه

- ‌[156]- الفرق بين لدغ ولسع ونهش

- ‌[157]- قولهم: الحمد لله الذي كان كذا وكذا

- ‌[158]- قولهم: فلان شحاث

- ‌[159]- الفرق بين الفرث والسرجين

- ‌[160]- قولهم: جبة خلقة

- ‌[161]- قولهم: ثلاثة شهور وسبعة بحور

- ‌[162]- قولهم: معلول

- ‌[163]- قولهم: ما لي فيه منفوع ولا منفعة

- ‌[164]- قولهم للمريض: به سل

- ‌[165]- قولهم: حلا الشيء في صدري وبعيني

- ‌[166]- قولهم: مرايا في جمع مرآة

- ‌[167]- قولهم لفم المزادة: عزلة

- ‌[168]- قولهم: جاء القوم بأجمعهم

- ‌[169]- قولهم لمن انقطعت حجته: مقطع

- ‌[170]- قولهم: كلمته فاختلط

- ‌[171]- قولهم: الأسود والأبيض في الكناية عن العربي والعجمي

- ‌[172]- قولهم للمعرس: قد بنى بأهله

- ‌[173]- إمالة حتى ومتى

- ‌[174]- قولهم: قتله شر قتله بفتح القاف

- ‌[175]- إعراب أسماء الأعداد المرسلة

- ‌[176]- قولهم: ما أحسن لبس الفرس

- ‌[177]- قولهم: مائة ونيف بإسكان الياء

- ‌[178]- قولهم: هو يصبو عنه

- ‌[179]- قولهم، فعلته مجراك

- ‌[180]- قولهم الصيف ضيعت اللبن

- ‌[181]- قولهم: طرده السلطان

- ‌[182]- قولهم لما ينبت من الزرع بالمطر: بخس

- ‌[183]- قولهم: هاون وراوق

- ‌[184]- قولهم: شفعت الرسولين بثالث

- ‌[185]- قولهم للمدينة المشهورة: سامرا

- ‌[186]- قولهم لما يجمد من البرد: قريص

- ‌[187]- قولهم: قتله الحب

- ‌[188]- قولهم: ما يعرضك لهذا الأمر

- ‌[189]- قولهم: ما كان ذلك في حسابي

- ‌[190]- قولهم: تنوق في الشيء

- ‌[191]- قولهم للمخاطب: هم فعلت وهم خرجت

- ‌192 - قولهم قرضته بالمقراض وقصصته بالمقص

- ‌(193) قولهم في تصغير شيء وعين شوئ وعوينة:

- ‌(194) قولهم أشرف على الإياس

- ‌(195) قولهم: رزبطانة

- ‌(196) قولهم: جرح الرجل في ثديه

- ‌(197) قطع همزة الوصل في ابن وابنة واثنين واثنتين

- ‌(198) قولهم تجزت القصيدة

- ‌(199) جمع أسماء الأجناس

- ‌200 - الفرق بين نعم وبلى

- ‌[201]- الفرق بين مساء صباح مركبة ومضافة

- ‌[202]- الفرق بين الترجي والتمني

- ‌[203]- الفرق بين العَر والعُر

- ‌[204]- الفرق بين قولهم: بكم ثوبك مصبوغاً، ومصبوغ

- ‌[205]- الفرق بين لا رجل ولا رجل في الدار

- ‌[206]- الفرق بين مخوف ومخيف

- ‌[207] الفرق بين خلف وأخلف

- ‌[208]- الفرق بين (أو) و (أم) في الاستفهام

- ‌[209]- معنى بات فلان

- ‌[210]- معنى القينة

- ‌[211]- الراحلة اسم يقع على الجمل والناقة

- ‌[212]- البهيم لا يختص بالأسود

- ‌[213]- وهمهم: أن هوى لا يستعمل إلا في الهبوط

- ‌[214]- حذف الألف في بسم الله

- ‌[215]- حذف ألف ابن في كل موضع

- ‌[216]- حذف ألف «الرحمن»

- ‌فائدة:

- ‌[217]- فصل «ما» عما قبلها ووصلها

- ‌[218]- حذف نون «أن» مع لا

- ‌[219]- وصل (لا) بهل وبل وفصلها

- ‌[220]- ما يكتب بواو واحدة وما يكتب بواوين

- ‌[221]- كتابة الألف المقصورة

- ‌[222]- ما يجب أن يكتب موصولا

الفصل: ‌[180]- قولهم الصيف ضيعت اللبن

[180]- قولهم الصيف ضيعت اللبن

ويقولون للرجل المضيع لأمره المتعرض لاستدراكه بعد فوته: الصيف ضيعت اللبن، بفتح التاء. والصواب أن يخاطب بكسرها وإن كان مذكرا، لأنه مثل، والأمثال تحكى على أصل صيغتها وأولية وضعها.

وهذا المثل وضع في الابتداء بكسر التاء لمخاطبة المؤنث به، وأصله أن "عمرو بن عمرو بن عدس" كان تزوج ابنة عم أبيه "دختنوس بنت لقيط بن زرارة" بعدما أسن، وكان أكثر قومه مالا فكرهته، ولم تزل تسأله الطلاق حتى طلقها فتزوجها "عمير بن معبد بن زرارة" وكان شاباً مملقاً، فمرت بها ذات يوم إبل "عمرو" وكانت في ضر، فقالت لخادمتها: قولي له: ليسقينا من اللبن، فلما أبلغته قال لها: قولي لها: "الصيف ضيعت اللبن" فلما أدت جوابه إليها ضربت يدها على كتف زوجها وقالت: هذا ومذاقه خير.

ــ

(ويقولون للرجل المضيع لأمره المتعرض لاستدراكه بعد فوته: الصيف ضيعت اللبن بفتح التاء والصواب أن يخاطب بكسرها وإن كان مذكراً، لأنه مثل والأمثال لا تغير وتحكى على أصل صيغتها وأولية وصفها).

كون الأمثال لا تغير إذا قصدت مما اتفق عليه أهل المعاني والأدب. وفي شرح "الفصيح" قال الأستاذ هذا يضرب مثلاً لمن فرط في طلب ما يحتاج إليه حتى فاته ثم يطلبه وهو بكسر التاء من ضيعت؛ لأن المثل أول ما وقع في مخاطبة امرأة، ثم أجرى على ذلك اللفظ ولم يغير. لأن الأمثال لا تغير، لأنها جاءت على معنى أنت

ص: 621

وإنما خص الصيف بالذكر لأنها كانت سألته الطلاق فيه، فكأنها يومئذ ضيعت اللبن.

وينخرط في هذا السلك ما أنشدته في أبيات المعاني [للراجز]:

(قالت له وهو بعيش ضنك

لا تكثري لومي وخلي عنك)

ومعناه أن هذا الرجل المخاطب كان يبذر في ماله، فإذا عذلته زوجته على إسرافه قال لها: لا تكثري لومي وخلي عنك، فلما نفد ماله وساءت حاله قالت له: أما تذكر قولك عند نصحي لك لا تكثري لومي وخلي عنك؟ وقصدت أن تندمه على إضاعة ماله فيالة رأيه.

ومن أوهامهم في هذا الفن أنهم ينشدون بيت "ذي الرمة":

ــ

وقال "أبو عبيدة": وكان "المفضل" يذكر حديثه فقال: صاحبه "عمرو بن عدس ابن زيد التميمي" وكانت تحته "دختنوس بنت لقيط بن زرارة" وكان ذا مال كثير إلا أنه كبير السن، فقلته، ولم تزل تسأله الطلاق حتى فعل، فتزوجها بعده "عمير بن معبد بن زرارة" ابن عمها، وكان شاباً معدماً، فمرت إبل "عمرو" ذات يوم "بدختنوس" فقالت لخادمتها: انطلقي فقولي له: يسقينا من اللبن فأبلغته فقال في جوابها: "الصيف ضيعت اللبن"

وقال "أبو عبيد البكري" تمام الحديث على ما رواه "ابن الأعرابي" أرسل لها

ص: 622

(سمعت الناس ينتجعون غيثا

فقلت لصيدح انتجعي بلالا)

فينصبون لفظة الناس على المفعول، ولا يجوز ذلك، لأن النصب يجعل الانتجاع مما يسمع، وما هو كذلك، وإنما الصواب أن ينشد بالرفع على وجه الحكاية؛ لأن "ذا الرمة" سمع قوماً يقولون: الناس ينتجعون غيثاً فحكى ما سمع على وجه اللفظ المنطوق به.

وفسر بعضهم قوله تعالى: {وتركنا عليه في الآخرين* سلام على إبراهيم} [الصافات: 78 - 79] أنه على الحكاية وأن المراد أن يقال له في الآخرين: سلام على إبراهيم، وتشهد هذه الأية باتفاق كافة أهل الملل على الإيمان بنبوته والتسليم عليه عند موته.

ــ

قلوصين ورواية من لبن، فأتاها الرسول .. وقال .. "أبو شريح": أرسل هذا ويقول لك: الصيف

الخ. فقالت. وكان "عمير" عندها وضربت بين كتفيه-: هذا ومذاقه خير. فأرسلتها مثلاً يضرب للشيء القليل الموافق لمحية الطبع لمحبة الطبع حتى يرجح على الكثير المخالف له.

كذا قال "أبو عبيدة": وأما "أبو عبيد معمر بن المثنى" فذكر أن "دخنتوس بنت لقيط" كانت تحت "عمرو بن عمرو بن عدس" وكان شيخاً أبرص، فوضع رأسه يوماً في حجرها وأغفى فسال لعابه، فانتبه فألفاها تتأفف أي تقول: أف أف. فقال لها: أيسرك أن أفارقك؟ قالت: نعم، فرقها، ونكحت شاباً وسيما من بني زرارة، ثم إن "بكر بن وائل" أغارت على بني "دارم" فأخذوها "دخنتوس" وقتلوا زوجها فأدركهم الحي فقتل "عمرو بن عمرو" ثلاثة منهم، وكان في السرعان، وسل منهم "دخنتوس" وجعلها أمامه وهو يقول:

(أي خليليك رأيت خيرا

ألعظم فيثة وأيرا)

(أم الذي يأتي العدو سيرا)

وردها إلى أهلها فتزوجت بآخر منهم، ثم أجدبوا فبعثت "دخنتوس" إلى "عمرو" تطلب منه حلوبة فقال: الصيف

الخ، فذهبت مثلا، فلما سمعته ضربت على منكب زوجها [وقالت]: هذا ومذاقه خير.

ص: 623

وذكر " أبو الفتح عثمان بن جني" قال: أنشدني شيخنا "أبو علي الفارسي" قول الشاعر:

(وتنادوا بالرحيل غدا

وفي ترحالهم نفسي)

فأجاز في الرحيل ثلاثة أوجه: الجر بالباء، والرفع والنصب على الحكاية، فحكاية الرفع كأنهم قالوا: الرحيل غدا، وحكاية النصب على تقدير قولهم: اجعلوا الرحيل غدا.

ــ

قال "أبو عبيدة": معناه أن سؤالك إياي الطلاق كان بالصيف فيومئذ ضيعت اللبن بالطلاق. وقال بعض الناس: معناه أن الرجل إذا لم يطرق ماشيته كان مضيعاً لألبانها حينئذ. وقال "ابن درستويه": العامة تقول: في الصيف ضيحت اللبن، وهو خطأ، وإنما الضياح من اللبن الخاثر الذي يمزج بالماء حتى يرق، يقال: ضيحت اللبن فهو مضيح ومضيح.

وذكر "أبو سليمان الخطابي" أن هذا المثل يروى: الصيف ضحيت اللبن بالحاء بدل العين من الضياح والضيح وهو اللبن الممذوق بالماء، يريد الصيف أفسدت اللبن وحرمته على نفسك. قال الأستاذ: يروى أيضاً الصيف ضييعت اللبن بفتح التاء كما حكاه "ابن الأنباري" في "الزاهر" عن "الفراء" ولم أره لغيره.

والصيف منصوب على الظرفية لضيعت واللبن مفعوله.

و"عدس" بفتح العين المهملة وضم الدال، وليس في الأعلام عدس مضمومها غيره.

ومما ذكر علمت أن ما أنكره المصنف مروي عن "الفراء".

(ومن أوهامهم في هذا المعنى أنهم ينشدون بيت "ذي الرمة":

(سمعت الناس ينتجعون غيثاً

فقلت لصيدح انتجعي بلالا)

وهذا من قصيدته التي مدح بها "بلالا بن أبي بردة بن أبي موسى الأشعري" وكان والياً على البصرة وبعد هذا قوله:

(تناخي عند خير فتى يمان

إذا النكباء عارضت الشمالا)

(وأبعدهم مسافة غور عقل

إذا ما الأمر ذو الشبهات عالا)

(وخيرهم مآثر أهل بيت

وأكرمهم وإن كرموا فعالا)

قيل: إنه- لما أنشده- قال: يا غلام مر له بعلف؛ لانه لم يعجبه مدحه بجعله مرعى للناقة، وهو نقد جيد.

(فينصبون لفظ الناس على المفعول ولا يجوز ذلك لأن النصب يجعل الانتجاع مما يسمع وهو ليس كذلك، وإنما الصواب أن ينشد بالرفع على وجه الحكاية).

ص: 624

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

يعني أن سمع إذا نصب اسم ذات غير مسموح نحو: سمعت زيداً يقول كذا، شرط النحويون أن يكون ما بعده مما يسمع، وهو محل الفائدة في صحة التعلق به، وهل "هي" حينئذ مما ينصب مفعولين أو مفعولاً واحداً؟ والجملة بدل أو حال أو صفة بعد النكرة؟ فيه اختلاف عندهم ليس هذا محله. والانتجاع لا يلائم السمع؛ لأنه التردد في طلب العشب والماء، وليس قولا [يتعلق به السماع] فيتعين حكايته إما بقول مقدر على مذهب من اشترط في الحكاية القول، أو بسمعت على خلافة.

أما ما ذكره المصنف فمردود بأنه قد سمع فيه النصب أيضاً كما حكاه "الرضي" وشارح أبيات "الإيضاح"، ولا بد له حينئذ من مسوغ، فذهب "الرضي" إلى أنه لا يشترط ذكر مسموع بعدها وأن اشترطه أكثري، وهذا من القليل الوارد على خلافه.

وقيل: الانتجاع طلب النجعة وهي مكان المطر إذا أجدبوا، والطلب إما بالسؤال وهو قول، أو بالتردد ذهاباً ومجيئأ وفيه حركات مسموعة، و"صيدح" اسم ناقة.

وقال المصنف: (بأتفاق كافة أهل الملل) استعمل فيه كافة على خلاف ما قدمه، فكأنه نسيه، أو الله أنطقه بالحق".

ص: 625