الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[22] اجتمع فلان وفلان لا مع فلان
ويقولون: اجتمع فلان مع فلان، فيؤهمون فيه. والصواب أن يقال: اجتمع فلانٌ وفلان، لأن لفظة اجتمع على وزن افتعل وهذا النوع من وجوه افتعل، مثل اختصم واقتتل، وما كان أيضاً على وزن تفاعل مثل تخاصم وتتجادل وتقتضي وقوع الفعل من أكثر من واحد، فمتى أُسند الفعل منه إلى أحد الفاعلين لزم أن يعطف عليه الآخر بالواو لا غير، وإنما اختصت الواو بالدخول في هذا الموطن لأن صيغة هذا الفعل تقتضي وقوع الفعل من اثنين فصاعداً، ومعنى الواو يدل على الاشتراك
ــ
(ويقولون: اجتمع فلان مع فلان فيوهمون فيه؛ إذ الصواب أن يقال اجتمع فلان وفلان؛ لأن فلظ اجتمع على وزن افتعل، وهذا النوع من وجوه افتعل مثل اختصم واقتتل وما كان أيضاً على وزن تفاعل مثل تخاصم وتجادل يقتضي وقوع الفعل من أكثر من واحد.
في "الحواشي" لا يمتنع في قياس العربية أن يقال: اجتمع زيد مع عمرو، واختصم جعفر مع بكر، بدليل جواز اختصم زيدٌ وعمراً، واستوى الماء والخشبة، وواو المفعول معه بمعنى مع ومقدرة بها، فكما يجوز استوى الماء والخشبة كذلك يجوز استوى الماء مع الخشبة، واستوى في هذا مثل اختصم فإن المساواة تكون بين اثنين فصاعداً كالاختصام، فإذا في جاز هذه الأفعال دخول [واو المفعول معه جاز دخول] مع، كقولهم: استوى الحر والعبد في هذا الأمر. وقال "ابن مالك" في "التسهيل": تختص الواو بعطف ما لا يستغني. قال "ابن عقيل" في شرحه: نحو هذا زيدٌ وعمروٌ وبكرٌ نجباء، وسواء عبد الله وبشر.
وأجاز "الكسائي" في ظننت عبد الله وزيداً مختصمين، ثم والفاء وأو، وأوجب البصريون و"الفرَّاء" الواو، وقال "الفراءُ": رأيت أنه دخل عليه أن يقول: اختصم عبد الله فزيد اهـ وهذا مؤيد لما ذكره المحشي. وأُورد على قوله: تنفرد به الواو أم
في الفعل أيضاً. فلما تجانسا من هذا الوجه وتناسب معناهما فيه استعملت الواو خاصةً في هذا الموضع، ولم يجز استعمال لفظة مع فيه لأن معناها المصاحبة، وخاصيتها أن تقع في الموطن الذي يجوز أن يقع الفعل فيه من واحد، والمراد بذكرها الإبانة عن المصاحبة التي لو لم تذكر لما عرفت؛ وقد مثل النحويون في الفرق بينها وبين الواو، فقالوا: إذا قال القائل: جاء زيدٌ وعمرو كان إخباراً من المشاركة في المجيء، على احتمال أن يكونا جاءا في وقت واحد أو سبق أحدهما، فإن قال: جاء زيدٌ مع عمروٍ كان إخباراً عن مجيئهما متصاحبين وبطل تجويز الاحتمالين الآخرين، فذكر لفظة مع ها هنا أفاد إعلام المصاحبة. وقد استعملت حيث يجوز أن يقع الفعل فيه من واحد، فأما في الموطن الذي يقتضي أن يكون الفعل فيه لأكثر من واحد، فذكرها فيه خلف من القول وضرب من اللغو، ولذلك لم يجز أن يقال: اجتمع زيدٌ
ــ
المتصلة في: سواء عليّ أقمت أم قعدت فتدبر.
(ونظيره أيضاً امتناعهم من أن يقولوا: اختصم الرجلان كلاهما) قال في "التسهيل": كلا وكلتا قد يؤكدان ما لا يصح في موضعه واحدٌ خلافاً "للأخفش" فيمتنع مثل: اختصم الرجلان كلاهما لعدم الفائدة؛ إذ لا يحتمل الموضع الإفراد، وكذا قولك: المال بين الزيدين كليهما، ووافق الأخفش على المنع الفراد و"ابن هشام" و"أبو علي"، ومذهب الجمهور الجواز. فرد المصنف مردودٌ عليه. ثم ذكر تسكين عين مع. وقد نطق بإسكانها كما قال:
(فريشي منكم رهوى معكم
…
وإن كانت زيارتكم لماما)
هذا البيت لجرير من قصيدة مدح بها هشام بن عبد الملك، والريش بالكسر الغنى واللباس الجميل وإصلاح الحال، من رشته أريشه إذا أصلحت حاله، وهو استعارة من
مع عمرو، كما لم يجز أن يقال: اصطحب زيد وعمروٌ معاً؛ للاستغناء عن لفظة مع بما دلت عليه صيغة الفعل، ونظيره امتناعهم أن يقال: اختصم الرجلان كلاهما؛ للاستغناء بلفظة اختصم التي تقتضي الاشتراك في الخصومة عن التوكيد، لأن وضع كلا وكلتا أن تؤكدا المثنى في الموضع الذي يجوز فيه انفراد أحدهما بالفعل ليتحقق معنى المشاركة، وذلك في مثل قولك: جاء الرجلان كلاهما، لجواز أن يقال: جاء الرجل.
فأما فيما لا يكون فيه الفعل لواحد فتوكيد المثنى بهما لغو، ومثل ذلك أنهم لا يؤكدون بلفظة كل إلا ما يمكن فيه التبعيض، فلهذا أجازوا أن يقال: ذهب المال كله، كلون المال مما يتبعضن ومنعوا أن يقال: ذهب زيد كله، لأنه ما لا يتجزأ.
وفي "مع" لغتان، أفصحهما فتح العين منها، وقد نطق بإسكانها، قال "جرير":
(وريشي منكم وهواي معكم
…
وإن كانت زيارتكم لماما)
ــ
ريش الطائر؛ لأنه يقوى بتمام ريشه، ولذا قال الشاعر:
(أراشوا جناحي ثم بلُّوه بالندى
…
فلم أستطع من أرضهم طيرانا)
أو من أراش السهم لأنه ينهض بريشه أيضاً، ولهذا قالوا: فلان يريش ويبرى، بمعنى يضر وبنفع، ويفتق ويرتق، ويصدر ويورد. واللمام: الزيارة أحياناً كالغِب، وفي الحديث "زر غباً تزدد حباً" وعليه قولي في الحمى:
(وحمى قد أتت مثواي غباً
…
ولكن لا تزيد بذاك حباً)
وتسكين عين "مع" لغة عند بعض، وقال "سيبويه": إنه ضرورة وليس بلغة، وفي "التسهيل" إنه لغة "ربيعة"، وق 5 يل: إنه لغة "بني تميم"، وهي اسم دائماً، وذهب بعض النحاة إلى أنها إذا سكنت حرف جر، والصحيح الأول.