الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وجلهم أموالهم معروضة للتجارة والعمل، وليست ثابتة، ونسأل الله أن يشرح صدورنا للحق والصواب، وبالله التوفيق.
(1)
تنبيه: الذين يقولون بوجوب الزكاة في عروض التجارة لا يشترطون أن يَحُولَ على المعروضات الحول وهي عنده، بل يقولون: في كل عام يُقَوِّم ما عنده من المعروضات، ويُخْرِج ربع عشرها.
ويُنبَّهُ أيضًا على أنَّ التاجر إذا كان لديه ذهبٌ، أو فضةٌ معروض للبيع وحال عليه الحول ولم يُبَعْ، وهو نصاب؛ فيجب فيه الزكاة قولًا واحدًا؛ لأنه مالٌ في ملكه حال عليه الحول، والله المستعان.
مسألة [2]: هل في العسل ز كاة
؟
جاء في زكاة العسل أحاديث، وهي كما يلي:
جاء من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عند البيهقي (4/ 126) مرفوعًا: «فِي الْعَسَلِ الْعُشْرُ» ، وفي إسناده: عبد الله بن محرر، وهو كذابٌ.
وجاء عند ابن ماجه (1824) من رواية عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جدِّه أنَّ النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- أخذ من العسل العُشرَ، وفي إسناده: نُعيم بن حماد فيه ضَعْفٌ، وأسامة بن زيد الليثي مُتَكَلَّمٌ فيه، والحديث مختصر، وهو عند أبي داود (1596) بإسناد صحيح إلى عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، قال: جاء هلال أحد بني
(1)
انظر: «المحلَّى» (641)، «المجموع» (6/ 47)، «نصب الراية» (2/ 376 - )«كتاب الأموال» (ص 580 - )، «المغني» (4/ 249 - ).
متعان إلى النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- بعشور نحل له، وسأله أن يحمي واديًا يقال له (سلبة)، فحمى له رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- ذلك الوادي، فلما وَلِيَ عمر ابن الخطاب رضي الله عنه كتب سفيان بن وهب إلى عمر بن الخطاب يسأله عن ذلك. فكتب عمر: إنْ أدَّى إليك ما كان يؤدي إلى رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- من عشور نَحْلِهِ فاحم له سلبه، وإلا فإنما هو ذباب غيث يأكله من شاء.
فتبين من سياق الحديث بطوله أنَّ الرجل جاء بعشور نحله بنفسه لا أنه زكاة أوجبها عليه رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-، ولذلك فإنَّ عمر بن الخطاب رضي الله عنه جعل ذلك مُقابِلًا للحماية، ولم يأخذه عليه إلا بذلك.
وجاء من حديث أبي سيارة، أخرجه ابن ماجه (1823) عنه قال: قلت: يا رسول الله، إنَّ لي نحلًا. قال:«أدِّ العشور» ، قلت: يا رسول الله، احمها لي. فحماها لي. وهو من طريق: سليمان بن موسى عن أبي سيارة.
قال الترمذي رحمه الله: سألت محمد بن إسماعيل عن هذا الحديث، فقال: حديثٌ مرسل، وسليمان بن موسى لم يدرك أحدًا من أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-، وليس في زكاة العسل شيء يصحُّ. اهـ
وأخرج الترمذي (629) عن ابن عمر رضي الله عنهما مرفوعًا: «فِي الْعَسَلِ فِي كُلِّ عَشَرَةِ أَزُقٍ زقٌّ» ، وفي إسناده: صدقة بن عبد الله السمين، وهو متروكٌ، واتُّهِمَ بالوضع.
وروى ابن أبي شيبة (3/ 142) من حديث الحارث بن عبد الرحمن بن أبي
ذباب الدوسي عن منير بن عبد الله، عن أبيه، عن سعد بن أبي ذباب، فذكر الحديث، وفيه أنه أخذ من قومه زكاةَ العسل العشرَ، فأقره عمر وجعله في صدقات المسلمين.
قلتُ: وهو مع وقفه ضعيفٌ؛ لأنَّ منيرًا وأباه مجهولان، وبناءً على ما تقدم فلا يثبت في زكاة العسل شيءٌ، وهو قول البخاري كما تقدم، وكذلك قال ابن المنذر، والشافعي، والترمذي رحمة الله عليهم أجمعين.
(1)
اختلاف الفقهاء في هذه المسألة:
• ذهب أحمد إلى أنَّ فيه الزكاة، قال ابن قدامة: ويُروَى ذلك عن عمر بن عبد العزيز، ومكحول، والزهري، وسليمان بن موسى، والأوزاعي، وإسحاق.
واستدلوا ببعض الأحاديث المتقدمة.
• وقال مالك، والشافعي، وابن أبي ليلى، والحسن بن صالح، وابن المنذر: لا زكاة فيه. وهو مذهب البخاري، والظاهرية، وهذا هو الصواب؛ لعدم ثبوت الأحاديث المتقدمة، وهو ترجيح الإمام الألباني، والإمام الوادعي، والإمام ابن عثيمين رحمة الله عليهم.
(2)
(1)
انظر: «التلخيص» (2/ 324 - )، «نصب الراية» (2/ 390 - )، «البدر المنير» (5/ 516 - )«التنقيح» (3/ 58 - ).
(2)
وانظر: «المغني» (4/ 183).
606 -
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«وَفِي الرِّكَازِ الخُمُسُ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
(1)
المسائل والأحكام المستفادة من الحديث
تعريف الركاز:
• ذهب جمهور العلماء إلى أنَّ الرِّكاز هو دِفن الجاهلية، وهو مأخوذٌ من الرَّكز بفتح الرَّاء، يقال: ركزه يركزه ركزًا إذا دفنه فهو مركوز. وهو مذهب أحمد، والشافعي، ومالك، وغيرهم.
• وذهب أبو حنيفة، والثوري وغيرهما إلى أنَّ الرِّكاز يشمل المعادن أيضًا؛ لأنه يشملها الاسم اللغوي أعني الرِّكاز.
واستدل لهما أيضًا بحديث أبي هريرة رضي الله عنه عند البيهقي (4/ 152)، قال: سُئل النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- عن الركاز؟ فقال: «هو الذهب الذي خلقه الله في الأرض يوم خلق السماوات والأرض» ، وفيه: عبد الله بن سعيد المقبري، وهو متروك، ومع ذلك فهذا الدليل أخصُّ من دعواهم، والله أعلم.
وحُجَّةُ الجمهور في أنَّ المعادن لا تدخل في الرِّكاز تفرقة النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- بين المعدن والرِّكاز بقوله: «والمعدن جُبار، وفي الرِّكاز الخُمُس» .
والراجح قول الجمهور.
(2)
(1)
أخرجه البخاري (1499)، ومسلم (1710).
(2)
انظر: «الفتح» (1499)، «المغني» (4/ 232)، «التمهيد» (7/ 31).