الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
674 -
وَعَنْهُ أَيْضًا رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«إذَا انْتَصَفَ شَعْبَانُ فَلَا تَصُومُوا» . رَوَاهُ الخَمْسَةُ. وَاسْتَنْكَرَهُ أَحْمَدُ.
(1)
المسائل والأحكام المستفادة من الحديث
مسألة [1]: حكم التطوع بالصيام بعد النصف من شعبان
.
• قال الصنعاني رحمه الله: واختلف العلماء في ذلك، فذهب كثيرٌ من الشافعية إلى التحريم؛ لهذا النهي.
• وقيل: إنه يكره إلا قبل رمضان بيومٍ، أو يومين فيحرم.
• وقيل: لا يكره.
• وقيل: إنه مندوبٌ. اهـ
قلتُ: الصحيح أنه مندوبٌ، وهو قول الجمهور؛ لحديث عائشة رضي الله عنها، المتقدم:«وما رأيت رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- أكثر منه صيامًا من شعبان» .
(1)
أخرجه أحمد (2/ 442)، وأبوداود (2337)، والنسائي في «الكبرى» (2911)، والترمذي (738)، وابن ماجه (1651).
كلهم من طريق: العلاء بن عبدالرحمن عن أبيه عن أبي هريرة مرفوعًا به.
وهذا الحديث قد أنكره الحفاظ على العلاء بن عبدالرحمن، كالإمام أحمد ويحيى بن معين وعبدالرحمن بن مهدي وأبي زرعة والخليلي.
ذكره عنهم ابن رجب في «لطائف المعارف» (ص 260)، وذكره الزيلعي عن بعضهم، كما في «نصب الراية» (2/ 441).
وحديث أم سلمة عند أبي داود (2336)، وغيره: أنه كان لا يصوم من السنة شهرًا تامًّا إلا شعبان يصله برمضان.
والمراد أنه كان يصوم معظمه؛ جمعًا بينه وبين حديث عائشة الذي تقدم.
وقد جاء في روايةٍ عند مسلم: «كان يصوم شعبان إلا قليلًا» .
وقد نقل الترمذي عن ابن المبارك أنه قال: جائزٌ في كلام العرب إذا صام أكثر الشهر أن يقول: (صام الشهر كله)، ويقال: قام فلان ليلته أجمع، ولعله قد تعشى واشتغل ببعض أمره.
قال الترمذي رحمه الله: كأن ابن المبارك جمع بين الحديثين بذلك. اهـ.
(1)
(1)
انظر: «السبل» (4/ 172 - 173)، «توضيح الأحكام» (3/ 217)، «لطائف المعارف» (ص 260).
675 -
وَعَنِ الصَّمَّاءِ بِنْتِ بُسْرٍ رضي الله عنها، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«لَا تَصُومُوا يَوْمَ السَّبْتِ إلَّا فِيمَا افْتُرِضَ عَلَيْكُمْ؛ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ أَحَدُكُمْ إلَّا لِحَاءَ عِنَبٍ أَوْ عُودَ شَجَرَةٍ فَلْيَمْضُغْهَا» . رَوَاهُ الخَمْسَةُ وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ، إلَّا أَنَّهُ مُضْطَرِبٌ، وَقَدْ أَنْكَرَهُ مَالِكٌ، وَقَالَ أَبُودَاوُد: هُوَ مَنْسُوخٌ.
(1)
(1)
صحيح. أخرجه أحمد (6/ 368)، وأبوداود (2421)، والنسائي في «الكبرى» (2762)(2763)، والترمذي (744)، وابن ماجه (1726)، وغيرهم من طرق عن ثور بن يزيد، عن خالد بن معدان، عن عبدالله بن بسر، عن أخته الصماء بنت بسر به.
وقد أعل الحديث بالاضطراب، فإن ثورًا تارة يرويه كما تقدم، وتارة يرويه عن خالد بن معدان عن عبدالله بن بسر مرفوعًا، وتارة يرويه عن خالد عن عبدالله بن بسر عن أمه.
وجاء أيضًا من رواية خالد بن معدان عن عبدالله بن بسر عن أخته عن عائشة، وجاء من رواية خالد ابن معدان عن عبدالله بن بسر عن أبيه. ولا يصح إعلاله بالاضطراب؛ لأن من شروط المضطرب تكافؤ الطرق، والأمر هنا ليس كذلك، فإن الطريق الأولى راجحة وما سواها مرجوح، فقد رواه عن ثور بالطريق الأولى ثمانية من الرواة، أكثرهم ثقات، وهم: أبوعاصم النبيل، والوليد ابن مسلم، والأوزاعي، وأصبغ بن زيد، والفضل بن موسى، وسفيان بن حبيب، وعبدالملك بن الصباح، وقرة بن عبدالرحمن.
بينما الطرق الأخرى، طريق منها يرويها ثقة ومتروك، وطريق يرويها صدوق، وطريق يرويها مجهول، وطريق يرويها ضعيف.
ولذلك فقد رجح الدارقطني الرواية الأولى ولم يحكم عليها بالاضطراب، نقله عنه ابن الملقن في «البدر المنير» (5/ 763)، وكلامه في العلل (12/ 254، رقم 4061) ط/طيبة، ت/ خالد المصري، واختاره الإمام الألباني رحمه الله، وهو الحق إن شاء الله تعالى.
وله طريق أخرى بإسناد حسن.
أخرجها أحمد (6/ 368)، حدثنا الحكم بن نافع قال حدثنا إسماعيل بن عياش عن محمد بن الوليد الزبيدي عن لقمان بن عامر عن خالد بن معدان عن عبدالله بن بسر عن أخته الصماء بنت بسر به.
وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات، إلا لقمان بن عامر، فقد روى عنه تسعة كما في «تهذيب الكمال» ووثقه ابن حبان، وقال أبوحاتم: يكتب حديث، فمثله لا بأس بتحسين حديثه إن شاء الله.
فلقمان بن عامر يتابع ثور بن يزيد على الطريق الأولى، وللحديث طريق أخرى عند أحمد (4/ 189)، من حديث عبدالله بن بسر من وجه آخر بإسناد صحيح. وقد توسع الإمام الألباني في الكلام على الحديث في «الإرواء» (960) فأحسن وأجاد رحمه الله. وانظر:«تحقيق المسند» (29/ 230 - 233). والحاصل أن الحديث صحيح إن شاء الله.
وقد صحح الحديثَ الترمذيُّ، وأبو داود، وابن خزيمة، وابن حبان، والحاكم، وابن السكن، والبيهقي، وابن عبدالبر، والنووي، وغيرهم.
بينما قال الزهري: هذا حديث حمصي. يشير إلى إعلاله. وقال أبو داود: هو منسوخ. ونقل عن مالك أنه قال: إنه كذب. وقال أحمد: كان يحيى بن سعيد يتقيه. وقال شيخ الإسلام: الحديث شاذ، أو منسوخ.
ونقل ابن الملقن عن النسائي أنه قال: مضطرب. ولم أجد ذلك في «سننه» ، إنما قال: ذكر اختلاف الناقلين في حديث عبدالله بن بسر. وهذا ليس بصريح.
قال النووي في «المجموع» (6/ 392) بعد قول مالك المتقدم: وهذا القول لا يقبل؛ فقد صححه الأئمة. وانظر: «البدر المنير» (5/ 759 - )، «الفروع» (3/ 123 - 124)، «التلخيص» (2/ 413 - 414).
676 -
وَعَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ أَكْثَرَ مَا يَصُومُ مِنَ الأَيَّامِ يَوْمَ السَّبْتِ، وَيَوْمَ الأَحَدِ، وَكَانَ يَقُولُ:«إنَّهُمَا يَوْمَا عِيدٍ لِلْمُشْرِكِينَ، وَأَنَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَهُمْ» . أَخْرَجَهُ النَّسَائِيّ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ، وَهَذَا لَفْظُهُ.
(1)
(1)
ضعيف. أخرجه النسائي في «الكبرى» (2775)، وابن خزيمة (2167)، من طريق عبدالله بن محمد بن عمر بن علي ثنا أبي عن كريب أنه سمع أم سلمة
…
به.
ومحمد بن عمر، له ترجمة في «الجرح والتعديل» ولم يذكر فيه جرحًا ولا تعديلًا، فهو مستور الحال؛ فالحديث ضعيف بسببه، وقد ضعفه الإمام الألباني رحمه الله في «الضعيفة» (1099).