الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
621 -
وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «مَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَسْأَلُ النَّاسَ حَتَّى يَأْتِيَ يَوْمَ القِيَامَةِ وَلَيْسَ فِي وَجْهِهِ مُزْعَةُ
(1)
لَحْمٍ». مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
(2)
622 -
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ سَأَلَ النَّاسَ أَمْوَالَهُمْ تَكَثُّرًا، فَإِنَّمَا يَسْأَلُ جَمْرًا، فَلْيَسْتَقِلَّ أَوْ لِيَسْتَكْثِرْ» . رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
(3)
المسائل والأحكام المستفادة من الحديثين
مسألة [1]: تحريم المسألة بغير حاجة
.
الحديثان صريحان في تحريم المسألة لغير حاجة، وفي الباب أحاديث كثيرة، انظر رسالة شيخنا مقبل الوادعي رحمه الله:«ذَمُّ المسْأَلة» .
مسألة [2]: ضابط الغِنَى الذي لا تحل معه المسألة
.
• في هذه المسألة أقوال:
الأول: إذا كان يملك خمسين درهمًا؛ لحديث ابن مسعود عند الترمذي (651) مرفوعًا: «من سأل الناس وله ما يغنيه جاء يوم القيامة ومسألته في وجهه خموش» قيل: يا رسول الله، وما يُغنيه؟ قال:«خمسون درهمًا، أو قيمتها من الذهب» ، وفي إسناده: حكيم بن جبير، وهو متروك. وقد أخذ بهذا الثوري، وابن المبارك، وأحمد، وإسحاق، نقله عنهم الترمذي عَقِبَ الحديث.
(1)
مزعة، أي: قطعة يسيرة من اللحم. «النهاية» .
(2)
أخرجه البخاري (1474)، ومسلم (1040).
(3)
أخرجه مسلم برقم (1041).
الثاني: إذا كان يملك أربعين درهمًا؛ لحديث أبي سعيد عند النسائي (5/ 98) بإسناد صحيح مرفوعًا: «من سأل الناس وعنده قيمة أوقية؛ فقد ألحف» ، وجاء عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده عند النسائي (5/ 98) أيضًا بمثله، وحديث أبي سعيد في «الصحيح المسند» برقم (392)، وحديث عمرو بن شعيب حديثٌ حسن، وأخذ بهذا القول الحسن، وأبو عبيد.
الثالث: أن يملك قوت يومه وليلته؛ لحديث سهل بن الحنظلية عند أبي داود (1629): «من سأل وعنده ما يغنيه؛ فإنما يستكثر من النار» ، قالوا: وما يغنيه؟ قال: «قدر ما يغديه ويعشيه» ، وإسناده صحيح.
وهذا قول أحمد، فقد أسند ابن عبد البر في «التمهيد» بإسناده عن أحمد أنه سُئِلَ: متى تحل المسألة؟ فقال: إذا لم يكن عنده ما يغديه ويعشيه على حديث سهل بن الحنظلية. قيل له: فإن اضطر إلى المسألة؟ قال: هي مباحة له إذا اضطر. قيل له: فإن تعفف؟ قال: ذلك خير له، ما أظن أحدًا يموت من الجوع، الله يأتي برزقه. ثم ذكر حديث أبي سعيد:«مَنِ اسْتَعَفَّ أعَفَّهُ اللهُ»
(1)
، وحديث أبي ذر:«تعفَّفْ يا أبا ذر» .
(2)
قلتُ: وهذا القول عن أحمد أحسن ما قيل في هذا الباب، والدليل يدل عليه، والرواية الأولى المذكورة عنه الظاهر أنَّ المقصود بها الغِنَى الذي تحرم عليه فيه
(1)
الحديث أخرجه البخاري برقم (1469)، ومسلم برقم (1053)، من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه بلفظ:«من يستعفف يعفه الله» .
(2)
أخرجه ابن حبان برقم (5960) من حديث أبي ذر رضي الله عنه بإسناد صحيح في ضمن حديث طويل.
الصدقة، ولا تلازم بين هذا وذاك.
وأكثر الأقوال المذكورة أراد أصحابها (الغنى الذي تحرم فيه الصدقة).
وأما دليل القول الأول فضعيفٌ، وأما أهل القول الثاني فدليلهم لا يُعارض دليلنا، بل يدل على أنَّ من سأل وعنده أربعون درهمًا فهو ملحف، ولا ينافي تحريم من سأل وله دون ذلك، فتأمل.
(1)
(1)
انظر: «الفتح» (1476 - 1480)، «التمهيد» (16/ 481) ط/مرتبة.
623 -
وَعَنِ الزُّبَيْرِ بْنِ العَوَّامِ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«لَأَنْ يَأْخُذَ أَحَدُكُمْ حَبْلَهُ، فَيَأْتِيَ بِحُزْمَةٍ مِنَ الحَطَبِ عَلَى ظَهْرِهِ، فَيَبِيعَهَا، فَيَكُفَّ اللهُ بِهَا وَجْهَهُ، خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَسْأَلَ النَّاسَ أَعْطَوْهُ أَوْ مَنَعُوهُ» . رَوَاهُ البُخَارِيُّ.
(1)
المسائل والأحكام المستفادة من الحديث
الحث على الاستعفاف:
في حديث الباب الحث على الاستعفاف، والسعي في العمل إن كان محتاجًا، ولا ينبغي له أن يذل نفسه عند الناس، سواء أعطوه أو منعوه، وكما تقدم في الحديث:«ومن يستعفف يعفه الله، ومن يستغن يغنه الله» متفق عليه عن أبي سعيد رضي الله عنه.
(2)
والاستعفاف باللسان: وهو أن يترك سؤال الناس، والتعرض له، والاستغناء بالقلب، وهو أن لا يتطلع بقلبه إلى أموال الناس، نسأل الله عز وجل أن يرزقنا العفاف، والغنى بفضله ورحمته.
(1)
أخرجه البخاري برقم (1471).
(2)
تقدم تخريجه قريبًا.