الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
658 -
وَعَنْ عَائِشَةَ،
659 -
وَأُمِّ سَلَمَةَ رضي الله عنهما، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُصْبِحُ جُنُبًا مِنْ جِمَاعٍ، ثُمَّ يَغْتَسِلُ وَيَصُومُ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
(1)
660 -
وَزَادَ مُسْلِمٌ فِي حَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ: وَلَا يَقْضِي.
(2)
المسائل والأحكام المستفادة من الأحاديث
مسألة [1]: من أدركه الفجر وهو جُنُبٌ، فهل يصح صومه
؟
• ذهب الجمهور إلى صحة صومه؛ لحديث عائشة، وأم سلمة رضي الله عنهما الذي في الباب. وقد كان هناك خلافٌ في زمن الصحابة، والتابعين، ثم استقر الإجماع على صحة الصوم كما جزم بذلك النووي. وممن أفتى بصحة الصوم من الصحابة ابن مسعود، وأبو هريرة، وزيد بن ثابت، وابن عباس، وابن عمر رضي الله عنهم، أخرج الآثار عنهم ابن أبي شيبة (3/ 80 - 81) بأسانيد صحيحة.
وسبب الخلاف هو حديث أبي هريرة رضي الله عنه في «الصحيحين»
(3)
أنه كان يفتي ويُحَدِّثُ، يقول:«من أدركه الفجر وهو جنبٌ فلا صوم له» . وجاء عند النسائي
(4)
وغيره أنه رفعه إلى النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-، وقد دخل عليه عبد الرحمن بن الحارث بعد أن سمع حديث عائشة، وأم سلمة، فأخبره بحديثهما، فقال أبو هريرة: أهما قالتا
(1)
أخرجه البخاري (1931)(1932)، ومسلم (1109).
(2)
أخرجه مسلم برقم (1109)(77).
(3)
أخرجه البخاري برقم (1925)، ومسلم برقم (1109).
(4)
انظر: «السنن الكبرى» للنسائي (2/ 176 - 177).
ذلك؟ قال: نعم. فقال أبو هريرة: هما أعلم. ثم أخبره أنه لم يسمعه من النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-، وإنما سمعه من الفضل بن عباس، ورجع عن فُتياه.
وأما حديث الفضل بن عباس:
فمنهم من حمله على أنَّ الأمر بالغسل قبل الفجر للإرشاد.
قال الحافظ رحمه الله: ويعكر عليه التصريح في كثير من طرق الحديث بالأمر بالفطر وبالنهي عن الصيام، فكيف يصح الحمل المذكور إذا وقع ذلك في رمضان!.اهـ
ومنهم من حمله على من أدركه الفجر مُجامعًا فاستدام بعد طلوعه عالمًا بذلك.
قال الحافظ رحمه الله: ويعكر عليه ما رواه النسائي
(1)
من طريق أبي حازم عن عبدالملك بن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث عن أبيه، عن أبي هريرة رضي الله عنه، أنه كان يقول: من احتلم وعلم باحتلامه ولم يغتسل حتى أصبح فلا يصوم. اهـ
ومنهم من سلك مسلك الترجيح، فرجَّح حديث عائشة، وأم سلمة على حديث أبي هريرة الذي أخذه من الفضل، وهو مسلك الشافعي، والبخاري، وابن عبد البر.
ومنهم من حمل حديث الفضل على أنه منسوخٌ.
قال ابن خزيمة رحمه الله: توهم بعض العلماء أنَّ أبا هريرة رضي الله عنه غلط في هذا الحديث.
(1)
انظر: «السنن الكبرى» (2/ 179).
ثم ردَّ عليه ابن خزيمة بأنه لم يغلط، وإنما أحال على رواية صادق؛ إلا أن الخبر منسوخٌ؛ لأنَّ الله تعالى عند ابتداء فرض الصيام كان منع في ليلة الصوم من الأكل والشرب، والجماع بعد النوم، فيحتمل أن يكون خبر الفضل كان حينئذٍ، ثم أباح الله ذلك إلى طلوع الفجر، فكان للمجامع أن يستمر إلى طلوعه، فيلزم أن يقع اغتساله بعد طلوع الفجر، فدلَّ على أنَّ حديث عائشة ناسخٌ لحديث الفضل، ولم يبلغ الفضل ولا أبا هريرة الناسخ، فاستمر أبو هريرة على الفُتيا به، ثم رجع عنه بعد ذلك لما بلغه. اهـ
وأَيَّدَ الحافظ القول بالنسخ بحديث عائشة الذي في «صحيح مسلم»
(1)
أنَّ رجلًا جاء إلى النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- يستفتيه وهي تسمع من وراء الحجاب، فقال: يا رسول الله، يدركني الفجر وأنا جُنُبٌ أَفَأَصُوم؟ فقال النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-:«وأنا يدركني الفجر وأنا جُنُبٌ فَأَصُومُ» ، قال: لست مثلنا يا رسول الله، قد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر. فقال:«والله إني لأرجو أن أكون أخشاكم لله، وأعلم بما أتقي» .
قال الحافظ رحمه الله: ويُقَوِّي النسخ أنَّ في حديث عائشة هذا الأخير ما يُشعر بأنَّ ذلك كان بعد الحديبية؛ لقوله فيه: قد غفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر. وأشار إلى آية الفتح، وهي إنما أُنزِلت عام الحديبية سنة سِتٍّ، وابتداء فرض الصيام كان في السنة الثانية. اهـ
وإلى القول بالنسخ ذهب ابن المنذر، والخطابي، وابن دقيق العيد، ورجحه الحافظ، وتبعه الصنعاني.
(2)
(1)
أخرجه مسلم برقم (1110).
(2)
انظر: «الفتح» (1926)، «السبل» (2/ 335، 336) ط/دار الكتاب العربي.