الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
636 -
وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما، قَالَ: تَرَاءَى النَّاسُ الهِلَالَ، فَأَخْبَرْت النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَنِّي رَأَيْتُهُ، فَصَامَ، وَأَمَرَ النَّاسَ بِصِيَامِهِ. رَوَاهُ أَبُودَاوُد، وَصَحَّحَهُ الحَاكِمُ وَابْنُ حِبَّانَ.
(1)
637 -
وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، أَنَّ أَعْرَابِيًّا جَاءَ إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: إنِّي رَأَيْت الهِلَالَ، فَقَالَ:«أَتَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللهُ؟» قَالَ: نَعَمْ، قَالَ:«أَتَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ؟» قَالَ: نَعَمْ، قَالَ:«فَأَذِّنْ فِي النَّاسِ يَا بِلَالُ: أَنْ يَصُومُوا غَدًا» . رَوَاهُ الخَمْسَةُ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ وَابْنُ حِبَّانَ، وَرَجَّحَ النَّسَائِيّ إرْسَالَهُ.
(2)
المسائل والأحكام المستفادة من الحديثين
مسألة [1]: ما يثبت به الصوم والفطر من الشهود
؟
• اختلف في ذلك على ثلاثة مذاهب:
المذهب الأول: أنَّ المعتبر شهادة اثنين عند الصوم والإفطار.
وهو قول مالك، والليث، والأوزاعي، والثوري، والشافعي في أحد قوليه، وهي رواية غير مشهورة عن أحمد، واستدلوا بما أخرجه أحمد (4/ 321) عن
(1)
حسن. أخرجه أبوداود (2342)، وابن حبان (3447)، والحاكم (1/ 423)، كلهم من طريق مروان بن محمد الدمشقي، حدثنا عبدالله بن وهب، حدثنا يحيى بن عبدالله بن سالم، عن أبي بكر ابن نافع، عن أبيه عن ابن عمر. وإسناده حسن، وقد حسنه شيخنا الإمام الوادعي رحمه الله في «الصحيح المسند» (745).
(2)
ضعيف، والراجح إرساله. لم يخرجه أحمد، وأخرجه أبوداود (2340)، والنسائي (4/ 131 - 132)، والترمذي (691)، وابن ماجه (1652)، وابن خزيمة (1923)، وابن حبان (3446)، كلهم من طريق سماك بن حرب عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما، وإسناده ضعيف؛ لأن رواية سماك عن عكرمة مضطربة، ورجح الحفاظ أنه مرسل كما جزم بذلك النسائي والترمذي وأبوداود. انظر «نصب الراية» (2/ 443)، و «التلخيص» (2/ 358)، و «الإرواء» (907).
عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب، أنه خطب في اليوم الذي يشك فيه، فقال: ألا إني جالست أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم وسألتهم، وإنهم حدثوني أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:«صوموا لرؤيته، وأفطروا لرؤيته، وانسكوا لها؛ فإنْ غُمَّ عليكم فأكملوا ثلاثين؛ فإنْ شهد شاهدان مسلمان؛ فصوموا وأفطروا» ، وفي إسناده: الحجاج بن أرطاة، مدلسٌ، وفيه ضعفٌ.
وقد سقط الحجاج من سند النسائي (4/ 132 - 133)، وهو وَهَمٌ من سعيد ابن شبيب، كما أشار إلى ذلك الحافظ المزي في «تحفة الأشراف» (11/ 178)، وكذلك ابن عبد الهادي في «التنقيح» (3/ 216).
ولكن للحديث شاهد يُحَسَّن به، فقد أخرج أبو داود (2338)، والدارقطني (2/ 167) من حديث أمير مكة الحارث بن حاطب رضي الله عنه، أنه قال: عهد إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ننسك للرؤية؛ فإنْ لم نره، وشهد شاهدا عدل؛ نسكنا بشهادتهما، وأقره ابن عمر رضي الله عنهما. وإسناده حسن.
المذهب الثاني: أنَّ المعتبر عند الصيام شهادة واحد، وعند الإفطار شهادة اثنين.
وهو قول أحمد، والشافعي في أحد قوليه، وابن المبارك، واستدلوا بحديث ابن عمر، وابن عباس اللَّذَيْنِ في الباب، وبالأحاديث المتقدمة في المسألة السابقة.
ويؤيده أن ابن عمر رضي الله عنهما أجاز شهادة رجل في الهلال، أخرجه ابن جرير في «تهذيب الآثار» (2/ 762)[مسند ابن عباس رضي الله عنهما]، وابن أبي شيبة في «مصنفه»
9559 -
قالوا: وهذا إخبارٌ عن عبادة لا يتعلق بها حق آدمي، فقُبل فيها قول الواحد.
المذهب الثالث: أنه يكفي شهادة رجل عند الصوم والإفطار.
وهو قول أبي ثور، وابن حزم، والشوكاني، واستدلوا بحديث ابن عمر، وابن عباس المَذْكُورَين في الباب، وقاسوا عليه شهادة الفطر، وهو قول الصنعاني.
وقد رجح أصحاب القول الأول قولهم مع أدلتهم المتقدمة بأنه هلال من الأهلة، فلم يثبت إلا بشاهدين كسائر الأهلة، ولأنه إيجاب حقٍّ على الناس؛ فلم يجب إلا بشاهدين، كسائر الحقوق، ولأنَّ رؤية الواحد معرضة للغلط، ولاسيما إنْ كان بين الناس والسماء مصحية، وربما يتهم في ذلك؛ فكان إزالة الشبهة باثنين.
وأجابوا عن أدلة القول الثاني: بأنَّ حديث ابن عباس ضعيف كما تقدم، وحديث ابن عمر ليس فيه أنَّ النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- أمر بالصيام لشهادة ابن عمر وحده، بل يحتمل أنه قد شهد غيره عند النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-.
وقولهم: إنه إخبار بعبادة لا يتعلق بها حق آدمي؛ فلا يسلم هذا؛ فإنه يتعلق بهذا الهلال سائر حقوق الآدميين من الآجال، والإجارات، وعدة الطلاق، والعتاق، وغيرها.
وأجاب أصحاب القول الثاني عن أدلة القول الأول: بأنَّ أدلتهم لا تدل على ما