الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مسألة [3]: نصاب الذهب والواجب فيه
.
قال ابن قدامة رحمه الله في «المغني» (4/ 212): أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ الذَّهَبَ إذَا كَانَ عِشْرِينَ مِثْقَالًا قِيمَتُهَا مِائَتَا دِرْهَمٍ، أَنَّ الزَّكَاةَ تَجِبُ فِيهَا، إلَّا مَا حُكِيَ عَنْ الْحَسَنِ أَنَّهُ قَالَ: لَا زَكَاةَ فِيهَا حَتَّى تَبْلُغَ أَرْبَعِينَ، وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ إذَا كَانَ أَقَلَّ مِنْ عِشْرِينَ مِثْقَالًا، وَلَا يَبْلُغُ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ؛ فَلَا زَكَاةَ فِيهِ. اهـ
قال ابن قدامة رحمه الله: نِصَابُ الذَّهَبِ عِشْرُونَ مِثْقَالًا مِنْ غَيْرِ اعْتِبَارِ قِيمَتِهَا؛ إلَّا مَا حُكِيَ عَنْ عَطَاءٍ، وَطَاوُسٍ، وَالزُّهْرِيِّ، وَسُلَيْمَانَ بْنِ حَرْبٍ، وَأَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيُّ، أَنَّهُمْ قَالُوا: هُوَ مُعْتَبَرٌ بِالْفِضَّةِ، فَمَا كَانَ قِيمَتُهُ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ، فَفِيهِ الزَّكَاةُ، وَإِلَّا فَلَا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم تَقْدِيرٌ فِي نِصَابِهِ، فَثَبَتَ أَنَّهُ حَمَلَهُ عَلَى الْفِضَّةِ. اهـ
قال أبو عبد الله غفر الله له: تقدير نصاب الذهب بعشرين دينارًا جاء في حديث علي المذكور في الكتاب، وتقدَّم أنَّ الراجح وقفه، وجاء من حديث عائشة، وابن عمر رضي الله عنهم، أخرجه ابن ماجه (1791)، عن عبيد الله بن موسى، ثنا إبراهيم بن إسماعيل، عن عبد الله بن واقد، عن ابن عمر، وعائشة، أنَّ النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- كان يأخذ من كل عشرين دينارًا نصف دينار، ومن الأربعين دينارًا دينارًا. وإسناده ضعيفٌ؛ لأنَّ إبراهيم بن إسماعيل -وهو ابن مجمع- قال ابن معين: ليس بشيء. وقال أبو نُعيم: لا يُساوي فلسين. وقال البخاري: كثير الوهم. وقال النسائي: ضعيفٌ. وقال أبو حاتم: كثير الوهم، ليس بالقوي، يُكتب حديثه، ولا يُحتجُّ به. وقال ابن عدي: مع ضعفه يُكتب حديثه. وقال أبو أحمد الحاكم: ليس بالمتين
عندهم. وقال أبو داود: ضعيفٌ، متروكُ الحديث، سمعت يحيى يقوله.
قلتُ: لم يذكر ابن عدي الحديث المذكور في ترجمته، والرجل قد استشهد له البخاري، فروى له تعليقًا، ذكره المِزِّي في «تهذيب الكمال» ، والذهبي في «الميزان» ؛ فالأظهر أن مثله لا بأس أن يصلح بالشواهد، والمتابعات.
وله شاهد من حديث: عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، أخرجه أبوعبيد (1113)، والدارقطني (2/ 93)، وفي إسناده: عبدالكريم بن أبي المخارق، وابن أبي ليلى، والأول شديد الضعف، والثاني ضعيف.
وله شاهد آخر من حديث: محمد بن عبدالله بن جحش عند الدارقطني (2/ 95)، في إسناده: عبدالله بن شبيب، وهو واهٍ.
وله شاهدٌ من طريق: محمد بن عبد الرحمن الأنصاري، أخرجه أبو عبيد في «الأموال» (1106): حدثنا يزيد، عن حبيب بن أبي حبيب، عن عمرو بن هرم، عن محمد بن عبدالرحمن الأنصاري، أنَّ في كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفي كتاب عمر في الصدقة أنَّ الذهب لا يؤخذ منه شيء حتى يبلغ عشرين دينارًا، فإذا بلغ عشرين دينارًا؛ ففيه نصف دينار
…
.
وهذا إسناد صحيح مرسل، قال الإمام الألباني رحمه الله: ولكنه في حكم المسند؛ لأنَّ الأنصاري أخذه عن كتاب رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-، وكتاب عمر رضي الله عنه. ثم قال: فالحديث صحيح من هذا الوجه؛ لأنَّ التابعي نقله عن كتاب النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- إلى عمرو ابن حزم المحفوظ عند آل عمرو؛ فهي وجادة من أقوى الوجادات، وهي حجة.
قلتُ: وثبت عن بعض الصحابة القول بما يوافق هذه الأحاديث، منهم: علي بن أبي طالب كما تقدم، ومنهم: عمر بن الخطاب كما في «الأموال» لأبي عبيد (1167)، وفي إسناده: يحيى بن أيوب الغافقي، وحديثه يحتمل التحسين، ومنهم: ابن مسعود كما في «مصنف ابن أبي شيبة» (3/ 120)، بإسنادٍ لا بأس به.
قلتُ: وعامة أهل العلم على ما أفتى به هؤلاء الصحابة الذين لا يُعرف لهم مخالفٌ من الصحابة، وعلى تلك الأحاديث التي ترتقي إلى الحُجِّيَّة إن شاء الله؛ لاسيما طريق محمد بن عبد الرحمن مع حديث عائشة، وابن عمر، وهذا هو الصواب، والله حسبنا ونِعْمَ الوكيل.
وقد رجَّح هذا جمعٌ من علمائنا في هذا اليوم، وعلى رأسهم الألباني، وابن باز، والوادعي، وابن عثيمين رحمة الله عليهم أجمعين.
(1)
تنبيه: مقدار نصاب الذهب، والفضة بالجرامات.
ذكر جماعة من العلماء أنَّ نصاب الذهب بالجرامات يُساوي (85) جرامًا، وأنَّ نصاب الفضة بالجرامات يساوي (595) جرامًا.
فيكون الدينار يساوي أربع جرامات وربعًا (4،25)، والدرهم يساوي (2،975) جرامًا، قريبًا من ثلاث جرامات، وهذا التقدير ارتضاه الإمام العثيمين رحمه الله.
(2)
(1)
انظر: «الأموال» (ص 559 - )، «نصب الراية» (2/ 369)، «المغني» (4/ 212 - )، «الإرواء» (813)، «المجموع» (6/ 16 - ).
(2)
انظر: «الشرح الممتع» (6/ 103)، «فتاوى العثيمين» (18/ 93)، «توضيح الأحكام» (3/ 318 - 319).