الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
زينب، فلما صلَّى رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- الفجر نظر، فإذا الأخبية، فقال:«آلبر تُرِدْنَ؟» ، فأمر بخبائه فقوض، وترك الاعتكاف في شهر رمضان، ثم اعتكف العشر الأول من شوال.
• وذهب مالك إلى أنه يلزمه بالنية مع الدخول فيه؛ فإنْ قطعه لزِمه قضاؤه، وادَّعى ابن عبد البر الإجماع على ذلك، وليس بصحيح كما بيَّنَ ذلك ابن قدامة رحمه الله، وأما قضاء النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-، فإنما فعله تطوعًا؛ لأنه كان إذا عمل عملًا أثبته، ويدل على أنَّ القضاء ليس بواجب أنه لم يأمر نساءه بقضائه، والقول الأول هو الراجح، والله أعلم.
(1)
مسألة [3]: هل يُشترط في الاعتكاف الصوم
؟
• فيه قولان:
القول الأول: وجوب الصوم مع الاعتكاف، وهو قول مالك، والليث، وأبي حنيفة، والثوري، ورواية عن أحمد. وثبت هذا القول عن عائشة وابن عباس رضي الله عنهم، كما في «مصنف ابن أبي شيبة» (3/ 87).
واستدلوا بحديث عائشة رضي الله عنها، الذي في الباب:«ولا اعتكاف إلا بصوم» ، وتقدَّم أنه مُعَلٌّ، واستدلوا أيضًا بحديث ابن عمر رضي الله عنهما، عند أبي داود (2474): أنَّ عمر جعل على نفسه في الجاهلية أنْ يعتكف، فقال النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-:«اعتكف وصم» ، وهذا الحديث ضعيفٌ، فقد تفرَّد به عبد الله بن بديل، عن عمرو بن دينار،
(1)
انظر: «المغني» (4/ 457 - 458).
وعبد الله بن بديل: ضعيفٌ، وقد خالف ما في «الصحيحين» ؛ فإنه ليس فيهما الأمر بالصوم.
القول الثاني: أنه لا يلزمه الصوم؛ إلا أن يوجبه على نفسه في نذره، صحَّ هذا عن ابن عباس رضي الله عنهما، كما في الباب، وهذا مذهب الشافعي، وإسحاق، والمشهور عن أحمد، وهو قول سعيد بن المسيب، وعمر بن عبد ا لعزيز.
واستدلوا بحديث ابن عمر رضي الله عنهما في «الصحيحين»
(1)
: أنَّ عمر رضي الله عنه سأل النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- قال: كنت نذرت في الجاهلية أن أعتكف ليلةً في المسجد الحرام. فقال: «أُوفِ بنذرك» ، والليل ليس بظرف للصوم.
وقد تعقب بأنَّ مسلمًا قد أخرجه من وجه صحيح بلفظ: «يومًا» ، وهذا التعقب لا يفسد الاستدلال، بل يقال: لم يأمره النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- بالصوم، ولو كان شرطًا؛ لأمره به.
واستدلوا بحديث ابن عباس رضي الله عنهما الذي في الباب، وتقدم أنَّ الراجح وقفه.
واستدلوا أيضًا باعتكاف النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- في العشر الأُوَل من شوال كما في «الصحيحين» عن عائشة رضي الله عنها. وقالوا: إيجاب الصوم حكمٌ لا يثبت إلا بالشرع، ولم يصح فيه نصٌّ ولا إجماعٌ.
والقول الثاني هو الراجح، والله أعلم.
(2)
(1)
أخرجه البخاري برقم (2032)، ومسلم برقم (1656).
(2)
انظر: «المغني» (4/ 459)، «الفتح» (2032)، «شرح مسلم» (8/ 67).