الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يصب ليلة القدر. وأقره أبي بن كعب على ذلك، وإنما بيَّن أنها في ليلة سبع وعشرين.
وأما استدلالهم بقوله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: «
…
، فيوافقها .. » فمعناه: يوافقها في نفس الأمر، وإن لم يعلم هو ذلك، والله أعلم.
(1)
مسألة [2]: علامات ليلة القدر
.
ثبت لها بعض العلامات:
أحداها: ليلةٌ سمحاءُ، لا حارَّة ولا باردة.
جاء ذلك من حديث جابر رضي الله عنه عند ابن خزيمة (2190)، وابن حبان (3688)، وفي إسناده: الفضيل بن سليمان، وهو ضعيفٌ، وجاء من حديث عبادة ابن الصامت رضي الله عنه، عند أحمد (5/ 324)، وفيه: بقية بن الوليد، ولم يصرح بالتحديث عن شيخ شيخه، وفيه انقطاع: خالد بن معدان لم يسمع من عبادة، وجاء من حديث ابن عباس رضي الله عنهما، عند ابن خزيمة (2192)، والبزار كما في «الكشف» (1034)، وفي سنده: زمعة بن صالح وهو ضعيفٌ، والحديث يرتقي إلى الحسن بمجموع هذه الشواهد، والله أعلم.
الثانية: نزول المطر.
جاء ذلك في حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، في «الصحيحين»
(2)
، ومن
(1)
انظر: «الفتح» (2022)، «السبل» (4/ 192)، «الشرح الممتع» (6/ 497).
(2)
تقدم تخريجه قريبًا.
حديث عبد الله ابن أُنيس رضي الله عنه، في «صحيح مسلم» (1168).
الثالثة: طلوع الشمس في صبيحة تلك الليلة لا شعاع لها.
لِمَا أخرجه مسلم (762)، عن أُبي بن كعب أنه حدَّث عن رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- أنَّ الشمس تطلع من ذلك اليوم لا شعاع لها.
وله شاهد من حديث ابن مسعود عند أحمد (3857)، من طريق: أبي الصلت، عن أبي عقرب، عنه.
وهذا إسناد ضعيف؛ لجهالة أبي الصلت، وأبي عقرب، وله شاهد كذلك من حديث عبادة بن الصامت، وقد تقدم بيان حاله، ومن أخرجه.
689 -
وَعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها، قَالَتْ: قُلْت: يَا رَسُولَ اللهِ، أَرَأَيْت إنْ عَلِمْت أَيَّ لَيْلَةٍ لَيْلَةُ القَدْرِ، مَا أَقُولُ فِيهَا؟ قَالَ: قُولِي: «اللهُمَّ إنَّك عَفُوٌّ تُحِبُّ العَفْوَ فَاعْفُ عَنِّي» . رَوَاهُ الخَمْسَةُ، غَيْرَ أَبِي دَاوُد، وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ وَالحَاكِمُ.
(1)
الحكم المستفاد من الحديث
فيه استحباب الدعاء في تلك الليلة بهذا الدعاء الذي علَّمَه النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- أمَّ المؤمنين عائشة رضي الله عنها.
ويُستحبُّ الإكثار من جميع الأدعية الواردة عن النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-، والله أعلم.
(1)
صحيح. أخرجه أحمد (6/ 171، 182)، والترمذي (3513)، والنسائي في «عمل اليوم والليلة» (872)، وابن ماجه (3850)، كلهم من طريق عبدالله بن بريدة عن عائشة.
وعبدالله بن بريدة قد نفى الدارقطني سماعه من عائشة؛ ولذلك فقد أورد هذا الحديث شيخنا رحمه الله في «أحاديث معلة ظاهرها الصحة» .
ولكن قد تابع عبدَالله بن بريدة على هذا الحديث أخوه سليمان بن بريدة، وسليمان قد أدرك عائشة، ولكن لا يعلم هل سمع منها أم لا، فيكون على شرط مسلم؛ لأن مسلمًا لا يشترط ثبوت السماع.
وقد أخرج رواية سليمان النسائي في «عمل اليوم والليلة» (877)، وأحمد (6/ 258).
ومن لم يصحح الأحاديث بشرط مسلم؛ فلا يقل الحديث عن درجة الحسن بطريقيه، والله أعلم.
690 -
وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا تُشَدُّ الرِّحَالُ إلَّا إلَى ثَلَاثَةِ مَسَاجِدَ: المَسْجِدُ الحَرَامُ، وَمَسْجِدِي هَذَا، وَالمَسْجِدُ الأَقْصَى» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
(1)
المسائل والأحكام المستفادة من الحديث
بيان معنى الحديث.
قوله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: «لَا تُشَدُّ الرِّحَالُ» .
هذا نفيٌ أُريد به النهي، وهو أبلغ من صريح النهي، والرِّحال جمعُ رَحْلٍ، وهو للبعير كالسرج على الفرس، وكنَّى بشد الرِّحال عن السفر؛ لأنَّه لازمه، وخرج ذكرها مخرج الغالب في ركوب المسافر، وإلا فلا فرق بين ركوب الرَّواحل، والخيل، والبغال، والحمير، والمشي في المعنى المذكور.
ويدلُّ عليه قوله في بعض طرقه: «إنما يسافر
…
» أخرجه مسلم (1397)(513)، عن أبي هريرة رضي الله عنه.
(2)
ويستفاد من هذا الحديث فضيلة هذه المساجد الثلاثة، وشرعية السفر إليها للعبادة: من صلاة، واعتكاف، وغيرها، قال شيخ الإسلام رحمه الله: وأما المساجد الثلاثة فاتفق العلماء على استحباب إتيانها للصلاة ونحوها.
(3)
(1)
أخرجه البخاري (1197)، ومسلم في كتاب الحج رقم (415).
(2)
انظر: «الفتح» (1188).
(3)
انظر: «اقتضاء الصراط المستقيم» (2/ 806).