الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مسألة [10]: من قال: سأصوم غدًا إن شاء الله
؟
إن كان مراده الاستعانة بالتعليق على المشيئة لتحقيق مراده؛ فصيامه صحيح، وإنْ كان مترددًا لا يدري هل يصوم، أو لا يصوم؛ فلا يصح؛ لأنَّ النية لابد لها من الجزم.
(1)
مسألة [11]: من نوى الصوم قبل الفجر ثم جُنَّ
؟
إذا جُنَّ جميع النهار من رمضان؛ فلا يصح صومه؛ لأنه ليس أهلًا للعبادة، ومن شرط الوجوب صحةُ العقل، وعلى هذا فصومه غير صحيح، ولا يلزمه القضاء؛ لأنه ليس أهلًا للوجوب؛ لقوله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: «رُفِع القلم عن ثلاثة
…
»، وذكر منهم:«المجنون حتى يعقل»
(2)
، وهذا مذهب الحنابلة، والشافعية، وأبي حنيفة، وغيرهم. وخالف أبو العباس بن سريج، والمالكية؛ فقالوا بالقضاء.
• وأما إذا جُنَّ جزءًا من النهار: فذهب جمهور الحنابلة، وهو وجهٌ للشافعية، إلى أنه يصح صومه، وهو ترجيح ابن حزم، وابن قدامة، وشيخ الإسلام ابن تيمية.
قال ابن حزم رحمه الله في «المحلَّى» (4/ 363): كنا نذهب إلى أن المجنون والمغمى عليه يبطل صومهما، ولا قضاء عليهما، وكذلك الصلاة، ونقول: إن الحجة في ذلك
…
.
ثم ذكر الحديث المتقدم «رُفِعَ القلم عن ثلاثة» .
(1)
انظر: «المجموع» (6/ 298)، «الشرح الممتع» (6/ 371).
(2)
سيأتي تخريجه في «البلوغ» رقم (1084).
قال: ثم تأملنا هذا الخبر بتوفيق الله تعالى فوجدناه ليس فيه إلا ما ذكرنا من أنه غير مخاطب في حال جنونه حتى يعقل، وليس في ذلك بطلان صومه الذي لزمه قبل جنونه، ولا عودته عليه بعد إفاقته، وكذلك المغمى عليه؛ فوجب أن من جُنَّ بعد أن نوى الصوم من الليل فلا يكون مفطرًا بجنونه، لكنه فيه غير مخاطب، وقد كان مخاطبًا به؛ فإنْ أفاق في ذلك اليوم أو في يوم بعده من أيام رمضان؛ فإنه ينوى الصوم من حينه ويكون صائمًا؛ لأنه حينئذ علم بوجوب الصوم عليه. اهـ
• وذهب الشافعي إلى أنَّ صومه فاسد، وعلل ذلك بأنه معنى يمنع وجوب الصوم، فأفسده وجوده في بعضه كالحيض، وقد رجَّح هذا المجد ابن تيمية جد شيخ الإسلام.
والراجح -والله أعلم- هو القول الأول، وأما ما استدل به الشافعي؛ فقد أجاب عنه ابن قدامة فقال: ولنا على الشافعي أنه زوال عقل في بعض النهار، فلم يمنع صحة الصوم كالإغماء، والنوم، ويُفارق الحيض؛ فإنَّ الحيض لا يمنع الوجوب، وإنما يجوز تأخير الصوم ويحرم فعله. اهـ
تنبيه: الحنفية يقولون: إذا جُنَّ بعض الشهر، وأفاق بعضه؛ لزمه قضاء ما فاته، وخالفهم الجمهور؛ فرأوا أنه لا قضاء عليه، ومذهب المالكية قضاء رمضان، ولو جنَّ فيه كله. والصحيح قول الجمهور.
(1)
(1)
انظر: «المغني» (4/ 334 - )، «شرح كتاب الصيام من العمدة» (1/ 45)، «الإنصاف» (3/ 264)، «المحلَّى» (754)، «الشرح الممتع» (6/ 365)، «الحاوي الكبير» (3/ 463).