الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مِنْ قَوْمِهِ، لَقَدْ أَصَابَتْ فُلَانًا فَاقَةٌ، فَحَلَّتْ لَهُ المَسْأَلَةُ حَتَّى يُصِيبَ قِوَامًا مِنْ عَيْشٍ، فَمَا سِوَاهُنَّ مِنَ المَسْأَلَةِ يَا قَبِيصَةُ سُحْتٌ يَأْكُلُهَا سُحْتًا». رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَأَبُودَاوُد وَابْنُ خُزَيْمَةَ وَابْنُ حِبَّانَ.
(1)
المسائل والأحكام المستفادة من الأحاديث
مسألة [1]: هل يُعْطَى الغني من الزكاة
؟
قال ابن عبد البر رحمه الله في «التمهيد» (16/ 484): ولا خلاف بين علماء المسلمين أن الصدقة المفروضة لا تحل لغني إلا ما ذُكِرَ في حديث أبي سعيد الخدري، واختلفوا في الصدقة التطوع: هل تحل للغني؟ فمنهم من يرى التنزه عنها، ومنهم من لم يَرَ بها بأسًا إذا جاءت من غير مسألة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم لعمر:«ما جاءك من غير مسألة فكله وتموله؛ فإنما هو رزق ساقه الله اليك»
(2)
مع إجماعهم على أن السؤال لا يحل لغني معروف الغنى. اهـ
مسألة [2]: ضابط الغني الذي لا تصرف إليه الزكاة
.
• اختلفوا في هذه المسألة على أقوال، وهي كالأقوال التي تقدمت في الغني الذي تحرم عليه فيه المسألة:
القول الأول: من ملك خمسين درهمًا، فلا تحل له الزكاة، وتقدم دليلهم هنالك، وهو قول الثوري، والحسن بن صالح، وابن المبارك، وأحمد، وإسحاق.
(1)
أخرجه مسلم برقم (1044). وأبوداود (1640)، وابن خزيمة (2361) وابن حبان (3395).
(2)
سيأتي حديث عمر برقم (631).
القول الثاني: من ملك أربعين درهمًا، وتقدم دليلهم أيضًا، وهو قول الحسن، وأبي عبيد.
القول الثالث: من ملك مائتي درهم، أو عشرين دينارًا، وهو قول أبي حنيفة، واستدلوا بحديث:«تؤخذ من أغنيائهم، فترد في فقرائهم»
(1)
، ولا تجب عليه الزكاة حتى يملك القدر المذكور؛ فدلَّ على أنَّ هذا هو الغني الذي تحرم عليه فيه الصدقة الواجبة، وتحرم عليه فيه المسألة.
القول الرابع: من لم يكن محتاجًا فهو الغني الذي لا تصرف له، وأما إذا كان محتاجًا فليس بغني وإن ملك خمسين درهمًا، أو مائتين، وهو قول مالك، والشافعي، وأحمد في رواية، واستدل بعضهم على ذلك بحديث قبيصة بن المخارق الذي في الباب في قوله:«فحلَّت له المسألة حتى يصيب قوامًا من عيش» .
قلتُ: وهذا القول الأخير هو الصواب، وقد رجَّحه ابن عبد البر في «التمهيد» ، وأمَّا التحديد بخمسين درهمًا فحديثهم ضعيفٌ جدًّا، وكذلك التحديد به، والتحديد بأربعين إنما هو في النهي عن المسألة، وليس فيهما تحريم أخذ الصدقة إذا كان محتاجًا، وأما استدلال أبي حنيفة بالحديث؛ فالحديث فيه بيان الغِنَى الموجِب للزكاة، لا بيان الغنى المانع من أخذ الزكاة، وضابط الغِنَى الموجب للزكاة هو من ملك نصابًا من الماشية، أو الأثمان، أو الزروع والثمار؛ فإنه تجب
(1)
تقدم الحديث في الكتاب برقم (583).