الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مسألة [4]: إذا تعجل في الإفطار ظانًّا أنَّ الشمس قد غربت، ثم تبين له أنَّ الشمس لم تغرب؛ فما الحكم
؟
• ذهب الجمهور إلى أنه يجب عليه الإمساك والقضاء، وهو قول مالك، وأحمد، وأبي ثور، ورجَّح ذلك الشيخ ابن باز رحمه الله.
واستدلوا بما يلي:
1) قوله تعالى: {ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} .
2) قول هشام بن عروة وهو من رواة حديث أسماء المتقدم عند أن سُئل، فقيل له: فأُمروا بالقضاء؟ فقال: بُدٌّ مِنْ قَضَاء.
3) ثبت عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه عند عبد الرزاق (4/ 178) أنه قال بعد أن حصل له ذلك: الخطب يسير، وقد اجتهدنا نقضي يومًا.
4) قال الحافظ رحمه الله: ويرجحه أنه لو غُمَّ هلال رمضان، فأصبحوا مفطرين، ثم تبين لهم أنَّ ذلك اليوم من رمضان؛ فالقضاء واجب بالاتفاق، فكذلك هذا.
• وذهب إسحاق، وأحمد في رواية، وداود، وبه قال المزني من الشافعية إلى أنه يجب عليه الإمساك، ولا يجب عليه القضاء، ورجَّحه شيخ الإسلام ابن تيمية، ثم الشيخ ابن عثيمين رحمهما الله.
واستدلوا بما يلي:
1) قوله تعالى: {رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} [البقرة:286].
2) قوله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: «إنَّ اللهَ تجاوز عن أمتي الخطأ، والنسيان، وما استكرهوا عليه» ، وهو حديثٌ لا يثبت، له طرقٌ ذكرها الحافظ ابن رجب في «جامع العلوم والحكم» رقم (39) وتكلم عليها بما يشفي ويكفي، ولكن معناه صحيح؛ لدلالة الكتاب والسنة على ما جاء فيه.
3) حديث: «من نسي وهو صائمٌ، فأكل، أو شرب؛ فليتم صومه
…
»،
(1)
فيقاس عليه من أفطر ظانًّا غروب الشمس بجامع الجهل بالحال؛ فإنَّ كليهما يجهل أنه في حال يحرم عليه الأكل والشرب.
4) أنَّ الأصل عدم الإيجاب عليه؛ إلا بدليل، فما هو الدليل على وجوب القضاء.
5) أنَّ الحديث المذكور أعني حديث أسماء ليس فيه أنَّ النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- أمرهم بالقضاء، ولو أمرهم لَنُقِلَ، وهذا القول هو الراجح، وقد اختاره إمام الأئمة ابن خزيمة رحمه الله.
وأما الرد على أدلة المذهب الأول:
1) أما عن قوله تعالى: {ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} ، فهذا قد أفطر ظانًّا أن الليل قد أتى، وقد تقدم أنه يجوز الإفطار لغلبة الظن.
(1)
سيأتي تخريجه في الكتاب برقم (651).
2) قول هشام بن عروة (بُدٌّ مِنْ قَضَاء)، يجاب عنه بأنَّ البخاري أورد في «صحيحه» أيضًا أنَّ هشامَ بن عروة سُئل، فقال: لا أدري أقضوا أم لا؟
فهذا يدل على أنه رأى ذلك اجتهادًا منه، وقد قال شيخ الإسلام: أبوه أعلم منه، وقد كان يقول: لا قضاء عليهم.
3) أما أثر عمر؛ فقد صحَّ عنه، وأورد له البيهقي عدَّةَ طرق.
(1)
وقد أخرج عبد الرزاق (4/ 179)، والبيهقي (4/ 217) عن زيد بن وهب، عن عمر رضي الله عنه أنه قال: والله لا نقضيه، وما تجانفنا لإثم.
وقد خطَّأَ البيهقي رواية زيد بن وهب، ونقل عن يعقوب بن سفيان الفارسي أنه كان يحمل على زيد بن وهب بهذه الرواية المخالفة للروايات المتقدمة، بينما رجَّح شيخ الإسلام رواية زيد بن وهب، وقال: إسنادها أثبت، وعلى كُلٍّ فإنْ صح عن عمر القضاء؛ فهو اجتهاد منه رضي الله عنه، والحجة بالكتاب والسنة.
ويمكن أن يُجمع بين الأثرين بأن عمر رأى عدم القضاء، ثم قال:(نقضيه)، أي: احتياطًا، ويشير إليه قوله: الخطب يسير.
4) الاتفاق الذي نقله الحافظ لم يصح؛ فقد وُجِد الخلاف في الصورة التي ذكرها كما في «مجموع الفتاوى» (25/ 109) و «الإنصاف» (3/ 254) و «المحلَّى» (4/ 293 - 294).
وقد تقدمت المسألة تحت حديث (635).
(2)
(1)
انظر «السنن الكبرى» (4/ 217).
(2)
انظر: «المجموع» (6/ 307 - 308)، «التمهيد» (7/ 181 - 182)، «مجموع الفتاوى» (20/ 571 - 573)، «شرح كتاب الصيام من العمدة» (1/ 490 - )، «فتاوى رمضان» (2/ 572)، «الشرح الممتع» (6/ 402 - 403، 410 - 411)، «الفتح» (1959).