الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قالوا: ولم يستفصل النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- من الرجل: أَنَسِي، أم لا؟ قالوا: وترك الاستفصال في مقام الاحتمال يُنَزَّلْ مَنْزِلَةَ العموم في المقال.
والرَّدُّ على ذلك: أنَّ في سياق الحديث ما يدل على أنَّ الرجل لم يكن ناسيًا، بل كان متعمدًا، وهو قوله:(هلكتُ)، وقوله:(احترقت)، فهذه الألفاظ لا يقولها إلا من كان متعمدًا للمعصية، لا من وقعت منه نسيانًا، والله أعلم.
(1)
مسألة [5]: من دخل في حلقه الذباب وهو صائمٌ، وكذا الغبار والدقيق
؟
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: ونقل ابن المنذر الاتفاق على أنَّ من دخل حلقه الذباب وهو صائمٌ أنْ لا شيء عليه، لكن نقل غيره عن أشهب أنه قال: أحبُّ إليَّ أن يقضي. حكاه ابن التين. اهـ
والصواب أنه لا شيء عليه؛ لقوله تعالى: {وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ} [البقرة:225]، وقوله:{وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ} [الأحزاب:5].
وألَحَق الحنابلة، والشافعية، وغيرهم بهذه المسألة ما لو دخل الغبار إلى حلقه من غير قصدٍ، وكذا نخل الدقيق، وما أشبه ذلك. اهـ.
(2)
مسألة [6]: من أكل، أو شرب، أو جامع جاهلاً بالتحريم
؟
• المشهور عند الحنابلة أنه يُعَدُّ مُفْطِرًا، وإنْ كان جاهلًا؛ لأنَّ النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- مرَّ
(1)
انظر: «الفتح» (1933)(1936)، «المجموع» (6/ 324)، «توضيح الأحكام» (3/ 179)، «المحلَّى» (753)، «المغني» (4/ 374).
(2)
انظر: «المغني» (4/ 364)، «الفتح» (1933)، «الإنصاف» (3/ 276)، «الحاوي الكبير» (3/ 419)، «المجموع» (6/ 327).
بالذي يحتجم فقال: «أفطر الحاجم والمحجوم» ، ولم يكن واحدٌ منهما يعلم أنَّ ذلك منهي عنه.
• وذهب بعض الحنابلة كأبي الخطاب، والمجد ابن تيمية، وجزم به الشيرازي في «المهذب» أنه لا يُعَدُّ مُفْطِرًا، ويُعذَرُ بجهله، واستدلوا بحديث عدي بن حاتم عند أن نزل قوله تعالى:{وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ} [البقرة:187]، فأخذ عقالًا أبيضَ، وعقالًا أسود، فلم يزل يأكل ويشرب حتى يتبين له رؤيتهما، فقال النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-:«إن وسادك لعريض، إنما هو سواد الليل، وبياض النهار» متفق عليه عنه، وعن سهل ابن سعد بنحوه.
وهذا القول هو الصحيح، وقد رجَّحه الإمام ابن عثيمين رحمه الله، وأما استدلالهم بحديث:«أفطر الحاجم والمحجوم» ، فقد تقدم الجواب عليه في مسألة الحجامة، وعلى التسليم بأنه أفطر؛ فلم يأتِ في الحديث أنهما لم يكونا يعلمان أنَّ الحجامة منهي عنها.
(1)
فائدة تتعلق بالمسألة السابقة: قال النووي رحمه الله في «المجموع» (6/ 324): إذا أكل الصائم، أو شرب، أو جامع جاهلًا بتحريمه؛ فإنْ كان قريب عهد بإسلام، أو نشأ ببادية بعيدة بحيث يخفى عليه كون هذا مفطرًا؛ لم يفطر؛ لأنه لا يأثم، فأشبه الناسي الذي ثبت فيه النص، وإن كان مخالطًا للمسلمين؛ بحيث لا يخفى عليه تحريمه؛ أفطر؛ لأنه مقصر. اهـ
(1)
انظر: «الإنصاف» (3/ 274)، «شرح كتاب الصيام من العمدة» (1/ 463 - 464)، «الشرح الممتع» (6/ 401 - )، «المجموع» (6/ 323 - ).