الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال: وَالْمَذْهَبُ الْأَوَّلُ.
ثم قال: وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ عَلَى نَحْوٍ مِمَّا حَكَيْنَا فِي مَذْهَبِنَا، وَالصَّحِيحُ أَنَّ الْخُلْطَةَ لَا تُؤَثِّرُ فِي غَيْرِ الْمَاشِيَةِ؛ لِقَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:«وَالْخَلِيطَانِ مَا اشْتَرَكَا فِي الْحَوْضِ وَالْفَحْلِ وَالرَّاعِي» . وَقَوْلُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: «لَا يُجْمَعُ بَيْنَ مُتَفَرِّقٍ، خَشْيَةَ الصَّدَقَةِ» ، إنَّمَا يَكُونُ فِي الْمَاشِيَةِ؛ لِأَنَّ الزَّكَاةَ تَقِلُّ بِجَمْعِهَا تَارَةً، وَتَكْثُرُ أُخْرَى، وَسَائِرُ الْأَمْوَالِ تَجِبُ فِيهَا فِيمَا زَادَ عَلَى النِّصَابِ بِحِسَابِهِ، فَلَا أَثَرَ لِجَمْعِهَا. اهـ
قلتُ: وما رجَّحه ابن قدامة هو الصحيح، وقد رجَّحه الإمام ابن عثيمين رحمه الله، ولكن حديثه الأول الذي استدل به لا يثبت، أخرجه الدارقطني (2/ 104)، عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه، وفي إسناده: ابن لهيعة، وقد تفرد به.
مسألة [33]: الأوقاص في الماشية
.
الوقص: بفتح الواو، والقاف، ويجوز إسكانها: هو ما بين الفريضتين عند الجمهور، واستعمله الشافعي فيما دون النصاب الأول أيضًا.
• وفي مسألة الأوقاص قولان:
الأول: لا شيء في الأوقاص، والزكاة على النصاب فقط دون العفو، وهو مذهب أحمد، والشافعي في الجديد، ومالك في رواية، وأبي حنيفة، وأبي يوسف، وداود، وهو قول أكثر العلماء، قاله ابن المنذر.
الثاني: الزكاة على النصاب وما زاد، وهو مذهب الشافعي في القديم، ومالك في رواية، ومحمد بن الحسن، وزُفَر، ويظهر أثر الخلاف فيمن له مثلًا تسعٌ من
الإبل، فتلف أربعة بعد الحول، وقبل التمكن من الأداء حيث قلنا: إنه شرط في الوجوب، وجبت عليه شاة بلا خلاف، وكذا إن قلنا: التمكن شرطٌ في الضمان، وقلنا: الوقص عفو، وإن قلنا: يتعلق به الفرض؛ وجب خمسة أتساع شاة.
قلتُ: وقول الجمهور هو الصواب والعمل عليه، والله أعلم.
(1)
(1)
انظر: «المجموع» (5/ 393)، «شرح سنن النسائي» للأثيوبي (22/ 75).
585 -
وَعَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ رضي الله عنه، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم بَعَثَهُ إلَى اليَمَنِ، فَأَمَرَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ كُلِّ ثَلَاثِينَ بَقَرَةً تَبِيعًا أَوْ تَبِيعَةً
(1)
، وَمِنْ كُلِّ أَرْبَعِينَ مُسِنَّةً، وَمِنْ كُلِّ حَالِمٍ دِينَارًا أَوْ عَدْلَهُ مَعَافِر.
(2)
رَوَاهُ الخَمْسَةُ، وَاللَّفْظُ لِأَحْمَدَ، وَحَسَّنَهُ التِّرْمِذِيُّ، وَأَشَارَ إلَى اخْتِلَافٍ فِي وَصْلِهِ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَالحَاكِمُ.
(3)
(1)
التبيع: هو الذي استكمل سنة، والمسنة: ما استكملت سنتين.
(2)
معافر: هي قبيلة باليمن تنسب إليها الثياب المعافرية.
(3)
حسن بشواهده، دون قوله: (ومن كل حالم
…
). أخرجه أحمد (5/ 230)، وأبوداود (1576)، والنسائي (5/ 25 - 26)، والترمذي (623)، وابن ماجه (1803)، وابن حبان (4886)، والحاكم (1/ 398)، كلهم من طريق الأعمش عن أبي وائل عن مسروق عن معاذ به.
وهذا الإسناد ظاهره الصحة، ولكنه قد أعل بالإرسال، قال الترمذي في «السنن»: وروى بعضهم هذا الحديث عن سفيان عن الأعمش عن أبي وائل عن مسروق عن النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- أنه بعث معاذًا
…
وهذا أصح. اهـ، ورجح الدارقطني أيضًا المرسل كما في «التلخيص». وانظر من رواه مرسلًا:«تحقيق المسند» (36/ 340).
قلتُ: كذا قال الحافظ، والذي في العلل (985) أنه رجح رواية الأعمش، عن أبي وائل، عن مسروق، عن معاذ رضي الله عنه، وكذا رجح ذلك البيهقي (9/ 193).
وله طريق أخرى عن معاذ: أخرجها أحمد (5/ 240)، من طريق يزيد بن أبي حبيب عن سلمة ابن أسامة عن يحيى بن الحكم أن معاذًا قال بعثني رسول الله
…
فذكره مطوَّلًا. وإسناده ضعيف؛ لأن سلمة مجهول، وشيخه مجهول الحال، ولم يدرك معاذًا كما قال الحافظ في «التعجيل» .
وله طريق أخرى: أخرجها مالك في «الموطأ» (1/ 259) عن حميد بن قيس المكي عن طاوس أن معاذ بن جبل أخذ من ثلاثين بقرة تبيعًا ومن أربعين مسنة، وأتي بما دون ذلك فأبى أن يأخذ منه شيئًا، وقال: لم أسمع من رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- فيه شيئًا حتى ألقاه فأسأله
…
.
ورجاله ثقات، ولكن طاوسًا لم يلقَ معاذًا، لكن قال الشافعي: طاوس عالم بأمر معاذ وإن لم يلقه لكثرة من لقيه ممن أدرك معاذًا، وهذا مما لا أعلم من أحد فيه خلافًا.
ثم وجدت له طريقًا أخرى: أخرجه أبو عبيد (993)، وابن زنجويه (105، 1454)، من طريق الأعمش، عن إبراهيم، عن معاذ. وهذا إسنادٌ منقطعٌ؛ لأن إبراهيم لم يدرك معاذا رضي الله عنه، وهو يقوي ما تقدم.
وله شاهد من حديث ابن مسعود رضي الله عنه أخرجه أحمد (1/ 411)، والترمذي (622)، وابن ماجه (1804)، وغيره، وفي إسناده خصيف الجزري ضعيف سيئ الحفظ، وأبوعبيدة لم يسمع من أبيه.
فالحديث بهذه الطرق لا ينزل عن رتبة الحسن بل يرتقي إلى الصحة، وقد صححه الإمام الألباني، بل وأكثر العلماء المتقدمين والمتأخرين. انظر:«الإرواء» (3/ 268)، و «تحقيق المسند» (3905)(22013)(22084).
تنبيه: الطرق الأخرى للحديث التي ذكرنا وحديث ابن مسعود ليس فيه ذكر الجزية (ومن كل حالم
…
إلخ) فهي زيادة ضعيفة.