الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقد تقدم أنَّ الصحيح أنَّ عليه الإمساك، وليس عليه القضاء.
راجع المسألة تحت حديث رقم (640).
مسألة [7]: إذا أذن المؤذن لصلاة الفجر، والشراب في اليد أيشربه أم لا
؟
ورد في هذه المسألة أحاديث، أحسنها ما أخرجه أحمد (10629، و 10630)، وأبو داود (2350) وغيرهما، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«إذا سمع أحدكم النداء والإناء على يده، فلا يضعه حتى يقضي حاجته منه» .
قال ابن أبي حاتم في «العلل» (340): سألت أبي عن حديث رواه روح بن عبادة، عن حماد، عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:«إذا سمع أحدكم النداء والإناء على يده، فلا يضعه حتى يقضي حاجته منه» .
قلت لأبي: وروى روح أيضا عن حماد، عن عمار بن أبي عمار، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، مثله، وزاد فيه: وكان المؤذن يؤذن إذا بزغ الفجر.
قال أبي: هذان الحديثان ليسا بصحيحين؛ أما حديث عمار: فعن أبي هريرة موقوف، وعمار ثقة. والحديث الآخر: ليس بصحيح. اهـ
وله شاهد من مراسيل الحسن البصري رحمه الله:
أخرجه أحمد (2/ 423) عن غسان، عن حماد بن سلمة، عن يونس، عن الحسن به.
وهذا إسناد ضعيف؛ غسان هو ابن الربيع، وفيه ضعف، والحسن رواه مرسلًا. ولكنه يقوى ما قبله، وما بعده.
وله شاهد من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما:
أخرجه أحمد (3/ 348) من طريق ابن لهيعة، عن أبي الزبير، قال: سألت جابرًا عن الرجل يريد الصيام، والإناء على يده ليشرب منه، فيسمع النداء؟ قال جابر: كنا نُحدَّث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ليشرب.
وهذا إسنادٌ ضعيفٌ؛ لضعف ابن لهيعة، والحديث حسن بما تقدم له من شواهد، والله أعلم.
قال أبو عبد الله غفر الله له: هذه الأحاديث تدل على مشروعية تناول ما رفعه إلى فيه ليشربه أو يأكله، ومثل ذلك إن كان الطعام، أو الشراب قد صار في فمه، ولا يلتحق بذلك ما لم يكن قد رفعه في يده، والله أعلم.
وقد تأول أكثر الفقهاء هذا الحديث، ولم يقولوا به، والأخذ بظاهره أسلم، والله أعلم.
وقال الإمام الألباني رحمه الله كما «تمام المنة» (ص 417): وفيه دليل على أن من طلع عليه الفجر، وإناء الطعام أو الشراب على يده: أنه يجوز له أن لا يضعه؛ حتى يأخذ حاجته منه؛ فهذه الصورة مستثناة من الآية: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ} فلا تعارض بينها وما في معناها من
الأحاديث، وبين هذا الحديث ولا إجماع يعارضه. اهـ المراد.
وقال الشيخ عبد المحسن العباد عافاه الله في «شرح سنن أبي داود» (13/ 78): إذا كان المؤذن الذي يؤذن يعتمد عليه في معرفة الوقت؛ فإن الإنسان إذا كان قد بدأ يشرب فإنه يكمل الشرب، ولكنه لا يبدأ بعد الأذان، وكونه عندما يسمع الأذان يبادر ويذهب ليشرب لا يجوز له ذلك؛ لأن الأذان حصل بعد دخول الوقت، وإذا دخل وقت الفجر؛ فإنه يمنع الأكل ويبيح الصلاة، أي: صلاة الفجر؛ لأنه جاء وقتها، والأكل ذهب وقته في حق من يريد أن يصوم.
فمن أذن المؤذن وهو يشرب؛ فإنه يكمل الشرب، وإذا كان لم يبدأ فإنه لا يجوز له، وهذه المسألة من ضمن المسائل التي يقال فيها: يجوز في الاستدامة ما لا يجوز في الابتداء، يعني: أن الإنسان لا يجوز له أن يبدأ الشرب، ولكنه إذا كان قد بدأ يكمل، وليس معناه: أن الذي في فمه يقذفه ولا يشرب، بل يبلع الذي في فمه ويكمل أيضًا؛ لأن الذي جاء عنه التحديد جاء عنه استثناء هذه الحالة، فيجوز في الاستدامة ما لا يجوز في الابتداء. اهـ