الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مسألة [23]: إذا كان النِّصَابُ كلُّه ذكورًا
؟
أما في مسألة الغنم، فجمهور الشافعية، والحنابلة على أنه يجزئ إخراج الذكر عنها، واستدلوا بحديث الباب، بقوله:«ولا تيس إلا أن يشاء المصدق» ، كما تقدمت الإشارة إلى ذلك.
وأما في مسألة البقر والإبل، فوجهان، والصحيح عند الشافعية، والحنابلة الإجزاء، وذهب بعض الشافعية، والحنابلة إلى عدم الإجزاء، وهذا القول هو الصواب؛ لأنَّ ما أوجبه الله ورسوله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- لا يُخْرَجُ عنه إلا بدليل صحيح، وعلى هذا؛ فالواجب هو الإناث في الإبل؛ إلا ابن لبون إذا لم يكن عنده بنت مخاض، وإلا في ثلاثين بقرة؛ ففيها: تبيع، أو تبيعة، كما سيأتي إن شاء الله.
(1)
مسألة [24]: إذا كان مع صاحب الماشية عشرون من الضأن، وعشرون من المعز
؟
قال ابن قدامة رحمه الله في «المغني» (4/ 50): لَا نَعْلَمُ خِلَافًا بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي ضَمِّ أَنْوَاعِ الْأَجْنَاسِ بَعْضِهَا إلَى بَعْضٍ، فِي إيجَابِ الزَّكَاةِ، وَقَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: أَجْمَعَ مَنْ نَحْفَظُ عَنْهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى ضَمَّ الضَّأْنِ إلَى الْمَعْزِ. إذَا ثَبَتَ هَذَا؛ فَإِنَّهُ يُخْرِجُ الزَّكَاةَ مِنْ أَيِّ الْأَنْوَاعِ أَحَبَّ، سَوَاءٌ دَعَتْ الْحَاجَةُ إلَى ذَلِكَ، بِأَنْ يَكُونَ الْوَاجِبُ وَاحِدًا، أَوْ لَا يَكُونَ أَحَدُ النَّوْعَيْنِ مُوجِبًا لِوَاحِدٍ، أَوْ لَمْ تَدْعُ الحَاجَةُ إِلَى ذَلِكَ، بِأَنْ يَكُونَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ النَّوْعَيْنِ يَجِبُ فِيهِ فَرِيضَةٌ كَامِلَةٌ. وَقَالَ عِكْرِمَةُ، وَمَالِكٌ، وَإِسْحَاقُ: يُخْرِجُ مِنْ أَكْثَرِ الْعَدَدَيْنِ؛ فَإِنْ اسْتَوَيَا أَخْرَجَ مِنْ أَيِّهِمَا شَاءَ.
(1)
انظر: «الإنصاف» (3/ 53)، «المجموع» (5/ 422).
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: الْقِيَاسُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ كُلِّ نَوْعٍ مَا يَخُصُّهُ. واخْتَارَهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ. اهـ
قلتُ: والصواب ما ذهب إليه الحنابلة من أنه يُجزِئ من أي النوعين شاء، سواء كان الضأن والمعز متساويين، أو متفاوتين في العدد، وهذا هو اختيار ابن حزم رحمه الله.
إلا أنَّ الحنابلة قالوا: يخرج من أحد النوعين ما قيمته كقيمة المخرج من النوعين، فإذا كان النوعان سواء، وقيمة المخرج من أحدهما اثنا عشر، ومن الآخر خمسة عشر؛ أخرج من أحدهما ما قيمته ثلاثة عشر ونصف، وهكذا ينظر إلى نسبة الشقص، فيخرج بحسبه، وأما ابن حزم فيرى الإجزاء مطلقًا بدون هذا التفصيل، وقوله أقرب، والله أعلم.
قال ابن حزم رحمه الله رادًّا على قول مالك، والشافعي: وهذا قول بلا برهان، لا من قرآن، ولا من سنة صحيحة، ولا رواية سقيمة، ولا قول صاحب، ولا قياس، بل الذي ذكروا خلاف للسنن المذكورة، وقد اتفقوا على جمع المعزى مع الضأن، وعلى أن اسم غنم يعمها، وأن اسم الشاة يقع على الواحد من الماعز ومن الضأن، ولو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم علم في حكمها فرقًا؛ لبينه كما خص التيس، وإن وجد في اللغة اسم التيس يقع على الكبش؛ وجب أن لا يؤخذ في الصدقة إلا برضى المصدق، والعجب أن المانع من أخذ الماعزة عن الضأن أجاز أخذ الذهب عن الفضة والفضة عن الذهب وهما عنده صنفان يجوز بيع بعضهما ببعض متفاضلًا. اهـ.
(1)
(1)
انظر: «المحلَّى» (671).