الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قوله: «غُفِرَ لَهُ» ظاهره يتناول الصغائر والكبائر، وبه جزم ابن المنذر، وقال النووي: المعروف أنه يختص بالصغائر، وبه جزم إمام الحرمين، وعزاه عياض لأهل السنة، قال بعضهم: ويجوز أن يخفف من الكبائر إذا لم يصادف صغائر.
ويؤيد قول الجمهور قوله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: «الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان مُكفِّرات ما بينهن إذا اجتنبت الكبائر» أخرجه مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه.
فائدة: قال الحافظ رحمه الله: سُمِّيت الصلاة في الجماعة في ليالي رمضان التروايح؛ لأنهم أول ما اجتمعوا عليها كانوا يستريحون بين كل تسليمتين. «الفتح» (2008).
تنبيه: عدد الركعات في قيام الليل تقدم في [باب صلاة التطوع]، فليُراجَع من هنالك.
مسألة [2]: أيهما أفضل في صلاة التراويح: أن تكون في المسجد أم في البيت
؟
• ذهب الجمهور إلى استحباب أن تكون في المسجد، وهو الذي جمع الناسَ عليه عمرُ بن الخطاب رضي الله عنه. وثبت عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه كان يصلى في المسجد، ويؤم الناس.
قالوا: وإنما لم يفعله النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- خشيةَ أن يفرض على الناس كما ثبت ذلك في
«الصحيحين»
(1)
عن عائشة رضي الله عنها بعد أن صلى النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- بهم في المسجد بعض الليالي ثم تركه.
• وذهب مالك في إحدى الروايتين عنه، وأبو يوسف، وجماعة من الشافعية إلى أنَّ الصلاة في البيوت أفضل، وصح عن ابن عمر رضي الله عنهما.
واستدلوا بحديث زيد بن ثابت عند البخاري (730)، ومسلم (781)، قال: احْتَجَرَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم حُجَيْرَةً بِخَصَفَةٍ، أَوْ حَصِيرٍ، فَخَرَجَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم يُصَلِّى فِيهَا، قَالَ: فَتَتَبَّعَ إِلَيْهِ رِجَالٌ، وَجَاءُوا يُصَلُّونَ بِصَلَاتِهِ.
قَالَ: ثُمَّ جَاءُوا لَيْلَةً، فَحَضَرُوا، وَأَبْطَأَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم عَنْهُمْ.
قَالَ: فَلَمْ يَخْرُجْ إِلَيْهِمْ، فَرَفَعُوا أَصْوَاتَهُمْ، وَحَصَبُوا الْبَابَ، فَخَرَجَ إِلَيْهِمْ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم مُغْضَبًا، فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم:«مَا زَالَ بِكُمْ صَنِيعُكُمْ حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّهُ سَيُكْتَبُ عَلَيْكُمْ، فَعَلَيْكُمْ بِالصَّلَاةِ فِى بُيُوتِكُمْ؛ فَإِنَّ خَيْرَ صَلَاةِ الْمَرْءِ فِى بَيْتِهِ إِلَّا الصَّلَاةَ الْمَكْتُوبَةَ» .
قالوا: فالنبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- ذكر أنَّ أفضل الصلاة في بيته إلا المكتوبة عند أن طلبوا منه الخروج للصلاة في المسجد؛ فدل على أنَّ الصلاة في البيت أفضل.
قالوا: ولا يصح إخراج هذه الصورة -أعني الاجتماع لصلاة الليل في المسجد- من الحديث بالتخصيص؛ لأنَّ الحديث بالتفضيل وارد فيها.
وصحَّ هذا عن ابن عمر، والقاسم، وسالم، وإبراهيم.
(1)
أخرجه البخاري (1127)، ومسلم (761)، وعند البخاري:«وكان ذلك في رمضان» .
قال أبو عبدالله غفر الله له: الصلاة مع الجماعة في المسجد أنشط للإنسان من الصلاة بمفرده، ومعينة له على الاجتهاد في الصلاة، والذكر، والعبادة؛ ولذلك جمع عمر رضي الله عنه الناسَ عليها، واستمر عمل المسلمين على ذلك، فنحن نفضل الصلاة في المسجد من أجل ذلك، وبالله التوفيق.
(1)
(1)
انظر: «مصنف ابن أبي شيبة» (2/ 396 - 397)، «الفتح» (2013).