الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأما حديثهم فليس فيه أن الحج مما أراده الله عز وجل في الآية، بل فيه أنَّ الحج من سبيل الله، وهذا أمر لا نجادل فيه؛ فإنَّ جميع القُرَبِ والطاعات كلها في سبيل الله، والظاهر في الجمل أنه لم يكن من أموال الزكاة، بل كان من الوقف؛ لقوله:(ذاك حبيس في سبيل الله)، ومسألتنا هي في صرف الزكاة إلى الحجاج، فالقول الثاني هو الراجح، والله أعلم.
(1)
مسألة [23]: إصلاح الطرق، وبناء المساجد
.
جاء عن بعضهم أنه عمم في سبيل الله، وأدخل فيه مثل إصلاح الطرق، وبناء المساجد، وما أشبهه من فعل الخير، حُكِي عن الحسن، وبعض الحنفية، وخالفهم عامة أهل العلم.
قال الإمام ابن عثيمين رحمه الله في «الشرح الممتع» (6/ 242): هذا القول ضعيفٌ؛ لأننا لو فسَّرنا الآية بهذا المعنى لم يكن للحصر فائدة إطلاقًا، والحصر هو: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ
…
}؛ فالصواب أنها خاصة بالجهاد في سبيل الله. اهـ.
(2)
مسألة [24]: هل يجزئ أن تصرف الزكاة لطلاب العلم
؟
• مذهب الحنابلة والحنفية مشروعية صرفها لطلاب العلم؛ ينتفعون بها في طلب العلم، وفي الرحلة، وفي شراء الكتب، واختار هذا القول شيخ الإسلام ابن
(1)
انظر: «المغني» (9/ 328)، «الإنصاف» (3/ 212)، «المجموع» (6/ 212).
(2)
انظر: «المغني» (4/ 125).
تيمية، ثم الإمام العثيمين رحمة الله عليهما، وهو الصحيح؛ لأن طالب العلم يعتبر مجاهدًا في سبيل الله، فقد قال الله عز وجل:{وَجَاهِدْهُمْ بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا} ، وهذه الآية كان نزولها في مكة قبل الإذن بقتال المشركين، ومع ذلك سمَّاه الله عز وجل جهادًا. وقال جل وعلا:{يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ} ، فسمَّى الله بيان حال المنافقين جهادًا، وهم يجاهدون باللسان. وقال النبي صلى الله عليه وسلم:«جاهدوا المشركين بأموالكم، وأنفسكم، وألسنتكم» أخرجه أحمد، والنسائي من حديث أنس رضي الله عنه، بإسناد صحيح.
• ومذهب الشافعية أيضًا مشروعية صرفها لطالب العلم؛ إلا أن بعضهم اشترط أن يكون طالب العلم نجيبًا يرجى أن ينتفع المسلمون بتفقهه. واشترط بعضهم أن لا يكون قادرًا على التكسب مع التعلم والتعليم. وهذا الأخير مذهب المالكية أيضًا.
• وقال بعض الحنفية: لا يعطى من الزكاة إلا أن يكون فقيرًا.
قال أبو عبد الله غفر الله له: العلم والتعليم من الجهاد في سبيل الله فيدخل في قوله عز وجل: {وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ} ، وقد تقدم ذكر بعض الأدلة الدالة على ذلك، والله المستعان.
(1)
(1)
انظر: «شرح منتهى الإرادات» (1/ 454)، «مطالب أولي النهى» (2/ 134، و 137)، «المجموع» (6/ 191)، «حاشية ابن عابدين» (2/ 340)، «الموسوعة الفقهية الكويتية» (28/ 336)، «الإقناع» (1/ 291)، «الشرح الممتع» (6/ 222).