الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثانيًا: من خاف الهلاك من الجوع والعطش
.
قال النووي رحمه الله: قال أصحابنا وغيرهم: من غلبه الجوع، والعطش، فخاف الهلاك؛ لزمه الفطر، وإن كان صحيحًا مُقيمًا؛ لقوله تعالى:{وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} [البقرة:195]، وقوله تعالى:{وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا} [النساء:29]، ويلزمه القضاء كالمريض.
(1)
ثالثًا ورابعًا: الحامل والمرضع
.
• في المسألة أقوال:
الأول: أنهما تُفْطِران، وتُطْعِمَان عن كل يوم مسكينًا، وليس عليهما القضاء، وهو قول عكرمة، وسعيد بن جبير، والقاسم بن محمد، وإسحاق بن راهويه، وصحَّ هذا القول عن ابن عباس كما في «تفسير الطبري» (3/ 425، 427) بأسانيد صحيحة، وجاء عن ابن عمر كما في «مسند الشافعي» (1/ 278)، وغيره بإسناد صحيح.
واستدلوا بالآية: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} [البقرة:184]، وقرأ ابن عباس:(يطوقونه)، وقد تقدم الكلام على الآية في مسألة الشيخ العاجز.
الثاني: أنهما يفطران ويقضيان ولا فدية، وهو قول الحسن، والنخعي، وعطاء، والزهري، والضحاك، والأوزاعي، وربيعة، والثوري، وأبي حنيفة
(1)
انظر: «المجموع» (6/ 258)، «الإنصاف» (3/ 258)، «المحلَّى» (755)، «المغني» (4/ 404 - 405).
وأصحابه، والليث، والطبري، وأبي ثور، وأبي عبيد، وهو قول مالك في المرضع، والشافعي في أحد قوليه في الحامل.
واستدلوا بحديث أنس بن مالك الكعبي عند أصحاب «السنن» أنَّ النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- قال: «إنَّ الله عزوجل وضع عن المسافر الصوم، وشطر الصلاة، وعن الحبلى والمرضع الصوم»
(1)
، وقد حسنه شيخنا في «الجامع الصحيح» ، وقالوا: هو فطر أُبيح لعذر طارئ، فلا يجب به كفارة كالمرض.
وهذا القول هو الراجح، وهو ترجيح شيخنا مقبل الوادعي، والشيخ ابن باز، والشيخ ابن عثيمين رحمة الله عليهم.
الثالث: إن خافتا على أنفسهما لا غير، أو على أنفسهما وولدهما؛ أفطرتا، وقضتا ولا فدية عليهما، وإن خافتا على ولدهما لا على أنفسهما؛ أفطرتا وقضتا، وعليهما الفدية، وهو قول الشافعي، وأحمد، ورُوي ذلك عن مجاهد.
الرابع: الحامل تفطر، وتقضي، ولا فدية، والمرضع تفطر، وتقضي، وتفدي، وهو قول مالك، والليث، ورجَّحه ابن عبد البر.
الخامس: لا قضاء عليهما، ولا إطعام، وهو قول ابن حزم رحمه الله، واستدل بحديث أنس المتقدم، وأُجيب بأنَّ المراد وضع الأداء لا وضع القضاء بدليل أنَّ المسافر عليه أيام أُخر كما قال تعالى:{فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} .
(1)
أخرجه أبو داود (2408)، والترمذي (715)، والنسائي (4/ 180، 190)، وابن ماجه (1667).