الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
استدلوا به إلا بطريق المفهوم، وحديث ابن عمر منطوق؛ فيقدم عليه.
قال ابن القيم رحمه الله: ولا يقوى ما يتوهم من عموم المفهوم على معارضته هذين الخبرين. يعني حديث ابن عمر، وابن عباس.
قال: وأصول الشرع تشهد للاكتفاء بقول الواحد؛ فإنَّ ذلك خبر عن دخول وقت الصيام، فاكتفي فيه بالشاهد الواحد، كالإخبار عن دخول وقت الصلاة بالأذان، ولا فرق بينهما. اهـ
وقال شيخ الإسلام رحمه الله في «شرح العمدة» : المفهوم عارضه نص، والمنطوق مقدم على المفهوم؛ فإنَّ المفهوم أحسن أحواله أن يكون كالعام مع الخاص، وكالقياس مع النص، وهذا يترك من غير نسخ، والنص لا يترك إلا بناسخ. اهـ
قلتُ: فالذي يظهر أنَّ القول الثاني هو الصحيح، وهو ترجيح الإمام ابن باز، والإمام العثيمين، والإمام الوادعي رحمة الله عليهم.
(1)
مسألة [2]: إذا رأى الهلال وحده، فهل يلزمه الصوم والفطر
؟
• في هذه المسألة ثلاثة مذاهب:
المذهب الأول: أنه يلزمه الصوم إذا رأى هلال رمضان، ويلزمه الفطر إذا رأى هلال شوال، ويُفطر سرًّا حتى لا يُتَّهَم.
وهو مذهب الشافعي، والحسن بن حي، ورواية عن أحمد، ورجَّحه ابن حزم؛
(1)
انظر: «نيل الأوطار» (1625)، «المحلى» (757)«شرح كتاب الصيام من العمدة» (1/ 135 - )، «سبل السلام» (4/ 111 - )، «شرح المهذب» (6/ 282)، «الطرق الحكمية» (ص 146 - ).
لقوله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: «صوموا لرؤيته، وأفطروا لرؤيته» ، فهذا قد تيقن أن رمضان قد دخل، أو قد خرج؛ فوجب عليه العمل به.
المذهب الثاني: أنه يلزمه الصوم إذا رأى هلال رمضان، وأما إذا رأى هلال شوال؛ فلا يُفطر.
وهو المشهور عن أحمد، ومالك، وأبي حنيفة، واستدلوا بما استدل به الفريق الأول، وقالوا: لا يُفطر احتياطًا لرمضان.
المذهب الثالث: يصوم مع الناس، ويُفطر مع الناس.
وهو مذهب الشعبي، والحسن، وابن سيرين، ورواية عن أحمد، ورجَّح ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية، والشيخ الألباني، والشيخ ابن باز، واستدلوا بحديث أبي هريرة مرفوعًا:«صومكم يوم تصومون، وفطركم يوم تفطرون» أخرجه الترمذي،
(1)
وإسناده حسن.
وثبت عن أنس رضي الله عنه، أنه كره مخالفة الأمير، وصام معه قبل دخول الشهر. أخرجه أحمد كما في مسائل الفضل بن زياد، كما في «زاد المعاد» (2/ 43) بإسنادٍ حسنٍ.
والراجح -والله أعلم- هو القول الأول، وقد أجابوا عن هذا الحديث بِحَمْلِه على من لم يعلم خلاف ما عليه الناس، ولم يتيقن من رؤية الهلال، كما ذكر ذلك الصنعاني في «سبل السلام» ، والله أعلم.
(2)
(1)
تقدم تخريجه في «البلوغ» برقم (469).
(2)
انظر: «مجموع الفتاوى» (25/ 114 - 118)، «المغني» (4/ 416)، «التمهيد» (7/ 158 - 159)، «سبل السلام» (3/ 217 - 218)، «المحلَّى» (757)، «شرح كتاب الصيام من العمدة» (1/ 154 - )«الشرح الممتع» (6/ 328 - 330).