الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأما من السنة: فالأحاديث فيه كثيرة، منها: أحاديث الباب، وجاءت الرخصة أيضًا في ذلك من حديث ابن عباس، وأبي سعيد، وعائشة، وأبي الدرداء، وكلها في «الصحيح» .
وأما الإجماع: فقد نقل النووي، وابن قدامة الإجماع على ذلك في الجملة.
(1)
مسألة [2]: هل تشمل الرخصةُ سفرَ المعصية، أم لا
؟
• ذهب مالك، والشافعي، وغيرهما إلى أنَّ الرخصة لا تشمل سفر المعصية؛ لأنه عاصٍ، فلا يُعان على ذلك.
• وذهب أبو حنيفة، وداود الظاهري إلى أنها تشمل سفر المعصية، ورجَّح ذلك ابن حزمٍ، ثم قال: وبرهان صحة قولنا قول الله تعالى: {وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة:185]، فعمَّ تعالى الأسفار كلها، ولم يخص سفرًا من سفر:{وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا} [مريم:64].اهـ
وهذا القول هو الراجح، والله أعلم.
(2)
مسألة [3]: هل يجوز للمسافر الصوم في سفره
؟
• ذهبت طائفة إلى أنه لا يجوز للمسافر الصوم في السفر، وهو قول بعض أهل الظاهر، كداود، وابن حزم، وحُكِي هذا المذهب عن أبي هريرة، وابن عباس،
(3)
(1)
انظر: «المغني» (4/ 345)، «المجموع» (6/ 261)، «الفتاوى» (25/ 209).
(2)
انظر: «المجموع» (6/ 261)، «المحلَّى» (762).
(3)
أثر أبي هريرة رضي الله عنه ذكره ابن حزم في «المحلى» (762)، وفي إسناده: محرر بن أبي هريرة، وهو مجهول، وأثر ابن عباس رضي الله عنهما أخرجه ابن أبي شيبة (3/ 14) بإسناد صحيح عنه: أنه قال: الإفطار في السفر عزيمة.
وعن النخعي، والزهري.
واستدلوا بما يلي:
1) حديث: «صَائِمُ رَمَضَانَ فِي السَّفَرِ كَالمُفْطِرِ فِي الْحضَرَ» أخرجه النسائي (4/ 183)، وابن ماجه (1666)، من حديث عبدالرحمن بن عوف رضي الله عنه.
1) قوله تعالى: {فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة:185].
2) قوله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: «لَيْسَ مِنَ الْبِرِّ الصِّيَامُ فِي السَّفَرِ» أخرجه البخاري (1946)، ومسلم (1115) من حديث جابر رضي الله عنه.
3) قوله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- في الذين صاموا: «أُولَئِكَ الْعُصَاةُ» .
• وذهب جمهور العلماء، والأئمة الأربعة إلى جواز الصيام في السفر، واستدلوا بأحاديث كثيرة منها: حديث أنس، وجابر، وأبي سعيد، وكلها في «الصحيح»
(1)
، والمعنى متقارب: «كُنَّا نسافر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فمنا الصائم، ومنا المفطر، فلا يعيب الصائم على المفطر، ولا المفطر على الصائم. وحديث حمزة بن عمرو الأسلمي الذي في الكتاب.
وأجابوا عن أدلة المذهب الأول بما يلي:
1) أما حديث: «صائم رمضان في السفر كالمفطر في الحضر» : فالصحيح فيه أنه من قول عبد الرحمن بن عوف، وليس مرفوعًا، رجَّح ذلك أبو زرعة كما
(1)
أخرجها مسلم برقم (1116)(1117)(1118)، وأخرج البخاري حديث أنس رضي الله عنه برقم (1947).
في «العلل» لابن أبي حاتم (1/ 239)، والدارقطني في «العلل» (4/ 283)، وأشار إليه النسائي.
قال البيهقي رحمه الله في «الكبرى» (4/ 283): ورُوي مرفوعًا، وإسناده ضعيفٌ.
قلتُ: والموقوف على عبد الرحمن بن عوف لا يثبت أيضًا؛ فإنه من رواية ولده أبي سلمة عنه، وقد نصَّ أئمة العلل أنه لم يسمع منه.
2) قوله تعالى: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة:184]، معناها: أو على سفر، فأراد الفطر، فأفطر؛ فعليه عدة من أيام أُخر، وقلنا ذلك جمعًا بين الآية وبين الأحاديث.
3) حديث: «ليس من البر الصيام في السفر» ، هذا الحديث قد خرج على حالةٍ يقصر عليها، وهي أنَّ النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- مرَّ برجلٍ قد غُشي عليه من الصوم، ثم ظلل عليه، فقال:«ما شأنه؟» قالوا: صائم. قال: «ليس من البر الصيام في السفر» ، فيحمل هذا الحديث على من كان الصوم يشق عليه، أو يؤدي به إلى ترك ما هو أولى من الصوم من وجوه القُرَب.
قال ابن دقيق العيد: والمانعون في السفر يقولون: إنَّ اللفظ عامٌّ، والعبرة بعمومه لا بخصوص السبب.
قال: وينبغي أن ينتبه للفرق بين دلالة السبب والسياق والقرائن على تخصيص العام على مراد المتكلم، وبين مجرد ورود العام على سبب؛ فإنَّ بين العامين فرقًا