الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مسألة [25]: هل تحسب السِّخال من النِّصاب
؟
• ذهب جمهور العلماء إلى أنَّ السِّخال تُعَدُّ على صاحب الماشية، ولا يؤخذ منها، واستدلوا على ذلك بما جاء عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه بإسناد صحيح، أنَّ سفيان بن عبد الله الثَّقفي قَدِمَ عليه من الطائف، فقال: يا أمير المؤمنين، شكى إلينا أهل الشاء، فقالوا: تَعْتَدُّوا علينا بالبُهم، ولا تأخذونه؟ قال: فاعْتَدَّ عليهم بالبهم، ولا تأخذه حتى يعتد عليهم بالسخلة يريحها الرَّاعي على يديه، وقل لهم: إنَّا ندعُ لكم الرُّبَّى، والوالدة، وشاة اللحم، والفحل، ونأخذ منكم العَنَاق، والجَذَعَة، والثنية، وذلك وسط بيننا وبينكم.
أخرجه مالك (1/ 265)، وعبد الرزاق (4/ 11 - 12)، وأبو عبيد (ص 535)، وابن أبي شيبة (3/ 134)، والبيهقي (4/ 100 - 101)، وغيرهم.
قالوا: ولا يُعْلَم لعمر مخالفٌ له من الصحابة.
• وذهب الحسن، والنخعي، إلى أنه لا زكاة في السِّخال حتى يحول عليها الحول، ولا تُعدُّ على أصحاب الماشية قبل ذلك، وهذا القول نصره ابن حزم في «المحلَّى» ، وذكر أنَّ عمر قد خُولِف، واستدل على ذلك بقول ابن عمر، وعلي، وغيرهما رضي الله عنهم: من استفاد مالًا؛ فلا زكاة عليه حتى يحول الحول. وقال بأنَّ جماعة من أهل الطائف خالفوا في ذلك كما في أثر عمر رضي الله عنه.
قال: والظاهر أن فيهم صحابة؛ لقرب العهد بالنبي صلى الله عليه وسلم.
واستدل أيضًا بحديث أنس رضي الله عنه الذي في الكتاب، وفيه: «وفي كل أربعين إلى
عشرين ومائة شاةٍ: شاةٌ».
قال: والسِّخال لا يُطلق عليها شاة.
وقال ابن حزم رحمه الله في «المحلَّى» : وَأَيْضًا: فَقَدْ أَجْمَعُوا عَلَى أَنْ لَا يُؤْخَذَ خَرُوفٌ، وَلَا جَدْيٌ فِي الْوَاجِبِ فِي الزَّكَاةِ عَنِ الشَّاءِ؛ فَأَقَرُّوا بِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى شَاةً، وَلَا لَهُ حُكْمُ الشَّاءِ، فَمِنْ الْمُحَالِ أَنْ يُؤْخَذَ مِنْهَا زَكَاةٌ؛ فَلَا تَجُوزُ هِيَ فِي الزَّكَاةِ بِغَيْرِ نَصٍّ فِي ذَلِكَ.
قال: وَأَيْضًا فإن زَكَاةَ مَاشِيَةٍ لَمْ يَحُلْ عَلَيْهَا حَوْلٌ لَمْ يَأْتِ بِهِ قُرْآنٌ، وَلَا سُنَّةٌ، وَلَا إجْمَاعٌ.
قال أبو عبدالله غفر الله له: لم يأت عن النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- أنه أمر سُعاته أن يجعلوا للسخال حولًا خاصًّا بها، ولا يعدوها مع الكبار، ولو أمرهم بذلك؛ لنُقِل، وأيضًا: إنَّ ذلك شاقٌّ ومُتعذر، أعني أن يحسب لكل سخلة حولًا منفصلًا؛ وعليه فالذي أفتى به عمر رضي الله عنه ولم يخالفه فيه أحد من الصحابة هو الحق إن شاء الله تعالى، والله أعلم.
وقد رجَّح هذا القول الإمام ابن باز، والإمام العثيمين -رحمه الله تعالى-، وبالله التوفيق.
(1)
تنبيه: حكم الفصلان صغار الإبل والعجول صغار البقر نفس حكم السِّخال في المسألة المذكورة.
(1)
انظر: «المغني» (4/ 46)، «الأموال» (535 - )، «المحلَّى» (672)، «ابن أبي شيبة» (3/ 134).
تتمة للمسألة السابقة:
• اختلف الجمهور فيما بينهم فيما إذا لم يكمل النصاب إلا بالسِّخال على قولين:
الأول: أنَّ الحول يُحسب من حين ملك السِّخال، وكمل النصاب، وهذا القول رواية عن أحمد، وهو الصحيح عند الحنابلة، وهو قول الشافعي، وأبي ثور، وأصحاب الرأي.
وهذا القول هو الصحيح؛ لأنَّ الأموال لا يحسب حولها حتى تستكمل نصابًا.
الثاني: يُعتبر حول الجميع من حين ملك الأمهات، وهو قول مالك، ورواية عن أحمد.
(1)
وقد قال ابن حزم رحمه الله: وَحَصَلُوا كُلُّهُمْ عَلَى أَنْ ادَّعَوْا أَنَّهُمْ قَلَّدُوا عُمَرَ رضي الله عنه، وَهُمْ قَدْ خَالَفُوهُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ نَفْسِهَا، فَلَمْ يَرَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَالشَّافِعِيِّ أَنْ تُعَدَّ الأَوْلَادُ مَعَ الأُمَّهَاتِ إلَاّ إذَا كَانَتْ الأمَّهَاتُ نِصَابًا، وَلَمْ يَقُلْ عُمَرُ ذَلِكَ.
قال أبو عبدالله غفر الله له: عمر رضي الله عنه لم يصرح بأن ذلك فيما زاد على النصاب، ولكن هو ظاهر كلامه رضي الله عنه؛ لأنه قد عُلِم عن الصحابة رضي الله عنهم أنهم يشترطون حَوَلَان الحول كما سيأتي بيان ذلك إن شاء الله.
وعليه فكلامه محمول على ما إذا كان هناك نصاب، وأما إن كانت السخال مكملة للنصاب فالذي يظهر أنه يبدأ حساب الحول من حين الكمال والله أعلم.
(2)
(1)
«المغني» (4/ 47).
(2)
انظر: «المحلَّى» (672)(5/ 279).