الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقيل: سُمِّيت بذلك لأنَّ للطاعات فيها قدرًا عظيمًا، وثوابًا جزيلًا، وهناك أقوال أخرى.
(1)
مسألة [2]: هل ليلة القدر باقية، أم رفعت
؟
الصحيح الذي عليه الأدلة المتكاثرة أنها باقية، وأما ما جاء في «البخاري» (49)، من حديث عبادة بن الصامت، وفي «مسلم» (1167)(217)، من حديث أبي سعيد، ومن حديث الفلتان بن عاصم عند البزار كما في «الكشف» (4/ 136)، وهو في «الصحيح المسند» (1068): أنَّ النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- خرج يخبرهم بليلة القدر، فرأى رجلين يختصمان، فحجز بينهما، فقال:«خرجت لأخبركم بليلة القدر، فتلاحى فلان وفلان، فَرُفِعَت» ، فالمراد رفع تعيينها، وقد وجد خلاف شاذٌّ لا يُعبأ به بأنها رفعت.
فقد قال الإمام النووي رحمه الله: وهذا القول الذي اخترعه هؤلاء الشَّاذُّون غلطٌ ظاهر، وغباوة بينة؛ لأن آخر الحديث يرد عليهم؛ لأنه صلى الله عليه وسلم قال:«فَرُفِعَت، وعسى أن يكون خيرًا لكم، فالتمسوها في التاسعة، والسابعة، والخامسة» ، ولو كان المراد رفع وجودها لم يأمر بالتماسها. اهـ.
(2)
مسألة [3]: متى ليلة القدر
؟
• اختلف في تعيين ليلة القدر على أقوال كثيرة، أورد الحافظ في «الفتح» أكثر من أربعين قولًا.
(1)
انظر: «تفسير القرطبي» [سورة القدر]، «الفتح» (2014).
(2)
انظر: «المجموع» (6/ 402) ط/الإرشاد، «الشرح الممتع» (6/ 491)، «الفتح» (2023).
قال عبد الله البسام: ويمكن تصنيف هذه الأقوال إلى أربع فئات:
الأولى: مرفوضة، كالقول بإنكارها في أصلها، أو القول برفعها.
الثانية: ضعيفة، كالقول بأنها ليلة النصف من شعبان، ويدل على ضعف هذا القول قوله تعالى:{شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ} [البقرة:185]، وقوله:{إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ} [القدر:1].
الثالثة: مرجوحة، كالقول بأنها في رمضان في غير العشر الأخيرة منه.
الرابعة: وهي الرَّاجحة، وهو كونها في العشر الأواخر من شهر رمضان، وأرجاها: أوتارها، وأرجى الأوتار: السبع الأواخر، وأرجاها ليلة سبع وعشرين. اهـ
قلتُ: وهذا القول الأخير هو الصحيح، وتجتمع به الأدلة كلها، فقد جاء عن النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- أنه قال:«التمسوها في العشر الأواخر» ، فشمل الليالي الوتر منها والشفع.
وقلنا: إنَّ الليالي الوتر أرجى؛ لقول النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: «التمسوها في الوتر من العشر الأواخر» .
وقلنا: إنَّ ليلة سبع وعشرين أرجى؛ لحديث أُبي بن كعب في «صحيح مسلم» (762): أنه كان يحلف لا يستثني أنها ليلة سبع وعشرين.
وجاء عن ابن عباس عند أحمد (2149): أنَّ رجلًا قال: يا رسول الله، إني يشق عليَّ القيام، فمرني بليلةٍ لعل الله يوفقني بليلة القدر، فقال:«عليك بالسابعة» . واستدلوا بحديث معاوية الذي في الكتاب، والرَّاجح وقفه كما تقدم.
والذي جعلنا لا نعينها في ليلة سبع وعشرين أنه قد ثبت في «الصحيحين»
(1)
من حديث أبي سعيد رضي الله عنه: أنها وقعت ليلة إحدى وعشرين.
وفي «صحيح مسلم» (1168)، عن عبدالله بن أنيس: أنها وقعت ليلة ثلاث وعشرين، أما كون أرجى الليالي جملةً السبع الأواخر؛ فلحديث ابن عمر المتقدم في الكتاب.
وكذلك ما رواه مسلم في «صحيحه» (1165)(209)، عن عبد الله بن عمر أنَّ النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- قال:«التمسوها في العشر الأواخر، فمن ضعُفَ، أو عجز فلا يغلبن على السبع البواقي» .
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله بعد أن ذكر أقوالًا كثيرة في المسألة: وَأَرْجَحهَا كُلّهَا أَنَّهَا فِي الوِتْرٍ مِنْ الْعَشْر الْأَخِيرة، وَأَنَّهَا تَنْتَقِل كَمَا يُفْهَم مِنْ أَحَادِيث هَذَا الْبَاب، وَأَرْجَاهَا أَوْتَار الْعَشْر، وَأَرْجَى أَوْتَار الْعَشْر عِنْد الشَّافِعِيَّة لَيْلَة إِحْدَى وَعِشْرِينَ، أَوْ ثَلَاث وَعِشْرِينَ عَلَى مَا فِي حَدِيث أَبِي سَعِيد وَعَبْد الله بْن أُنَيْسٍ، وَأَرْجَاهَا عِنْد الْجمْهُور لَيْلَة سَبْع وَعِشْرِينَ، وَقَدْ تَقَدَّمَتْ أَدِلَّة ذَلِكَ. انتهى.
(2)
(1)
أخرجه البخاري (2027)، ومسلم (1167).
(2)
انظر: «الفتح» (2020)، «مجموع الفتاوى» (25/ 284)، «توضيح الأحكام» (3/ 247).