الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
صاحب «الحاوي» وغيره من أصحابنا عن المغربي، وبشر المريسي المعتزلي أن الاعتبار بمائتي درهم عددًا لا وزنًا، حتى لو كان معه مائة درهم عددًا وزنها مائتان؛ فلا شئ فيها، وإن كانت مائتان عددًا وزنها مائة؛ وجبت الزكاة، قال أصحابنا: وهذا غلط منهما؛ لمخالفته النصوص والإجماع؛ فهو مردود. اهـ.
(1)
مسألة [8]: هل في المغشوش زكاة
؟
قال النووي رحمه الله في «شرح المهذب» (6/ 19): ذكرنا أن مذهبنا أنه لا زكاة في المغشوش من ذهب ولا فضة، حتى يبلغ خالصه نصابًا، وبه قال جمهور العلماء، وقال أبو حنيفة: إن كان الغش مثل نصف الفضة، أو الذهب، أو أكثر؛ فلا زكاة حتى يبلغ الخالص نصابًا، وإن كان أقل؛ وجبت الزكاة إذا بلغ بغشه نصابًا. قال الماوردي: وفساد هذا القول ظاهر، والاحتجاج عليه تكلف، ويكفي في رَدِّه قوله صلى الله عليه وسلم:«ليس فيما دون خمس أواق من الورق صدقة»
(2)
. انتهى.
قال الإمام ابن عثيمين رحمه الله في «الشرح الممتع» (6/ 103): إن كان في الذهب خلطٌ يسير؛ فهو تبعٌ لا يضره؛ لأنَّ الذهب لابد أن يُجعل معه شيء من المعادن لأجل أن يقويه، ويصلبه، وإلا لكان لَيِّنًا. اهـ
مسألة [9]: ما زاد على النصاب من الذهب والفضة، هل فيه زكاة
؟
• في المسألة أقوال:
القول الأول: أنَّ ما زاد؛ ففيه زكاة، وإنْ كانت الزيادة قليلة، وكلما زاد
(1)
وانظر: «الشرح الممتع» (6/ 104 - 105).
(2)
سيأتي تخريجه في الكتاب برقم (595)(596).
فبحسابه، وهذا القول ثبت عن علي رضي الله عنه، بإسناد حسن، وجاء عن ابن عمر بسند منقطع؛ لأنَّ خالدًا الحذاء يرويه عن ابن عمر، ولم يسمع منه، وهو قول جمهور العلماء، ومنهم: عمر بن عبد العزيز، والنخعي، ومالك، والثوري، وابن أبي ليلى، والشافعي، وأحمد، وأبو عبيد، وأبو ثور، وابن المنذر، وآخرون، واستدل بعضهم بحديث علي الذي في الكتاب:«فما زاد؛ فبحساب ذلك» ، وقد تقدم أن الرَّاجح وقفه.
واستدل على ذلك أبو عبيد بحديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، أنَّ النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- قال:«ليس فيما دون خمس أواق صدقة» ، فيدل على أنَّ الخمسة، وما زاد فيها زكاة، ولم يأت عن النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- أنه جعل فيها أوقاصًا لا شيء فيها.
القول الثاني: لا شيء في زيادة الدراهم، حتى تبلغ أربعين؛ ففيها درهم، ولا شيء في زيادة الدنانير، حتى تبلغ أربعة؛ ففيها درهم، أو ربع عشرها.
وهذا القول جاء عن عمر بن الخطاب، أخرجه أبو عبيد في «الأموال» من طريق: يحيى بن أيوب، عن حميد، عن أنس، أنَّ عمر أمره بذلك.
وهذا الإسناد يحتمل التحسين.
وقال بهذا القول: سعيد بن المسيب، وعطاء، وطاوس، والحسن، والشعبي، ومكحول، والزهري، وعمرو بن دينار، وأبو حنيفة.
قلتُ: وقد جاء في هذا المذهب حديثٌ شديد الضعف، أخرجه الدارقطني
(2/ 93)، من حديث معاذ رضي الله عنه مرفوعًا:«إذا بلغ الورق مائتين؛ ففيها خمسة دراهم، ثم لا شيء فيها، حتى يبلغ أربعين درهمًا» ، وفي إسناده: أبو العطوف الجراح بن منهال، متروكٌ، وعُبَادَةُ بْنُ نُسَي يرويه عن معاذ، ولم يلقه.
القول الثالث: ذهب طاوسٌ إلى أنها إذا زادت على مائتين؛ فليس فيها شيء، حتى تبلغ أربعمائة، ثم كذلك حتى تبلغ ستمائة، رُوي هذا عن طاوس، وقد تقدم أنه من القائلين بالقول الثاني.
قال أبو عبيد: لا نعلم أحدًا وافق طاوسًا على هذا، ولا عمل به.
وقال أبو عبيد: وأما القول الذي يُروى عن عمر، والحسن، وابن شهاب؛ فإنه عندي على تأويل الأواقي: أنه لما جاء في الأثر: «إنه ليس في أقل من خمس أواق شيء» ، ثم فيها خمسة دراهم، رأوا أن في كل أوقية درهمًا، ولم يروا في الكسور شيئًا؛ إذ لم يكن لها ذكرٌ في الحديث.
قال: وقد يحتمل قول عمر بن الخطاب: في كل أربعين درهمًا: درهمٌ، وفي كل أربعة دنانير: درهمٌ. أن يكون إنما أراد أن يفهم الناس الحساب، وأن يعلمهم أنَّ في كل أوقية درهمًا، وهو مع هذا يرى أن ما زاد على المائتين، وعلى عشرين دينارًا؛ ففيه الزكاة بالحساب.
قال أبو عبد الله غفر الله له: الصواب قول الجمهور، وهو اختيار أئمة العصر