الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الباب الخامس: في التيمم
، وفيه أربعة فروع
الفرع الأول: في التيمم لعدم الماء
5287 -
(خ م ط د س) عائشة رضي الله عنها قالت: خَرَجْنَا مَعَ رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض أسفارِه، حتى إذا كُنَّا بالبَيْدَاءِ - أو بذاتِ الجيش - انْقطَعَ عِقْد لي، فأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم على التماسه، وأقام الناسُ معه، وليسوا على ماء، وليس معهم ماء، فأتى الناسُ إلى أبي بكر، فقالوا: ألا ترى إلى ما صَنَعتْ عائشة؟
⦗ص: 248⦘
قامت برسول الله صلى الله عليه وسلم وبالناس معه، وليسوا على ماء، وليس معهم ماء؟ فجاء أبو بكر ورسول الله صلى الله عليه وسلم وَاضِع رأسه على فَخذي قد نام، فقال: حَبستِ رسول الله صلى الله عليه وسلم والناسَ، وليسوا على ماء، وليس معهم ماء؟ فقالت عائشة: فعاتبني أبو بكر، وقال ما شاء الله أن يقول، وجعل يَطْعَن بيده في خاصِرَتي، فلا يمنعني من التحرُّك إلا مكانُ رسول الله صلى الله عليه وسلم على فَخِذي، فنام رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أصْبَح على غير ماء، فأنزل الله تعالى آية التيمم، فَتَيَمَّمُوا، فقال أسَيد بنُ حُضَير - وهو أحدُ النُّقَباء -: ما هي بأولِ بَرَكتِكُمْ يا آل أبي بكر، قالت عائشةُ: فَبَعثْنا البعيرَ الذي كنتُ عليه، فوجدنا العِقْدَ تحتَه.
وفي رواية: أن عائشة قالت: «سَقَطَتْ قِلَادَة لي بالبَيْدَاءِ، ونحن داخلون المدينة، فأناخَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم، ونزل، فَثَنى رأسه في حَجْرِي راقداً، فأقْبَل أبو بكر فلكَزَني لَكْزَة شديدة، وقال: حبسْتِ الناسَ في قِلَادة، فَبيَ الموتُ لمكانِ رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد أوجعني، ثم إن النبيَّ صلى الله عليه وسلم استيقظَ وحضرتِ الصبحُ، فالتمس الماءَ فلم يوجد، فنزلت {يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهَكُمْ وأيديَكُمْ إلى المرافق وامسحوا برؤوسِكُمْ وأرجُلَكُم إلى الكعبين وإن كنتم جُنباً فاطَّهَّرُوا وإن كنتم مرضى أو على سَفَرٍ أو جاء
⦗ص: 249⦘
أحدٌ منكُمْ من الغائط أو لامستم النساءَ فلم تجدوا ماءً فتيمَّمُوا صعيداً طَيِّباً فامسحوا بوجوهِكم وأيديكم منه ما يريدُ اللهُ ليجعلَ عليكم من حَرَجٍ ولكن يريدُ لِيُطَهِّرَكم ولِيُتِمَّ نعمته عليكم لعلكم تشكرون} [المائدة: 6] قال أُسيدُ بنُ حضير: لقد بارك الله للناس فيكم يا آل أبي بكر، ما أنتم إلا بركة لهم» .
أخرجه البخاري ومسلم، وأخرج «الموطأ» والنسائي الرواية الأولى.
وفي رواية أبي داود قالتْ: «بَعَثَ رسول الله صلى الله عليه وسلم أُسَيْدَ بنَ حُضيْر وأُناساً معه في طلب قِلادة أضَلَّتها عائشةُ، فحضرتِ الصلاةُ، فَصلَّوْا بغير وضوء، فأتَوُا النبيَّ صلى الله عليه وسلم، فذكروا ذلك له، فأُنزلت آية التيمم» .
زاد في رواية: «فقال لها أسَيد: يرحمكِ اللهُ، ما نزلَ بكِ أمر تكرهينه إلا جعل الله للمسلمين ولكِ فيه فرجاً» (1) .
⦗ص: 250⦘
[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(التيمم) في اللغة: القصد: وهو في الشريعة: الفعل المعروف القائم مقام الوضوء.
(النُّقَبَاء) : جمع نَقِيب: وهو المقدَّم على جماعة يكون أمرهم مردوداً إليه، كالعريف أو أكبر منه، والمراد بالنقباء: الجماعة من الأنصار الذين أسلموا في العقبة، وهم سُبَّاق الأنصار إلى الإسلام، جعلهم النبي صلى الله عليه وسلم نقباء على قومهم، وكان أسيد بن حضير منهم.
(فَبَعثنا) بعثت البعير وغيره: إذا أثَرْته ليقوم.
(فثَنى رأسه في حجري) أي: عَطَفَه ولَوَاه.
(فَلَكَزني) اللَّكْز والنَّخس واحد.
(1) رواه البخاري 1 / 373 في التيمم، باب إذا لم يجد ماء ولا تراباً، وفي فضائل، أصحاب
⦗ص: 250⦘
النبي صلى الله عليه وسلم، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: لو كنت متخذاً خليلاً، وباب فضل عائشة، وفي تفسير سورة النساء، باب {وإن كنتم مرضى أو على سفر} ، وفي تفسير سورة المائدة، باب {فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيداً طيباً} ، وفي النكاح، باب استعارة الثياب للعروس وغيرها، وباب قول الرجل لصاحبه: هل أعرستم الليلة، وطعن الرجل ابنته في الخاصرة عند العتاب، وفي اللباس، باب استعارة القلائد، وفي المحاربين، باب من أدب أهله أو غيره دون السلطان، ومسلم رقم (367) في الحيض، باب التيمم، والموطأ 1 / 53 و 54 في الطهارة، باب هذا باب في التيمم، وأبو داود رقم (317) في الطهارة، باب التيمم، والنسائي 1 / 163 و 164 في الطهارة، باب بدء التيمم.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح: أخرجه مالك الموطأ صفحة (57) وأحمد (6/179) قال: قرأت على عبد الرحمن: مالك والبخاري (1/91) و (7/52) قال: حدثنا عبد الله بن يوسف. قال: أخبرنا مالك. وفي (5/9) قال: حدثنا قتيبة بن سعيد، عن مالك وفي (6/63) و (64) و (8/215) قال: حدثنا إسماعيل. قال: حدثني مالك. (ح) قال: وحدثنا يحيى بن سليمان. قال: حدثني ابن وهب. قال: أخبرني عمرو. ومسلم (1/191) قال: حدثنا يحيى بن يحيى. قال: قرأت على مالك. والنسائي (1/163) وفي الكبرى (291) قال: أخبرنا قتيبة، عن مالك وابن خزيمة (262) قال: حدثنا يونس بن عبد الأعلى. قال: أخبرنا عبد الله بن وهب بن مسلم أن مالكا حدثه.
كلاهما - مالك، وعمرو بن الحارث - عن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه، فذكره.
وعن عروة، عن عائشة. «أنها استعارت من أسماء قلادة، فهلكت، فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم ناسا من أصحابه في طلبها» .
أخرجه الحميدي (165) قال: حدثنا سفيان. وأحمد (6/57) قال: حدثنا ابن نمير. وعبد بن حميد (1504) قال: حدثني ابن أبي شيبة. قال: حدثنا أبو أسامة. والدارمي (752) قال: أخبرنا عبد الله بن سعيد. قال: حدثنا أبو أسامة والبخاري (1/92) قال: حدثنا زكريا بن يحيى. قال: حدثنا عبد الله بن نمير. وفي (5/37 و 7/29) قال: حدثنا عبيد بن إسماعيل. قال: حدثنا أبو أسامة. وفي (6/57) قال: حدثنا محمد. قال: أخبرنا عبدة. وفي (7/204) قال: حدثنا إسحاق بن إبراهيم. قال: حدثنا عبدة. ومسلم (1/192) قال: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة. قال: حدثنا أبو أسامة (ح) وحدثنا أبو كريب. قال: حدثنا أبو أسامة وابن بشر. وأبو داود (317) قال: حدثنا عبد الله بن محمد النفيلي. قال: أخبرنا أبو معاوية (ح) وحدثنا عثمان بن أبي شيبة. قال: أخبرنا عبدة. وابن ماجة (568) قال: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة. قال: حدثنا أبو أسامة. والنسائي (1/172) وفي الكبرى (304) قال: أخبرنا إسحاق ابن إبراهيم. قال: أنبأنا أبو معاوية. وابن خزيمة (261) قال: حدثنا محمد بن العلاء بن كريب. قال: حدثنا أبو أسامة.
ستتهم - سفيان بن عيينة، وأبو أسامة، وعبد الله بن نمير، وعبدة بن سليمان، ومحمد بن بشر، وأبو معاوية - عن هشام بن عروة، عن أبيه، فذكره.
وعن عباد بن عبد الله بن الزبير، عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت:«أقبلنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره حتى إذا كنا بتربان بلد بينه وبين المدينة بريد وأميال» .
أخرجه أحمد (6/272) قال: حدثنا يعقوب. قال: حدثنا أبي، عن ابن إسحاق. قال: حدثني يحيى ابن عباد بن عبد الله بن الزبير، عن أبيه، فذكره.
5288 -
(د س) عمار بن ياسر رضي الله عنه «أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم عرَّس بذات الجيش ومعه عائشة، فانقطع عِقد لها من جزع ظفار، فحبس الناسَ ابتغاءُ عِقدها ذلك حتى أضاء الفجر وليس مع الناس ماء،
⦗ص: 251⦘
قال: فتغيَّظَ عليها أبو بكر، وقال حبستِ الناسَ وليس معهم ماء، فأنزل اللهُ على رسوله رُخْصَةَ التَّطَهُّر بالصعيدِ الطيِّبِ، فقام المسلمون مَعَ رسول الله صلى الله عليه وسلم، فضربوا بأيديهم الأرض، ثم رفعوا أيديَهم، ولم يقبضوا من التراب شيئاً، فمسحوا بها وجوهَهم وأيديَهم إلى المناكب، ومن بطون أيديهم إلى الآباط» .
زاد في رواية: قال ابنُ شهاب في حديثه: «ولا يَعتبرُ بهذا الناس» قال أبو داود: وكذلك رواه ابن إسحاق، قال فيه: عن ابن عباس، وذكر فيه «ضربتين» ، كما ذكره يونس، ورواه معمر عن الزهري «ضربتين» (1) .
وفي رواية النسائي: «من جزع أظفار» وفيه: «فأنزل الله رخصة التيمم بالصعيد» ، وفيه:«فلم ينفضوا من التراب شيئاً» وانتهت روايته إلى قوله: «الآباط» .
وفي أخرى «تيممنا مَعَ رسول الله صلى الله عليه وسلم، فمسحنا بوجوهِنا وأيدينا إلى المناكب» .
⦗ص: 252⦘
وفي أخرى نحوه، ولم يذكر المناكب والآباط.
قال ابن الليث - وهو عبد الملك بن شعيب -: «إلى ما فوق المرفقين» (3) .
[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(عَرَّس) التَّعْرِيس: نزول المسافر آخر الليل نزلة للنوم أو الاستراحة.
(أظْفَار) يروى هذا الحديث «جزْع ظِفَار» ، و «جزع أظْفَار» فأما «ظفار» بوزن: قَطَام، فهو مدينة باليمن، نُسِب الجزع إليها، وأما «أظفار» فهو اسم لنوع من الجزع يعرفونه.
(الصَّعِيد) : التراب، وقيل: وجه الأرض، وأراد بالطَّيِّب: الطاهر منه، ومنه الاستطابة للاستنجاء، وهو تطييب الرجل نفسه بإزالة الأذى عنه.
(1) ما روي من ضربتين في التيمم، فكلها مضطربة.
(2)
قال البغوي في " شرح السنة ": هذا حكاية فعلهم، لم ننقله عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما حكى عمار عن نفسه التمعك في حال الجنابة، فلما سأل النبي صلى الله عليه وسلم وأمره بالوجه والكفين، انتهى إليه وأعرض عن فعله.
(3)
رواه أبو داود رقم (318) و (319) و (320) في الطهارة، باب التيمم، والنسائي 1 / 166 - 168 في الطهارة، باب التيمم، وباب التيمم في السفر، وباب الاختلاف في كيفية التيمم، والصحيح في التيمم الاقتصار على الوجه واليدين، وأما رواية المسح إلى المرفقين ونصف الذراع ففيهما مقال.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه أحمد (4/264)(396) قال: حدثنا أبو معاوية. وفي (4/265) قال: حدثنا عفان، قال: حدثنا عبد الواحد، وفيه (4/265) قال: حدثنا محمد بن جعفر، قال: حدثنا شعبة. وفيه (4/265) قال: حدثنا يعلى بن عبيد. والبخاري (1/95) قال: حدثنا بشر بن خالد، قال: حدثنا محمد، هو غندر، عن شعبة. وفي (1/95) قال: حدثنا عمر بن حفص، قال: حدثنا أبي. وفي (1/96) قال: حدثنا محمد بن سلام، قال: أخبرنا أبو معاوية. ومسلم (1/192) قال: حدثنا يحيى بن يحيى وأبو بكر بن أبي شيبة وابن نمير» . ميعا عن أبي معاوية (ح) وحدثنا أبو كامل الجحدري، قال: حدثنا عبد الواحد. وأبو داود (321) قال: حدثنا محمد بن سليمان الأنباري، قال: حدثنا أبو معاوية الضرير. والنسائي (1/170) وفي الكبرى (300) قال: أخبرنا محمد بن العلاء، قال: حدثنا أبو معاوية. وابن خزيمة (270) قال: حدثنا يوسف بن موسى، قال: حدثنا أبو معاوية.
خمستهم - أبو معاوية، وعبد الواحد بن زياد، وشعبة، ويعلى، وحفص بن غياث - عن الأعمش، عن شقيق أبي وائل، فذكره.
وعن ناجية بن خفاف، عن عمار بن ياسر، قال:«أجنبت وأنا في الإبل، فلم أجد ماء، فتمعكت في التراب تمعك الدابة. فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته بذلك. فقال: إنما كان يجزيك من ذلك التيمم» .
أخرجه الحميدي (144) قال: حدثنا سفيان. وأحمد (4/263) قال: حدثنا أبو بكر بن عياش. والنسائي (1/166) وفي الكبرى (301) قال: أخبرنا محمد بن عبيد بن محمد، قال: حدثنا أبو الأحوص.
ثلاثتهم - سفيان، وأبو بكر، وأبو الأحوص - عن أبي إسحاق، عن ناجية بن خفاف، أبي خفاف العنزي، فذكره.
وعن عبد الله بن عتبة، عن عمار بن ياسر. قال:«تيممنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المناكب» .
أخرجه الحميدي (143) قال: حدثنا سفيان. وابن ماجة (566) قال: حدثنا محمد بن أبي عمر العدني، قال: حدثنا سفيان بن عيينة، عن عمرو. والنسائي (1/168) . وفي الكبرى (293) قال: أخبرنا العباس ابن عبد العظيم العنبري، قال: حدثنا عبد الله بن محمد بن أسماء، قال: حدثنا جويرية، عن مالك.
ثلاثتهم - سفيان، وعمرو بن دينار، ومالك - عن الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، عن أبيه، فذكره.
(*) أخرجه أحمد (4/320) قال: حدثنا حجاج، قال: حدثنا ابن أبي ذئب. وفي (4/320) قال: حدثنا عبد الرزاق، قال: حدثنا معمر. وفي (4/321) قال: حدثنا عثمان بن عمر، قال: حدثنا يونس. وأبو داود (318) قال: حدثنا أحمد بن صالح، قال: حدثنا عبد الله بن وهب، قال: أخبرني يونس. وفي (319) قال: حدثنا سليمان بن داود المهري وعبد الملك بن شعيب، عن ابن وهب، قال: أخبرني يونس. وابن ماجة (565) قال: حدثنا محمد بن رمح، قال: حدثنا الليث بن سعد. وفي (571) قال: حدثنا أبو الطاهر أحمد بن عمرو بن السرح المصري، قال: حدثنا عبد الله بن وهب، قال: أنبأنا يونس بن يزيد.
أربعتهم - ابن أبي ذئب، ومعمر، ويونس، والليث - عن الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، عن عمار، فذكره. ولم يقل فيه: عبيد الله، عن أبيه.
(*) أخرجه أحمد (4/263) . وأبو داود (320) قال: حدثنا محمد بن أحمد بن أبي خلف ومحمد بن يحيى النيسابوري في آخرين. والنسائي (1/167) وفي الكبرى (292) قال: أخبرني محمد بن يحيى بن عبد الله.
جميعهم - أحمد بن حنبل، ومحمد بن أحمد، ومحمد بن يحيى، والآخرون - قالوا: حدثنا يعقوب، قال: حدثنا أبي، عن صالح، عن ابن شهاب، قال: حدثني عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، عن ابن عباس، عن عمار، فذكره.
وأكثر الروايات ذكرت في الحديث قصة.
5289 -
(خ م د س) شقيق بن سلمة الأسدي قال: «كنتُ جالساً مع عبد الله ابنِ مسعود وأبي موسى، فقال أبو موسى: أرأيتَ يا أبا عبد الرحمن: لو أن رجلاً أجْنَبَ، فلم يَجِدِ الماءَ شهراً: كيفَ يصنعُ بالصلاة؟ فقال عبد الله: لا يتيمم، وإن لم يجد الماء شهراً، فقال أبو موسى: فكيف
⦗ص: 253⦘
بهذه الآية في سورة المائدة {فلم تجدوا ماءً فتيمَّمُوا صعيداً طيِّباً} [المائدة: 6] ؟ فقال عبد الله: لو رُخِّص لهم في هذه الآية لأوشَكَ إذا بردَ عليهم الماءُ أن يتيمَّمُوا بالصعيد، قلتُ: وإنما كَرِهْتم هذا لِذَا؟ قال: نعم، فقال أبو موسى لعبد الله: ألم تسمع قولَ عمار لعمر: بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم في حاجة فأجْنَبْتُ، فلم أجِد الماءَ، فَتَمرَّغت في الصعيد كما تَمَرَّغُ الدَّابةُ، ثم أتيتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم، فذكرتُ ذلك له، فقال: إنما يكفيك أن تصنع هكذا - وضربَ بكفَّيه ضربة على الأرض - ثم نفضها، ثم مسح بها ظهر كفه بشماله- أو ظهرَ شِماله بكفِّه - ثم مسح بها وجهه؟» .
وعند مسلم: إنما كان يكفيك أن تقولَ بيديك هكذا، ثم ضرب بيديه إلى الأرض ضربة واحدة، ثم مسح الشِّمالَ على اليمين، وظاهرَ كَفَّيْه ووجهه، فقال عبد الله: أوَ لم تَرَ عمر لم يقنعْ بقول عمار.
وفي رواية: «قال أبو موسى: فَدَعْنَا من قول عمار، فكيف تصنع بهذه الآية؟ فما دَرَى عبد الله ما يقول؟» .
وفي أخرى: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إنما كان يكفيك أن تقولَ هكذا، وضرب بيديه الأرض، فنفض يديه، فمسح وَجْهَه وكفيه» .
أخرجه البخاري ومسلم، إلا أن مسلماً لم يقل:«فقال: إنما كرهتم هذا لذا؟ قال: نعم» .
⦗ص: 254⦘
وأخرجه أبو داود، وفيه - بعد قوله:«أن يتيمَّموا بالصعيد» - «فقال له أبو موسى: وإنما كرهتم هذا لذا؟ قال: نعم، فقال له أبو موسى: ألم تسمعْ قولَ عمَّار.. وذكره» وفيه «إنما كان يكفيك أن تصنعَ هكذا، فضرب بيده على الأرض فنفضها، ثم ضرب بشماله على يمينه، وبيمينه على شماله على الكفَّين، ثم مسح وجهه
…
وذكر الحديث» .
(1) رواه البخاري 1 / 385 في التيمم، باب إذا خاف الجنب على نفسه المرض أو الموت أو خاف العطش تيمم، وباب المتيمم هل ينفخ فيهما، وباب التيمم للوجه والكفين، وباب التيمم ضربة، ومسلم رقم (368) في الحيض، باب التيمم، وأبو داود رقم (321) في الطهارة، باب التيمم، والنسائي 1 / 170 في الطهارة، باب تيمم الجنب.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
راجع تخريج الحديث المتقدم، الرواية الأولى.
5290 -
(خ م د س) عبد الرحمن بن أبزى «أن رجلاً أتى عمرَ فقال: إني أجْنَبتُ، ولم أجد ماء؟ فقال: لا تُصَلِّ، فقال عمَّار: أما تذكر يا أمير المؤمنين، إذ أنا وأنت في سَرِيَّة، فأصابتنا جنابة، فلم نجد الماءَ، فأما أنت؛ فلم تُصَلِّ، وأما أنا: فَتَمعَّكْتُ في التراب وصليتُ، فقال رسول الله
⦗ص: 255⦘
صلى الله عليه وسلم: إنما يكفيك: أن تضرب بيديك الأرض، ثم تَنْفُخَ، ثم تمسح بهما وجهك وكفيك؟ فقال عمر: اتق الله يا عمار، فقال: إن شئت لم أحدث به، فقال عمر: نُولِّيك ما تَوَلَّيْتَ» أخرجه البخاري ومسلم.
وله في أخرى في هذا الحديث: «فقال: يا عمارُ، إنما كان يكفيك هكذا، ثم ضرب بيديه إلى الأرض، ثم ضرب إحداهما على الأخرى، ثم مسح وجهه والذِّراعين إلى نصف الساعد (1) - ولم يبلغ المرفقين - ضربة واحدة» .
وفي أخرى بهذه القصة «فقال: إنما كان يكفيك، وضرب النبيُّ صلى الله عليه وسلم يده إلى الأرض، ثم نفخ فيها، ومسح بها وجهه وكفَّيه» شك سلمةُ وقال: لا أدري فيه: «إلى المرفقين» . يعني: أو «إلى الكفَّين؟» .
⦗ص: 256⦘
وفي أخرى بهذا الحديث قال: «ثم نفخ فيها، ومسح بها وجهه وكفيه إلى المرفقين، أو إلى الذراعين» قال شعبة: كان سلمةُ يقول: «الكفَّين والوجه والذِّرَاعين» فقال له منضور ذاتَ يوم: انْظُر ما تقول؛ فإنه لا يذكر الذِّراعين غَيْرُك.
[وفي أخرى قال: «فقال - يعني: النبيَّ صلى الله عليه وسلم: إنما كان يكفيك أن تضربَ بيديك إلى الأرض، فتمسحَ بهما وجهك وكفَّيك.. وساق الحديث» ] .
وفي أخرى قال: «سمعتُ عماراً يخطُبُ بمثله، إلا أنه لم ينفُخْ» .
وأخرج النسائي الرواية الأولى، وفيها «فقال: إنما كان يكفيك، وضرب النبيُّ صلى الله عليه وسلم بيديه الأرض، ثم نفخ فيهما، ثم مسح بهما وجهه وكفيه - وسلمةُ شك، لا يدري فيه: إلى المرفقين، أو الكفَّين - فقال: نُوَلِّيكَ ما تَوَلَّيْتَ» .
⦗ص: 257⦘
وفي أخرى مثل الأولى وقال: «ثم نفخ [فيهما] ، فمسح بهما وجهه وكفيه - شك سلمة وقال: لا أدري، فيه: إلى المرفقين، أو إلى الكفين - قال عمر: نُوَلِّيك من ذلك ما تَوَلَّيتَ» قال شعبةُ: كان [يقول] : الكفين والوجه والذراعين، فقال له منصور: ما تقولُ؟ فإنه لا يذكر: «الذراعين» أحد غيرك، فشك سلمة فقال: لا أدري ذكر الذِّراعين، أم لا.
وفي رواية أخرى لأبي داود: «أنهم تَمسَّحُوا وهم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بالصعيد لصلاة الفجر، فضربوا بأكفِّهم الصعيد، ثم مسحوا وجوههم مسحة واحدة، ثم عادوا فضربوا بأكفِّهم الصعيد مرة أخرى، فمسحوا بأيديهم كلِّها إلى المناكب والآباط من بُطُون أيديهم» .
وفي أخرى نحو هذا، قال:«فقام المسلمون فضربوا بأكفهم التراب ولم يَقْبِضُوا من التراب شيئاً.. فذكر نحوه، ولم يذكر المناكب والآباط قال ابن الليث: إلى ما فوق المرفقين» .
⦗ص: 258⦘
وفي أخرى قال: «سألتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم عن التيمم، فأمرني: ضربة واحدة للوجه والكفين» .
وفي أخرى: سئل قتادةُ عن التيمم، فقال: عن عمار: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إلى المرفقين» .
وفي رواية النسائي قال: «تَيمَّمْنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فمسحنا بوجوهنا وأيدينا إلى المناكب» .
وأخرج الترمذي من هذا الحديث بطوله: «أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أمره بالتيمم للوجه والكفَّين» (2) .
قال الترمذي: وقد روي عنه أنه قال: «تيمَّمْنا مع النبي صلى الله عليه وسلم إلى المناكب والآباط» ولِقلَّةِ ما أخرج لم نُثْبِتْ له علامة (3) .
[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(سَرِية) السَّرِيَّة: قطعة من الجيش تبلغ أربعمائة ينفذون في مقصد.
(فَتَمعَّكْتُ) التَّمعُّك: التَّمرُّغ في التراب.
⦗ص: 259⦘
(نُولِّيك ما تولَّيت) أي: نَكِلُك إلى ما قلت، ونَرُدُّ إليك ما وَلَّيْتَه نفسك، ورضيت لها به.
(1) رواية المسح إلى نصف الذراع فيها مقال، كما ذكر الحافظ في " الفتح ".
(2)
رواه البخاري 1 / 375 في الوضوء، باب المتيمم هل ينفخ فيهما، وباب التيمم للوجه والكفين، وباب إذا خاف الجنب على نفسه المرض أو الموت أو خاف العطش تيمم، وباب التيمم ضربة، ومسلم رقم (368) في الحيض، باب التيمم، وأبو داود رقم (318) و (319) و (322) و (323) و (324) و (325) و (326) و (327) و (328) في الطهارة، باب التيمم، والنسائي 1 / 165 - 170 في الطهارة، باب التيمم في الحضر، وباب نوع آخر من التيمم والنفخ في اليدين، وباب نوع آخر من التيمم.
(3)
انظر الكلام على المسح على المناكب والآباط في الحديث رقم (5288) .
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح: راجع تخريج الحديث المتقدم.
5291 -
(خ م س) عمران بن حصين رضي الله عنه: «أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رجلاً معتزِلاً لم يُصَلِّ في القوم، فقال: يا فلان، ما منعكَ أن تُصلِّيَ مع القوم؟ فقال: يا رسول الله أصابتني جنابة، ولا ماءَ، فقال: عليك بالصعيد، فإنَّه يكفيك» .
أخرجه البخاري والنسائي، وقد أخرجه البخاري ومسلم في جملة حديث طويل، وهو مذكور في المعجزات من «كتاب النبوة» من حرف النون (1) .
(1) رواه البخاري 1 / 379 - 484 في التيمم، باب الصعيد الطيب وضوء المسلم، وباب التيمم ضربة، وفي الأنبياء، باب علامات النبوة في الإسلام، والنسائي 1 / 171 في الطهارة، باب التيمم بالصعيد، ومسلم رقم (682) في المساجد، باب قضاء الصلاة الفائتة واستحباب تعجيل قضائها.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح: أخرجه أحمد (4/434) قال: حدثنا يحيى، عن عوف. والدارمي (749) قال: أخبرنا محمد بن العلاء، قال: حدثنا أبو أسامة، قال: حدثنا عوف. والبخاري (1/93) قال: حدثنا مسدد، قال: حدثني يحيى بن سعيد، قال: حدثنا عوف. وفي (1/96) قال: حدثنا عبدان، قال: أخبرنا عبد الله، قال: أخبرنا عوف. وفي (4/232) قال: حدثنا أبو الوليد، قال: حدثنا سلم بن زرير. ومسلم (2/140) قال: حدثني أحمد بن سعيد بن صخر الدارمي، قال: حدثنا عبيد الله بن عبد المجيد، قال: حدثنا سلم بن زرير العطاردي. وفي (2/114) قال: حدثنا إسحاق بن إبراهيم الحنظلي، قال: أخبرنا النضر بن شميل، قال: حدثنا عوف بن أبي جميلة الأعرابي. والنسائي (1/171) وفي الكبرى (302) قال: أخبرنا سويد بن نصر، قال: حدثنا عبد الله، عن عوف، وابن خزيمة (113و 271 و 987 و 997) قال: حدثنا بندار، قال: حدثنا يحيى بن سعيد وابن أبي عدي ومحمد بن جعفر وسهل ابن يوسف وعبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي. قالوا: حدثنا عوف.
كلاهما - عوف،وسلم - عن أبي رجاء العطاردي، فذكره.
5292 -
(د ت س) أبو ذر الغفاري رضي الله عنه قال: «اجتمعتْ غُنَيمة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يا أبا ذر، أُبْدُ فيها، فَبَدَوتُ إلى الرَّبَذَةِ، فكانت تُصِيبُني الجنابةُ، فأمكثُ الخمسَ والسِّتَّ، فأتيتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال أبو ذرّ: فسكتُّ، فقال: ثَكِلَتْكَ أمُّك أبا ذَرّ، لأمِّك الويل، فدعا لي بجارية سوداء، فجاءت بعُسّ فيه ماء،
⦗ص: 260⦘
فسترتني بثوب، واسْتَتَرْتُ بالراحلة، واغتسلتُ، فكأني ألقيتُ عنِّي جبلاً، فقال: الصعيدُ الطيّب وَضوء المسلم ولو إلى عشر سنين، فإذا وجدتَ الماءَ فأمِسَّه جلدَك، فإن ذلك خير» .
وفي رواية «غُنيمة من الصدقة» .
أخرجه أبو داود، وقال:«أبْوَالُها» ليس بصحيح في هذا الحديث، قال:
⦗ص: 261⦘
وليس في أبوالها إلا حديث أنس، تفرَّدَ به أهلُ البصرة.
وفي رواية الترمذي مختصراً، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:«إن الصعيدَ الطيِّبَ طهور المسلم، وإن لم يجدِ الماءَ عشر سنين، فإذا وجدَ الماءَ فَلْيُمِسَّه بشرَته، فإن ذلك خير» .
وفي رواية «إن الصعيد الطَّيِّبَ وضوءُ المسلم» .
وأخرجه النسائي مثل الترمذي إلى قوله: «عشر سنين» (1) .
[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(ابْدُ) بَدوت: إذا خرجت إلى البادية، وهي الصحراء البعيدة من المدن والقرى، والمراد: كن في هذه الإبل بالبادية.
(الثُّكْل) : فَقْد الولد، فكأنه دعاء عليه بالموت.
(بعُسٍّ) العُسُّ: قدح ضحم.
(بالراحلة) الراحلة: البعير القوي على الأسفار والأحمال.
(اجْتَويت) المنزل والبلد: إذا استوخمته فلم يُوَافق طبعك، فتغيرَّ له مزاجك، وهو افتعلت، من الجَوَى: المرض.
⦗ص: 262⦘
(بذود) الذود من الإبل: من الثلاثة إلى العشرة.
(أعزُبُ) عَزب عن المكان يَعْزُبُ: إذا بعُد.
(1) رواه أبو داود رقم (332) و (333) في الطهارة، باب الجنب يتيمم، والترمذي رقم (124) في الطهارة، باب ما جاء في التيمم للجنب إذا لم يجد الماء، والنسائي 1 / 171 في الطهارة، باب الصلوات بتيمم واحد، وهو حديث حسن، قال الحافظ في " التلخيص " 1 / 154: وفي الباب عن أبي هريرة، رواه البزار، وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه أحمد (5/146) قال: حدثنا إسماعيل. (ح) وحدثنا محمد بن جعفر. قال: حدثنا سعيد. وفي (5/155) قال: حدثنا عبد الرزاق. قال: أخبرنا سفيان. وأبو داود (333) قال: حدثنا موسى بن إسماعيل. قال: أخبرنا حماد.
أربعتهم - إسماعيل بن علية، وسعيد بن أبي عروبة، وسفيان، وحماد - عن أيوب السختياني، عن أبي قلابة، عن رجل من بني قشير، فذكره.
(*) في رواية سفيان: عن رجل، ولم ينسبه.