الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقد وقع الشيخ أحمد شاكر في كثير من الخطيئات في تصحيح أحاديث من "المسند" وغيره؛ بسبب تقليده لابن حبان في هذه القاعدة الباطلة؛ كما حققه الحافظ في المقدمة المشار إليها، وقد حاولت إقناعه بالرجوع عن ذلك حين اجتمعت به في "المدينة الطيبة" على ساكنها أفضل الصلاة وأتم التسليم بعد أداء فريضة الحج سنة 1368، وأوردت له خلاصة كلام الحافظ، والمثال الذي نقلته عنه آنفاً، فلم يعتد ذلك، وصرح بأنه لا ينظر إلى نقله عن ابن حبان بعين الاعتبار؛ لأنه وقف على خطيئات له فيما ينقله عن بعض الأئمة، فأردت التبسط معه في الموضوع؛ فرأيته يضيق صدره بذلك، فلا أدري أهو من طبعه؛ أم هو أمر عارض له لمرضه؛ فإنه كان ملازماً فراشه في الفندق؟! فأمسكت عن الكلام معه في هذه المسألة؛ وفي نفسي حسرات من قلة الاستفادة من مثل هذا الفاضل!
ومن المؤسف حقاً؛ أن ترى جل العلماء الذين لقيتهم في مكة والمدينة ليس عندهم رحابة صدر في البحث، بل هم يريدون أن يفرضوا آراءهم على من يباحثهم فرضاً، سواء اقتنعوا بذلك أم لا، ثم هم يقولون عن أنفسهم: إنهم سلفيون أو سنيون أو من أهل الحديث!
هذا؛ وقد روي الحديث بلفظ آخر، ومن الطريق نفسه؛ إلا أنه عن الخريت عن تابعي آخر، فوجب سوقه وبيان علته، وهو:
5174
- (إني لأعلم أرضاً يقال لها: عمان؛ ينضح بناجيتها البحر، بها حي من العرب، لو أتاهم رسولي؛ ما رموه بسهم ولا حجر) .
ضعيف
أخرجه أحمد (1/ 44) ، والحارث في "مسنده"(124/ 1 - زوائده) ، وأبو يعلى (1/ 35) ، والضياء المقدسي في "الأحاديث المختارة"(رقم 4،5 - بتحقيقي) - من طريق أبي يعلى وغيره -، والعقيلي في "الضعفاء"
(ص 369) عن جرير بن حازم: أنبأنا الزبير بن الخريت عن أبي لبيد قال:
خرج رجل من (طاحية) مهاجراً يقال له: (بيرح بن أسد) ، فقدم المدينة بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم بأيام، فرآه عمر رضي الله عنه، فعلم أنه غريب، فقال له: من أنت؟ قال: من أهل (عمان) ؟ قال: نعم، فأخذ بيده، فأدخله على أبي بكر رضي الله عنه، فقال: هذا من الأرض التي سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
…
فذكره.
والسياق لأحمد. وقال الضياء:
"قال أحمد: إنما هو "سمعت -". وقال يزيد (يعني: ابن هارون) : "سمعت" بالرفع".
قلت: ولعل النصب أقرب إلى الصواب. ولفظ العقيلي صريح في ذلك؛ فإنه قال:
فقال عمر لأبي بكر رضي الله عنهما: ما سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول في أهل عمان؟ فقال أبو بكر: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول:
…
فذكره.
ولفظ أبي يعلى نحوه. ولذلك؛ أورده هو والإمام أحمد في (مسند أبي بكر رضي الله عنه .
وإسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير أبي لبيد - واسمه لمازة بن زبار الأزدي البصري -، وهو ثقة؛ لكنه لم يلق أبا بكر؛ كما قال ابن المديني؛ بل قال ابن حبان في "الثقات" (1/ 198) :
"يروي عن علي بن أبي طالب؛ إن كان سمع منه".