الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال لهم نبيهم صموئيل: إن الله أرسل لكم طالوت ملكا، فعليكم بالطاعة، والقتال معه، فاعترضوا عليه قائلين: كيف يكون ملكا علينا، وهو لا يستحق الملك؟ لأنه ليس من سلالة الملوك، ولا من سلالة الأنبياء، ونحن أصحاب السلطة والسيادة أحق بالملك منه؟ وأضافوا أيضا: إنه فقير لم يؤت رزقا واسعا ومالا وفيرا، يستعين به على إقامة الملك؟ فقال نبيهم: إن الله اختاره لكم ملكا، وزاده سعة في العلم، وقوة في الجسد، فكان قويا في دينه وتدبيره الأمور، كما كان قويا في بدنه، ليقاوم الأعداء في الحروب، والله واسع الفضل والإنعام، عليم بمن هو أهل للملك وأصلح له، وبمن هو أقدر على قيادة الجيش وتحقيق الفوز والنصر.
ثم ذكر الله تعالى ما حققه طالوت أثناء ملكه، فقال:
[سورة البقرة (2) : الآيات 248 الى 252]
وَقالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسى وَآلُ هارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلائِكَةُ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (248) فَلَمَّا فَصَلَ طالُوتُ بِالْجُنُودِ قالَ إِنَّ اللَّهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلَاّ مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلَاّ قَلِيلاً مِنْهُمْ فَلَمَّا جاوَزَهُ هُوَ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ قالُوا لا طاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجالُوتَ وَجُنُودِهِ قالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُوا اللَّهِ كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ (249) وَلَمَّا بَرَزُوا لِجالُوتَ وَجُنُودِهِ قالُوا رَبَّنا أَفْرِغْ عَلَيْنا صَبْراً وَثَبِّتْ أَقْدامَنا وَانْصُرْنا عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ (250) فَهَزَمُوهُمْ بِإِذْنِ اللَّهِ وَقَتَلَ داوُدُ جالُوتَ وَآتاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشاءُ وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعالَمِينَ (251) تِلْكَ آياتُ اللَّهِ نَتْلُوها عَلَيْكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (252)
«1» «2» «3» «4» «5» «6» «7» «8»
(1) صندوق التوراة.
(2)
فيه طمأنينة لقلوبكم.
(3)
انفصل عن بيت المقدس.
(4)
مختبركم.
(5)
أخذ بيده.
(6)
لا قدرة ولا قوة لنا.
(7)
جماعة.
(8)
ظهروا.
[البقرة: 2/ 248- 252] .
وقال لهم نبيهم صموئيل: إن علامة ملك طالوت أن يأتيكم صندوق التوراة الذي أخذه منكم أعداؤكم في فلسطين، فيه طمأنينة لقلوبكم وسكون للنفس، فيما اختلفتم فيه من أمر طالوت، وفيه بقية: قطع من ألواح التوراة، ومخلّفات أو آثار آل موسى وآل هارون، كعصا موسى، تحمله الملائكة حتى تضعه في بيت طالوت، إن في ذلك علامة على ملكه، إن كنتم مؤمنين بالله حقا، فاسمعوا لطالوت وأطيعوه. قال ابن عباس: كانت العماليق قد سبوا التابوت من بني إسرائيل، فجاءت الملائكة بالتابوت تحمله بين السماء والأرض، وهم ينظرون إليه، حتى وضعوه عند طالوت، فلما رأوا ذلك قالوا: نعم، فسلّموا له وملّكوه، وكانت الأنبياء إذا حضروا قتالا، قدموا التابوت بين أيديهم.
فلما خرج طالوت عن بلده بيت المقدس، مع جنوده، لقتال العمالقة، قال لهم طالوت: إن الله مختبركم بنهر: هو نهر الأردن، فمن شرب منه، فليس من جنودي أو أصحابي، ومن لم يذقه أو لم يشرب منه، فإنه من أتباعي وجنودي، إلا من أخذ منه بمقدار ملء الكف، بالاغتراف غرفة واحدة، فشربوا منه، وعصوا أمر الملك، إلا عددا قليلا منهم، بعدد أصحاب بدر (314) . فلما اجتاز طالوت النهر وجماعته المؤمنون القلة الطائعون، قال ضعفاء الإيمان منهم: لا قدرة لنا على قتال جالوت:
أكبر طاغية وثني، كان قد احتل مع أتباعه فلسطين، ولا قوة لنا على قتال جنوده لكثرتهم وقلة عددنا، قال الذين يتيقنون أنهم ملاقو ربهم في الآخرة: قد تغلب الجماعة القليلة الجماعة الكثيرة، بإرادة الله ونصره وتأييده، والله مع الصابرين بالعون، وإن النصر مع الصبر، وليس بكثرة العدد.