الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أصول المحرّمات في الإسلام
بعد أن ذكر القرآن الكريم ما حرّمه الكفار المشركون على أنفسهم مما لم يأذن الله به، أتبعه ذكر ما حرّم الله عز وجل، ليميّز المخاطب بين الحق والباطل، ويدرك أن التّحريم مرتبط بالضرر والأذى للإنسان نفسه، وليس التحريم أمرا اعتباطيا أو عبثا لا يخدم هدفا ولا يؤدي مصلحة أو يدرأ مفسدة، قال الله تعالى:
[سورة الأعراف (7) : آية 33]
قُلْ إِنَّما حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَواحِشَ ما ظَهَرَ مِنْها وَما بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ ما لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطاناً وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ ما لا تَعْلَمُونَ (33)
«1» «2» «3» [الأعراف: 7/ 33] .
لما لبس المسلمون الثياب بأمر الله وتشريعه وطافوا بالبيت الحرام بالزينة التّامة، عيّرهم المشركون بذلك، فقال الله لنبيّه المصطفى صلى الله عليه وسلم: قل يا محمد لهؤلاء المشركين الذين حرموا ما أحلّ الله من الطّيبات والرزق واللباس: ما حرم ربّي هذا، وإنما حرّم خمسة أشياء هي أصول المحرّمات الضّارة بالفرد والجماعة وهي ما يأتي:
1-
حرّم الله تعالى الفواحش الظاهرة والباطنة، الجهرية والسّرية: وهي كل ما فحش وقبح من الأعمال المفرطة في الشّناعة، ما ظهر منها للناس وما بطن أو خفي عنهم، وتشمل المعاصي الكبائر لتفاحش قبحها، مثل الزّنى والرّبا والسّرقة والقتل وخيانة الوطن وإذاعة السوء، والخروج على الجماعة، وتفتيت وحدة الأمة، وتهديم بنيتها وحضارتها، وغير ذلك من كل ذنب خطير أو إساءة بالغة. ويعدّ كل ما حرّمه الشّرع فهو فاحش، وإن كان العقل لا ينكره كلباس الحرير والذهب ولو خاتما للرجال ونحوه مما يرتكبه الإنسان ظاهرا أو باطنا.
2-
وحرّم الله تعالى الإثم: وهو لفظ عام يشمل جميع الأقوال والأفعال التي
(1) كبائر المعاصي. [.....]
(2)
الظلم.
(3)
حجة وبرهانا.
يتعلّق بمرتكبها إثم أو ذنب، وهو الذنوب الصغائر، وقال بعض الناس: الإثم هي الخمر، محتجّا بقول الشاعر:
شربت الإثم حتى ضلّ عقلي
…
كذاك الإثم تذهب بالعقول
3-
وحرّم الله أيضا البغي: وهو الظلم وتجاوز الحدّ في الفساد والحقوق بالاعتداء على حقوق الناس الآخرين أفرادا وجماعات، سواء أكان التّعدي مبتدءا أو كان صاحبه منتصرا، فإذا جاوز الحدّ في الانتصار فهو باغ. وقوله تعالى: بِغَيْرِ الْحَقِّ زيادة بيان، إذ لا يتصور بغي بغير حق لأن ما كان بحق فلا يسمى بغيا.
4-
وحرّم الله تعالى الشّرك بالله: وهو أقبح الفواحش، وهو أن تجعل مع الله إلها آخر من صنم أو وثن أو كوكب أو ملك أو إنسان، لم تقم عليه حجة من عقل ولا برهان من وحي، وسميت الحجة سلطانا: لأنها ترجح قول الخصم على غيره، ويكون لها تأثير على قول السامع وفكره. والشرك لا دليل ولا حجة عليه من عقل ولا نقل، قال الله تعالى: وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ لا بُرْهانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّما حِسابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكافِرُونَ (117)[المؤمنون: 23/ 117] .
وهذا يشعرنا أو يدلّنا أن الاقتناع بالبرهان والحجة الساطعة أساس بناء العقيدة، وأن الإيمان لا يقبل بغير وحي من الله، يدعمه الدليل والبرهان.
5-
وحرّم الله سبحانه التّقول على الله بغير حجة ولا علم، كالافتراء والكذب على الله، بادّعاء أن له ولدا أو شريكا من الأوثان، وكتحريم بعض المواشي من بحيرة وسائبة ووصيلة وحام، وتحليل الحرام وتحريم الحلال بلا سند ولا حجة، وهو القول بالرأي المحض من دون دليل من الشّرع، وهو سبب تحريف الأديان، والابتداع في الدين الحق، واتباع الهوى والشيطان، واستحسان الأنظمة المنافية لتعاليم الدين والشرع، وهذا منهج أدعياء التجديد، وتخطي الشريعة باسم الاجتهاد،
روى