الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
خصائص رسالات الأنبياء عليهم السلام
إن النّبوات قديمة في البشرية، وهي لخير الإنسان وإسعاده، وقد اتّصل أولهم بآخرهم في دعوة واحدة هي الدعوة إلى توحيد الله وترك الشّرك والوثنية، والأمر بمكارم الأخلاق، وتنظيم الحياة الإنسانية على نحو من المودّة والمحبّة والألفة والتعاون، وجمع الكلمة وتوحيد الصّف، والتّرفع عن الخلافات والمنازعات. وكان أغلب الأنبياء من ذرّيّة إبراهيم الخليل عليه السلام، لذا لقّب بأنه (أبو الأنبياء) ، وكان الفضل في الحفاظ على النوع الإنساني والحيواني لسيدنا نوح عليه السلام، فلقّب بأنه (أبو البشر الثاني) .
قال الله تعالى مبيّنا مهام مجموعة من الأنبياء:
[سورة الأنعام (6) : الآيات 84 الى 90]
وَوَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ كُلاًّ هَدَيْنا وَنُوحاً هَدَيْنا مِنْ قَبْلُ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ داوُدَ وَسُلَيْمانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسى وَهارُونَ وَكَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (84) وَزَكَرِيَّا وَيَحْيى وَعِيسى وَإِلْياسَ كُلٌّ مِنَ الصَّالِحِينَ (85) وَإِسْماعِيلَ وَالْيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطاً وَكلاًّ فَضَّلْنا عَلَى الْعالَمِينَ (86) وَمِنْ آبائِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَإِخْوانِهِمْ وَاجْتَبَيْناهُمْ وَهَدَيْناهُمْ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ (87) ذلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ ما كانُوا يَعْمَلُونَ (88)
أُولئِكَ الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ فَإِنْ يَكْفُرْ بِها هؤُلاءِ فَقَدْ وَكَّلْنا بِها قَوْماً لَيْسُوا بِها بِكافِرِينَ (89) أُولئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُداهُمُ اقْتَدِهْ قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِنْ هُوَ إِلَاّ ذِكْرى لِلْعالَمِينَ (90)
«1» «2» «3» [الأنعام: 6/ 84- 90] .
أكرم الله نبيّه إبراهيم عليه السلام، فوهب له ولدين صالحين إسحاق ويعقوب، وجعلهما من الأنبياء، وهداهما كما هدى إبراهيم أباهما بالنّبوة والحكمة والفطنة إلى الحجة الدامغة.
(1) اخترناهم للنّبوة.
(2)
بطل وسقط.
(3)
الفصل بين الناس بالحق.
وإبراهيم من سلالة نوح، وكما هداه الله إلى الحق، هدى جدّه نوحا قبله، فآتاه النّبوة والحكمة، وهي من أعظم النّعم، فإبراهيم سليل نبي، وأولاده أنبياء، فجعل من ذريته داود وسليمان وأيوب ويوسف وموسى وهارون، فهي ذرّية طيّبة، وشجرة مباركة الأصول والفروع. وهؤلاء جمعوا بين النّبوة والملك والحكم.
وأما لوط فهو ليس من ذرّية إبراهيم عليه السلام، بل هو ابن أخيه، ويمكن نسبته لإبراهيم على رأي من يرى الخال أبا، فدخل في ذرّية إبراهيم تغليبا.
وقوله سبحانه: وَكَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ وعد من الله عز وجل لمن أحسن في عمله، وترغيب في الإحسان.
وهدى الله إلى النّبوة والحكمة جماعة آخرين من ذرّية إبراهيم وهم زكريا ويحيى وعيسى وإلياس، وكل منهم من الصالحين قولا وعملا، وهؤلاء جمعوا بين نعمة الدنيا والرّياسة، وبين هداية الدّين وإرشاد الناس.
وهدى الله أيضا من ذرّية إبراهيم إسماعيل ابنه الصّلبي الذّبيح، وجد المصطفى صلى الله عليه وسلم، واليسع وهو يوشع بن نون، ويونس بن متى، ولوطا، وكل واحد من هؤلاء فضّله الله على العالمين في عصره، فكل واحد أفضل من قومه.
ذكرت الآيات السابقة ثمانية عشر نبيّا، وجعلتهم متميزين بصفات معينة كما ذكرت.
ثم ذكر الله تعالى فضله على هؤلاء الأنبياء في أنه هدى بعض آبائهم وذرّياتهم وإخوانهم إلى الحق والخير، لا كلهم، واصطفاهم الله واختارهم وخصّصهم بمزايا كثيرة، وهداهم إلى الصراط المستقيم: وهو الدين الحقّ القويم.
ذلك الهدى هو هدى الله الخالص وتوفيقه دون هداية من عداه، والهداية نوعان:
هداية محضة لا تنال إلا من الله وهي النّبوة، وهداية تنال بالسّعي والكسب أو الاختيار مع التوفيق الإلهي لنيل المراد.