الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والعيدين والمناسبات الإسلامية، وأمر الله تعالى بتخصيص جماعة أو فئة للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والتحذير من الانقسام والتفرّق، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فرض من فروض الكفاية، إذا قام به قائم، سقط عن الباقي. قال الله تعالى:
[سورة آل عمران (3) : الآيات 104 الى 109]
وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (104) وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ ما جاءَهُمُ الْبَيِّناتُ وَأُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ (105) يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمانِكُمْ فَذُوقُوا الْعَذابَ بِما كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ (106) وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَتِ اللَّهِ هُمْ فِيها خالِدُونَ (107) تِلْكَ آياتُ اللَّهِ نَتْلُوها عَلَيْكَ بِالْحَقِّ وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْماً لِلْعالَمِينَ (108)
وَلِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ (109)
[آل عمران: 3/ 104- 109] .
أوجب الله تعالى على المسلمين جميعا تكوين أمة منظمة موحدة، لا ترهب أحدا، وتقول الحق، وترفع الظلم، ولا تخشى في الله لومة لائم، وعلى هذه الأمة أو الجماعة المنظمة مهمة الدعوة إلى الخير، والأمر بالمعروف الذي يقره الشرع والعقل، والنهي عن المنكر الذي يقبّحه الشرع والعقل، وحماية الدين، وحفظ الحقوق، وإقامة العدل، وأداء الأمانات، وأسلوب هذه الجماعة كما
جاء في قول النبي صلى الله عليه وسلم: «من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان» «1» .
وتتميز هذه الجماعة بالعلم والمعرفة لأحكام الشريعة، والتقوى، والتخلق بأخلاق الأنبياء، وأن يكونوا المثل الأعلى في الخلق والفضيلة، وهم لا غيرهم الكمل المفلحون في الدنيا والآخرة.
(1) أخرجه أحمد ومسلم وأصحاب السنن الأربعة عن أبي سعيد الخدري.
ثم حذر القرآن الكريم من التفرق والاختلاف كما حدث لمن قبلنا، من بعد ما جاءت الآيات الواضحات التي تهدي إلى سواء السبيل، لتركهم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فاستحقوا العذاب الشديد في الآخرة.
إن هذا العذاب العظيم يوم تبيض وجوه المؤمنين وتشرق بالسعادة، وتسودّ وتكتئب وجوه المختلفين الذين لم يتواصوا بالحق والصبر من الكفار والمنافقين حينما يرون ما أعدّ لهم من العذاب الدائم، ويقال لهؤلاء الذي اسودت وجوههم تأنيبا وتوبيخا: أكفرتم بالرسول محمد بعد إيمانكم به، فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون.
وأما الذين ابيضت وجوههم: ففي رحمة الله وجنته ورضوانه خالدون، هذه آيات الله المتقدمة المتضمنة تعذيب الكفار وتنعيم المؤمنين، تتلى علينا بالحق الثابت، فلا عذر بعد هذا للمتفرقين المختلفين، ولا يريد الله بهذه التوجيهات والنصائح والأحكام ظلما في حكمه لأحد من العباد، وإنما هي لمصلحتهم في الدنيا والآخرة، ولإقرار الحق وتثبيته، ولا يعترض أحد على الحق، فلله ما في السماوات وما في الأرض ملكا وخلقا وتصرفا وحكما، وإلى الله وحده لا غير ترجع أمور الخلائق قاطبة.
الخلاصة: إن الدعوة الإسلامية ونشرها في أنحاء العالم والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من فروض الإسلام الكفائية لأن الإسلام دعوة الحق والخير والسعادة والتوحيد للعالم أجمع، ولأن الإسلام حريص على نقاوة المجتمعات من عوامل الدمار والانحطاط، وجعل المجتمع قويا ناضجا متماسكا، ليتفرغ لبناء الحضارة، وإرساء معالم المدنية الحقة القائمة على التقدم المادي والمعنوي.