الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عاقبة الاغترار بالمال والولد
يغتر بعض السطحيين من الناس بما لديهم من ثروات وأموال وأولاد وذرية، ويظنون أنهم أرفع من غيرهم في الدنيا، وأحسن حالا وعاقبة في الآخرة، ولم يدروا أن المال والولد عرض زائل وظل مائل، وأن الخير في اتباع سبيل الهدى والعمل الطيب، وقد انخدع أعداء المسلمين في بداية عهد الإسلام وسيطر عليهم غرور المال وكثرة الولد والاعتزاز بالقبيلة، فأبان الله سبب عنادهم وغرورهم الزائف في أموالهم وأولادهم: وَقالُوا نَحْنُ أَكْثَرُ أَمْوالًا وَأَوْلاداً وَما نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ (35)[سبأ: 34/ 35] .
وردّ الله عليهم في مواضع كثيرة في القرآن الكريم، كما في هذه الآيات التالية:
[سورة آل عمران (3) : الآيات 10 الى 13]
إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئاً وَأُولئِكَ هُمْ وَقُودُ النَّارِ (10) كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذَّبُوا بِآياتِنا فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقابِ (11) قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلى جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمِهادُ (12) قَدْ كانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتا فِئَةٌ تُقاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَأُخْرى كافِرَةٌ يَرَوْنَهُمْ مِثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ وَاللَّهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَنْ يَشاءُ إِنَّ فِي ذلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصارِ (13)
«1»
«2»
«3»
[آل عمران: 3/ 10- 13] .
قال ابن عباس: إن يهود أهل المدينة قالوا: لما هزم الله المشركين يوم بدر: هذا والله النبي الأمي الذي بشرنا به موسى، ونجده في كتابنا بنعته وصفته، وأنه لا ترد له راية، فأرادوا تصديقه واتّباعه، ثم قال بعضهم لبعض: لا تعجّلوا حتى ننظر إلى وقعة له أخرى. فلما كان يوم أحد ونكب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم شكّوا، وقالوا: والله، ما هو به. وغلب عليهم الشقاء، فلم يسلموا، وكان بينهم وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم عهد إلى مدة، فنقضوا ذلك العهد، وانطلق كعب بن الأشرف في ستين راكبا إلى أهل مكة
(1) كعادة وشأن.
(2)
بئس الفراش والمضجع جهنم.
(3)
لعظة ودلالة.
- أبي سفيان وأصحابه- فوافقوهم وأجمعوا أمرهم، وقالوا: لتكونن كلمتنا واحدة، ثم رجعوا إلى المدينة، فأنزل الله تعالى فيهم هذه الآية: قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلى جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمِهادُ (12) .
وقال محمد بن إسحاق: لما أصاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قريشا ببدر، فقدم المدينة، جمع اليهود وقال:«يا معشر اليهود، احذروا من الله مثل ما نزل بقريش يوم بدر، وأسلموا قبل أن ينزل بكم ما نزل بهم، فقد عرفتم أني نبي مرسل، تجدون ذلك في كتابكم وعهد الله إليكم» فقالوا: يا محمد، لا يغرنّك أنك لقيت قوما أغمارا (جهلاء) لا علم لهم بالحرب، فأصبت فيهم فرصة!! أما والله لو قاتلناك لعرفت أنا نحن الناس، فأنزل الله تعالى: قل للذين كفروا- يعني اليهود- ستغلبون- تهزمون- وتحشرون إلى جهنم في الآخرة.
ومعنى الآيات: إن الذين كذبوا بآيات الله ورسله، لن تكون أموالهم ولا أولادهم بدلا لهم من الله ورسوله تغنيهم يوم القيامة، فإن استمروا في غيهم وضلالهم، فأولئك البعيدون في درجات العتو والفساد وهم وأصحابهم وقود النار الذي توقد به من حطب أو فحم لأن حالهم كحال آل فرعون وقبائل عاد وثمود، كانوا قد كذبوا بآيات الله، فأخذهم الله أخذ عزيز مقتدر، والله شديد قوي العقاب، سريع الحساب. قل لهم يا محمد: ستغلبون أيها اليهود في الدنيا عن قريب، كما حدث في معاركهم مع المسلمين، وستحشرون في الآخرة إلى جهنم، وبئس المهاد: الفراش الممهّد، وتالله لقد كان لكم آية عظيمة دالة على صدق القرآن فيكم في لقاء فئتين في موقعة بدر، فئة معتزة بكثرة مالها وعددها، كافرة بالله، والأخرى فئة قليلة العدد، صابرة، مؤمنة بالله، تقاتل في سبيل الله، انتصرت على الفئة الكثيرة من المشركين الذين يقاتلون في سبيل الشيطان.