الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الغاية من القتال
ليس تحقيق العزة والمنعة والاستقلال أمرا يحدث بالصدفة أو المسالمة، وإنما لا بد من القيام بتضحيات نادرة، وبطولات خارقة، وحماية للحقوق وتوفير الهيبة بخوض معارك القتال، ورد عدوان المعتدين. وهذه حقيقة تاريخية ثابتة وهي أن نفوذ الكلمة للقوة والأقوياء، وأن الدمار والهلاك والهزيمة للضعفاء والجبناء.
لذا حرّض القرآن الكريم على قتال الأعداء عند وجود البغي والاعتداء، أو محاولة الانتقاص من كرامة الأمة، أو سلب بعض الحقوق، أو التغلب على بعض أجزاء البلاد، وتراب الوطن الغالي. قال الله تعالى:
[سورة النساء (4) : آية 104]
وَلا تَهِنُوا فِي ابْتِغاءِ الْقَوْمِ إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَما تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ ما لا يَرْجُونَ وَكانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً (104)
«1» [النساء: 4/ 104] .
نزلت هذه الآية في أعقاب معركة أحد، حيث
أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالخروج في آثار المشركين، وكان بالمسلمين جراحات، وقد أمر ألا يخرج معه إلا من كان في الوقعة، أي مشتركا في غزوة أحد.
يرشدنا الله تعالى إلى أنه لا يصح أن نضعف في قتال الأعداء ولا نتواكل، ونستعد للقتال دائما بعد الفراغ من الصلاة المفروضة، ولا نتردد في خوض المعارك الفاصلة مع الأعداء الذين ناصبونا العداء، وجاهروا بالبغضاء، وعلينا أن نطاردهم ونلاحقهم ونطلب البحث عن مخابئهم، وتدمير آلياتهم العسكرية وتخريب حصونهم ومعاقلهم.
ولا يصح بحال أن نتذرع أو نحتج بما يصيب بعضنا من حوادث القتل وآلام
(1) لا تضعفوا.
الجراح، فذلك أمر مشترك بين كل فريقين متحاربين، لأنهم بشر مثلنا يتألمون كما نتألم، ويصبرون على الشدائد والقتال كما نصبر، فما لنا لا نصبر ونحن أولى وأحق بالصبر والثبات وترك الفرار؟! ولكن يظل الفرق واضحا بين المؤمنين وغير المؤمنين في تحديد الغاية من القتال، وهي أن الأعداء يقاتلون على الباطل، والباطل زائل، ونحن نقاتل على الحق، والحق دائم خالد، والله وعدنا بالنصر، ووعد الأعداء بالهزيمة والغلبة، ولا ثواب ولا أجر لقتالهم، وقتلاهم في النار، ولنا الثواب العظيم في الآخرة، وقتلانا في الجنة، وليس لهم ملجأ يستمدون منه العون والنصر إلا الأصنام التي لا تضر ولا تنفع، أو تحقيق الشعارات الباطلة التي ليس لها مستند شرعي صحيح، ونحن بعبادتنا الله وحده لا شريك له نلجأ إليه في طلب النصر والرحمة لأن الله هو القوي القاهر، ولأن النصر من عند الله وحده.
ونحن في قتالنا ننتظر إحدى الحسنيين: إما النصر، وإما الشهادة، وكان الله عليما بأحوالنا ونياتنا، حكيما فيما يأمرنا به، وينهانا عنه.
قال الله تعالى: قُلْ لَنْ يُصِيبَنا إِلَّا ما كَتَبَ اللَّهُ لَنا هُوَ مَوْلانا «1» وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (51) قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنا «2» إِلَّا إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ «3» وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ أَنْ يُصِيبَكُمُ اللَّهُ بِعَذابٍ مِنْ عِنْدِهِ أَوْ بِأَيْدِينا فَتَرَبَّصُوا إِنَّا مَعَكُمْ مُتَرَبِّصُونَ (52)[التوبة: 9/ 51- 52] .
وكل هذه المرغبات برهان بيّن، وحجة قاطعة على أنه يجب أن تتقوى نفوس المؤمنين، وتخوض ميادين المعارك الحربية والقتال بجرأة وشجاعة، وبإقدام لا يعرف التردد والإحجام.
(1) أي ناصرنا.
(2)
أي تنتظرون.
(3)
أي النصر أو الشهادة والجنة. [.....]