الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يسر التكاليف الشرعية
الإسلام دين اليسر والسماحة، فلا عناء ولا مشقة في تكاليفه، ولا حرج في جميع ما أمر به أو نهى عنه، ليكون المسلمون في راحة وطمأنينة، ويداوموا على الأعمال من غير مضايقة ولا سأم أو ملل. وهذا من فضل الله تعالى على الأمة الإسلامية، قال الله تعالى: يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ. [البقرة: 2/ 185] .
وقال عز وجل: وَما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ [الحج: 22/ 78] . وقال سبحانه:
فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ [التغابن: 64/ 16] .
ومن مزيد فضل الله علينا أن علّمنا الدعاء بطلب اليسر والتيسير في أداء الواجبات، والتكليف بالأحكام الشرعية، وصيغة هذا الدعاء كما جاء في أواخر سورة البقرة:
[سورة البقرة (2) : آية 286]
لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَاّ وُسْعَها لَها ما كَسَبَتْ وَعَلَيْها مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنا لا تُؤاخِذْنا إِنْ نَسِينا أَوْ أَخْطَأْنا رَبَّنا وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنا إِصْراً كَما حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنا رَبَّنا وَلا تُحَمِّلْنا ما لا طاقَةَ لَنا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنا وَارْحَمْنا أَنْتَ مَوْلانا فَانْصُرْنا عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ (286)
«1» «2» «3» [البقرة: 2/ 286] .
قال السّدي: لما نزلت هذه الآية فقالوها، أي ودعوا بها، قال جبريل للنبي صلى الله عليه وسلم:
«قد فعل الله لهم ذلك يا محمد» .
فهذا دلالة على أن هذه الدعوات السبع مستجابة بحمد الله.
وأول هذه الدعوات وثانيها: ربنا لا تؤاخذنا على النسيان الغالب، والخطأ غير المقصود، إذ تركنا ما ينبغي فعله، أو فعلنا ما ينبغي تركه، وأكّد النبي صلى الله عليه وسلم رفع ثواب الخطأ والنسيان والإكراه،
فقال فيما رواه ابن ماجه وغيره: «إن الله تجاوز لي عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه» .
(1) طاقتها ومقدرتها.
(2)
أي حملا ثقيلا يشق علينا.
(3)
لا قدرة.
وثالث هذه الدعوات: ربنا ولا تحمل علينا شيئا أو حملا ثقيلا ننوء بحمله، ونعاني المشاق والمتاعب الشديدة من القيام به. ولقد كانت الأمم السابقة لعنادهم وعتوهم، تكاليفهم شاقة، فتوبتهم من الذنب مثلا بقتل النفس، وإزالة النجاسة بقطع موضعها، ونحو ذلك من الأمور الثقيلة والأعمال الشاقة.
ورابع هذه الدعوات: ربنا ولا تحمّلنا ما لا قدرة لنا عليه من العقوبة والفتن، ولا تشدّد علينا كما شدّدت على من كان قبلنا، ولا تحملنا من الأعمال ما لا نطيق.
وخامس هذه الدعوات وسادسها وسابعها: ربنا اعف عنا فيما واقعناه وارتكبناه وسامحنا عن تقصيرنا، واستر علينا ما علمت، واغفر لنا ما بيننا وبين عبادك، فلا تطلعهم ولا تظهرهم على عيوبنا وأعمالنا القبيحة، وتفضل علينا برحمة سابغة شاملة منك لنا، بأن توفّقنا حتى لا نقع في ذنب آخر، فأنت يا رب متولي أمورنا، وناصرنا، وعليك توكلنا، وإليك أنبنا ورجعنا، ولا حول ولا قوة إلا بك، وانصرنا على القوم الكافرين، يا رب العالمين.
هذه الأدعية السبعة ذات غرض واحد وهو دخول الجنة، فليحرص المؤمن والمؤمنة على تكرار الدعاء بها،
روى البخاري وبقية الجماعة عن ابن مسعود: عن النبي أنه قال: «من قرأ الآيتين من آخر سورة البقرة في ليلة كفتاه» .
أي عن قيام الليل،
وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: «ما أظن أحدا عقل وأدرك الإسلام ينام حتى يقرأهما» .
وروى الإمام أحمد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أعطيت هؤلاء الآيات من آخر سورة البقرة من كنز تحت العرش، لم يعطهن أحد قبلي» .