الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
موقف اليهود من الرسل والكتب والأنبياء
من أعظم جرائم اليهود: تكذيب الرسل والكتب الإلهية المنزلة، وقتل الأنبياء بغير حق، وكفرهم بجميع ما أنزل الله على الرسل الآخرين غير رسولهم، مع أنهم قبل بعثة النّبي صلى الله عليه وسلم كانوا يستنصرون بنبي آخر الزمان، فلما بعث وجاءهم ما عرفوا صفاته، كفروا به وتنكروا له. وهذا ما دوّنته الآيات التالية:
[سورة البقرة (2) : الآيات 87 الى 91]
وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ وَقَفَّيْنا مِنْ بَعْدِهِ بِالرُّسُلِ وَآتَيْنا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّناتِ وَأَيَّدْناهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ أَفَكُلَّما جاءَكُمْ رَسُولٌ بِما لا تَهْوى أَنْفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقاً كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقاً تَقْتُلُونَ (87) وَقالُوا قُلُوبُنا غُلْفٌ بَلْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَقَلِيلاً ما يُؤْمِنُونَ (88) وَلَمَّا جاءَهُمْ كِتابٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِما مَعَهُمْ وَكانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جاءَهُمْ ما عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكافِرِينَ (89) بِئْسَمَا اشْتَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ أَنْ يَكْفُرُوا بِما أَنْزَلَ اللَّهُ بَغْياً أَنْ يُنَزِّلَ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ عَلى مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ فَباؤُ بِغَضَبٍ عَلى غَضَبٍ وَلِلْكافِرِينَ عَذابٌ مُهِينٌ (90) وَإِذا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا بِما أَنْزَلَ اللَّهُ قالُوا نُؤْمِنُ بِما أُنْزِلَ عَلَيْنا وَيَكْفُرُونَ بِما وَراءَهُ وَهُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقاً لِما مَعَهُمْ قُلْ فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنْبِياءَ اللَّهِ مِنْ قَبْلُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (91)
«1» «2» «3» «4» «5» «6» «7» «8» [البقرة: 2/ 87- 91] .
الآيات تذكير لبني إسرائيل بإعطاء موسى الكتاب (التوراة) وأن الله أتبعه بالرسل من بعده، وهم يوشع، وداود، وسليمان، وعزير، وإلياس، واليسع ويونس وزكريا ويحيى وعيسى عليهم السلام، وكانوا كلهم يحكمون بشريعة موسى عليه السلام. إلا أن الله آتى عيسى عليه السلام الإنجيل، مخالفا التوراة في بعض الأحكام، وأيّده الله
(1) أتبعنا على أثره الرسل على منهاج واحد.
(2)
المعجزات.
(3)
جبريل عليه السلام.
(4)
عليها أغطية.
(5)
يستنصرون ببعثه النبي صلى الله عليه وسلم.
(6)
باعوا به أنفسهم.
(7)
حسدا.
(8)
رجعوا متلبسين به.
بالمعجزات الباهرات كإحياء الموتى وإبراء الأكمه والأبرص بإذن الله، كما أيّده بروح القدس جبريل عليه السلام. أفكلما جاءهم رسول بما لا تهوى أنفسهم، ولا تميل إلى الخير دائما، كفروا به واستكبروا عليه تجبّرا وبغيا، فمنهم من كذبوه كعيسى ومحمد عليهما السلام، ومنهم من قتلوه كزكريا ويحيى عليهما السلام، فلا يستغرب ترك إيمانهم بدعوة محمد صلى الله عليه وسلم.
ومن قبائحهم أو مثالبهم: قولهم للنّبي صلى الله عليه وسلم: قلوبنا مغطاة بأغشية، فلا تعي ما تقول، ولا تفقه ما تتكلم به، فيردّ الله عليهم: لستم كذلك، فقلوبكم خلقت مستعدة بالفطرة للإقرار بالحق، لكن الله أبعدهم عن رحمته، بسبب كفرهم بالأنبياء وعصيانهم التوراة، وقليلا جدّا اتجاههم للإيمان، أو أنهم لم يؤمنوا أصلا.
ولما جاءهم كتاب من عند الله وهو القرآن الذي أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم، مصدق لما معهم من التوراة، وكانوا من قبل ذلك يستنصرون ببعثة نبي آخر الزمان، لما جاءهم كفروا برسالته حسدا للعرب، وجحدوا ما كانوا يقولون به، وتبشّر به توراتهم، فالطرد والإبعاد أو اللعنة من الله على كل كافر من اليهود وأمثالهم، لكفرهم بدعوة الإسلام. قال ابن عباس: كانت يهود خيبر تقاتل غطفان، فكلما التقوا، هزمت يهود خيبر، فعاذت اليهود بهذا الدعاء:(اللهم إنا نسألك بحق محمد النّبي الأمّي الذي وعدتنا أن تخرجه لنا في آخر الزمان، إلا نصرتنا عليهم) فكانوا إذا التقوا دعوا بهذا الدعاء، فهزموا غطفان، فلما بعث النّبي صلى الله عليه وسلم، كفروا به، فأنزل الله تعالى:
وَكانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا أي بك يا محمد، إلى قوله: فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكافِرِينَ.
بئسما باعوا به أنفسهم باختيارهم الكفر على الإيمان، وبذل أنفسهم فيه، وجحودهم برسالة النّبي محمد صلى الله عليه وسلم حسدا للعرب، وكراهة أن ينزل الله الوحي من