الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عبارة عن كون الله تعالى على أوصاف شتى، منها صفات لذاته، ومنها صفات لأفعاله،
قال النبي صلى الله عليه وسلم فيما رواه الحاكم أبو الشيخ وغيرهما عن أبي هريرة: «إن لله تسعة وتسعين اسما، مائة إلا واحدا، من أحصاها كلها دخل الجنة..» .
والسبب في نزول هذه الآية: أن أبا جهل سمع بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ فيذكر الله في قراءته، ومرة يقرأ فيذكر الرحمن، ونحو هذا، فقال: محمد يزعم أن الإله واحد، وهو إنما يعبد آلهة كثيرة، فنزلت هذه الآية.
ثم قال تعالى: وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمائِهِ أي اتركوا الذين يميلون بها عن الطريق الحق بصرف الألفاظ عن معانيها الصحيحة إلى معان أخرى من تأويل أو شرك أو تكذيب أو زيادة ونقصان، سيجازون بما افتروا، ويعاقبون بما يعملون من سوء الاعتقاد والعمل، وهذا وعيد محض بعذاب الآخرة.
أهل الهداية والضلال
إن أمة الدعوة المحمدية فريقان: فريق المهتدين الذين يقضون بالحق والعدل، وفريق المكذبين الضالين. والانقسام على هذا النحو ليس جديدا، بل هو قائم في الأمم السابقة كقوم موسى وعيسى عليهما السلام. وهذا الانقسام أمر طبيعي في البشر، والكلام عنه للترغيب والتحذير، قال الله تعالى:
[سورة الأعراف (7) : الآيات 181 الى 186]
وَمِمَّنْ خَلَقْنا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ (181) وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ (182) وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ (183) أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا ما بِصاحِبِهِمْ مِنْ جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلَاّ نَذِيرٌ مُبِينٌ (184) أَوَلَمْ يَنْظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ وَأَنْ عَسى أَنْ يَكُونَ قَدِ اقْتَرَبَ أَجَلُهُمْ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ (185)
مَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلا هادِيَ لَهُ وَيَذَرُهُمْ فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ (186)
«1» «2» «3»
(1) يحكمون بالحق في الخصومات.
(2)
سندنيهم للهلاك بالإنعام والإمهال.
(3)
أمهلهم في العقوبة.
«1» «2» «3» [الأعراف: 7/ 181- 186] .
إن الله تعالى بعث نبيه محمدا للناس كافة، فدعاهم إلى الإيمان بالله ربا واحدا لا شريك له، وحذرهم من الشرك والوثنية، وانقسم هؤلاء الناس أمة الدعوة المحمدية فريقين. أما الفريق الأول فهم قوم قائمون بالحق قولا وعملا، يرشدون الناس ويدعونهم إليه، ويعملون بالحق ويقضون بالعدل، دون ميل ولا جور. قال أبو جعفر النحاس: فلا تخلو الدنيا في وقت من الأوقات من داع يدعو إلى الحق.
إن الاعتدال في الأمور من غير زيادة ولا نقصان، والقضاء بالحق والعدل من غير محاباة ولا جور هو شأن أهل الملة المستقيمة والتوسط والنجاة،
قال علي بن أبي طالب أمير المؤمنين رضي الله عنه: لتفترقن هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة، كلها في النار إلا فرقة، يقول الله تعالى: وَمِمَّنْ خَلَقْنا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ (181)
فهذه هي التي تنجو من هذه الأمة.
هذا هو الفريق الأول من أمة الدعوة المحمدية، والفريق الثاني: هم الذين كذبوا بالقرآن وهم أهل مكة وأمثالهم، وهم الذين يتركهم الله في ضلالهم، ويستدرجهم إلى العذاب من حيث لا يعلمون ما يراد بهم، ويقربهم إلى الهلاك بإمدادهم بالنعم عليهم والإمهال لهم، حتى يغتروا ويظنوا أنهم لا ينالهم عقاب. وينذرهم الله تعالى بأنه سيملي ويطول لهم ما هم فيه، ولكن كيد الله متين، أي تدبيره الخفي قوي شديد، محكم مسدّد النتائج، وهذا كله من الاستدراج والإمهال عقوبة من الله على التكذيب بالآيات.
(1) جنون.
(2)
تجاوزهم الحد في الكفر.
(3)
يتحيرون ويترددون.
يتبين من هذا أن الإمداد بالنعم والخيرات والأرزاق المادية والمعنوية ليس دليلا على صلاح الإنسان، وإنما قد يكون استدراجا، أي سوقا شيئا بعد شيء، ودرجة بعد درجة بالنعم والإمهال، كما يستدرج العدو إلى مكان محكم للقضاء عليه. فإذا ترك الظالم فترة من الزمان دون عقاب فوري، فعليه ألا ينخدع بذلك ولا يغتر بظلمه وانحرافه، وهذا تهديد للمعرضين عن آيات الله.
ثم وبخ الله تعالى هؤلاء الكفرة الظلمة بقوله: أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا ما بِصاحِبِهِمْ.. أي أولم يتفكر ويتأمل بإنصاف هؤلاء المكذبون بآيات الله أنه ليس بصاحبهم محمد صلى الله عليه وسلم من جنون، إذ كانوا يقولون: شاعر مجنون، مع أنهم يعرفون حاله من بدء نشأته، ويعلمون حقيقة دعوته ودلائل رسالته، فهو ليس بمجنون وإنما رسول الله حقا، والداعية إلى الحق، والمنذر الناصح الواضح، والمبلّغ الأمين.
وسبب نزول هذه الآية:
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صعد ليلا على الصفا، فجعل يدعو قبائل قريش: يا بني فلان، يا بني فلان، يحذرهم ويدعوهم إلى الله، فقال بعض الكفار حين أصبحوا: هذا مجنون، بات يصوت حتى الصباح.. فنفى الله ما قالوه من ذلك.
وإذا لم يتفكر هؤلاء القوم من قريش في شأن محمد النبي وشأن دعوته، أفلا يتأملون وينظرون في الملك العظيم من السماوات والأرض، وفي مخلوقات الله ومختلف الأشياء، فذلك مدعاة للإيمان، فلو نظروا فيما خلق الله من كبير وصغير، لأداهم النظر الصحيح إلى وجود الله ووحدانيته، ثم ألم ينظروا في احتمال مجيء الموت، فربما يموتون عما قريب. ويكفيهم مفاجأة الموت لحملهم على النظر وتأمل الحقيقة وطلب الحق، والإيمان برسول الله، والإنابة إلى طاعته. وإذا ماتوا ندموا ولا أمل بعدئذ في النجاة ولا يقبل منهم إيمان يوم القيامة، إذا لم يؤمنوا بالقرآن العظيم في