الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الدين، ونهى الله جل جلاله عن مختلف أنواع الإثم، أي القبيح الذي حرّمه الله، في الظاهر والباطن، خلافا لما كان عليه أهل الجاهلية من اقتراف ألوان المحارم والمنكرات، وكل ذلك من أجل إقامة معالم المجتمع الفاضل، وتصفية كل أشكال المجتمع المتخلّف.
قال الله تعالى:
[سورة الأنعام (6) : الآيات 116 الى 121]
وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَاّ الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَاّ يَخْرُصُونَ (116) إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ مَنْ يَضِلُّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ (117) فَكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ بِآياتِهِ مُؤْمِنِينَ (118) وَما لَكُمْ أَلَاّ تَأْكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ ما حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَاّ مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ وَإِنَّ كَثِيراً لَيُضِلُّونَ بِأَهْوائِهِمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِالْمُعْتَدِينَ (119) وَذَرُوا ظاهِرَ الْإِثْمِ وَباطِنَهُ إِنَّ الَّذِينَ يَكْسِبُونَ الْإِثْمَ سَيُجْزَوْنَ بِما كانُوا يَقْتَرِفُونَ (120)
وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ وَإِنَّ الشَّياطِينَ لَيُوحُونَ إِلى أَوْلِيائِهِمْ لِيُجادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ (121)
«1» «2» «3» «4» [الأنعام: 6/ 116- 121] .
نزلت آية: فَكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ كما
قال ابن عباس: أتى ناس النّبي صلى الله عليه وسلم، فقالوا: يا رسول الله، أنأكل ما نقتل، ولا نأكل ما يقتل الله؟ فأنزل الله هذه الآية: فَكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ إلى قوله سبحانه: وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ
وقوله سبحانه: وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ نزل حينما قال المشركون: يا محمد، أخبرنا عن الشّاة إذا ماتت، من قتلها؟ قال: الله قتلها، قالوا:
فتزعم أن ما قتلت أنت وأصحابك حلال، وما قتل الكلب والصقر حلال، وما قتله الله حرام؟ فأنزل الله تعالى هذه الآية.
(1) أي يحدسون ويخمّنون ويكذّبون فيما ينسبونه إلى الله.
(2)
اتركوا.
(3)
يكتسبون من الإثم. [.....]
(4)
خروج عن الطاعة، وهو معصية.
والمعنى: فامض يا محمد لما أمرت به، وأنفذ رسالتك وأبلغ دعوتك، فإنك إن تطع أكثر من في الأرض من الكفار والمشركين في أمور الدين، وتخالف ما أنزل الله عليك، يضلّوك عن دين الله ومنهجه وسبيله، سبيل الحق والعدل والاستقامة، لأنهم لا يتّبعون إلا الأهواء والظّنون الباطلة أو الكاذبة، ولا يحترمون الموازين الفكرية والأدلّة العقلية، وما هم إلا يحزرون ويخمّنون تخمينا عاريا عن الصحة والحقيقة، كخارص (مخمن) ثمر النّخل والعنب وغيرهما، فاعتقادهم قائم على الحدس والتّخمين، لا على البرهان والدليل.
وإن ربّك عليم بالضّالّين عن سبيله القويم، وعليم أيضا بالمهتدين السالكين سبيل الاستقامة، وليس كما يزعم المشركون.
ثم أمر الله تعالى بأكل ما ذكر اسم الله عليه، وأن يكون الأكل مقصورا على ذلك، إن كنتم أيها المسلمون مؤمنين بآيات الله، والحذر كل الحذر مما ذبح للأصنام والأوثان ولغير الله.
وأي شيء لكم في ألا تأكلوا مما ذكر اسم الله عليه، وترك الأكل مما ذبح للأصنام، فليس هناك شيء يمنعكم من هذه المآكل، والحال أن الله قد بيّن لكم المحرّم عليكم وهي الميتة والدم ولحم الخنزير والمذبوح لغير الله كالأصنام والأنبياء والأولياء والزعماء، لكن الذي اضطررتم إلى أكله مما هو محرّم عليكم، فإنه يباح لكم ما وجدتم حال الضرورة. وإن كثيرا من الكفّار ليضلّون الناس بتحريم الحلال، وتحليل الحرام، بأهوائهم وشهواتهم الباطلة، وبغير علم أصلا، إنما هو محض الهوى، والله أعلم باعتدائهم وكذبهم وافترائهم، وسيجازيهم على هذا الاعتداء والتجاوز، لا محالة.
ثم أمر الله تعالى بترك جميع الآثام والمعاصي المعلنة والسّرية، سواء ما صدر عن الأعضاء كالسّرقة والغصب، أو كان من أفعال القلوب كالحقد والحسد، إن الذين