الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يقترفون المعاصي الظاهرة أو الخفية، سيجازيهم الله على عصيانهم إذا ماتوا ولم يتوبوا.
وتأكيدا للأمر بأكل ما ذكر اسم الله عليه، نهى الله تعالى المؤمنين عن أكل البهيمة التي ماتت ولم يذكر اسم الله عليها، والمذبوح لغير الله، وهو ما كان المشركون يذبحونه لأصنامهم، وهذا المذبوح فسق ومعصية. وإن شياطين الإنس والجنّ ليوسوسون إلى أعوانهم من المشركين، ليجادلوا المؤمنين، فإن وافقهم أحد من المؤمنين على ضلالهم، فهو مثل المشركين لأنهم عدلوا عن أمر الله وشرعه إلى قول غيره، وهذا هو الشّرك، عافانا الله من جميع حالاته، وجعل أعمالنا خالصة لوجه الله الكريم.
مثل المهتدي والضّالّ
الناس في عهد النّبوة وفي كل عهد صنفان إما مؤمن مهتد، وإما كافر ضالّ، والله يحبّ المؤمنين ويحبّ لهم الخير والسعادة، ويبغض الكافرين وما يؤول إليه أمرهم من دمار وشرّ وخسران مبين، لذا تعددت الآيات القرآنية المرغبة في الإيمان، والمنفّرة من الكفر والضّلال إما من طريق التّشبيه بصورة حسّية مرئية، وإما بتقرير العذاب الشديد في الدنيا والآخرة أو وصف النعيم، وإما بالتهديد والإنذار والتوبيخ أو التبشير والرّضا والظفر بفضل الله ورحمته وإحسانه وإنعامه.
من هذه الآيات تشبيه المؤمن بالنّور والكافر بالظلمة، قال الله تعالى:
[سورة الأنعام (6) : الآيات 122 الى 123]
أَوَمَنْ كانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْناهُ وَجَعَلْنا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُماتِ لَيْسَ بِخارِجٍ مِنْها كَذلِكَ زُيِّنَ لِلْكافِرِينَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ (122) وَكَذلِكَ جَعَلْنا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكابِرَ مُجْرِمِيها لِيَمْكُرُوا فِيها وَما يَمْكُرُونَ إِلَاّ بِأَنْفُسِهِمْ وَما يَشْعُرُونَ (123)
[الأنعام:
6/ 122- 123] .
نزلت هذه الآية- كما ذكر ابن عباس- في عمر وأبي جهل، الأول يمثّل الإيمان، والثاني يمثّل الكفر والضّلال، وكل منهما رمز لفئة. شبّه الله تعالى الذين آمنوا بعد كفرهم بأموات أحيوا، وشبّه الكافرين وحيرة جهلهم بقوم في ظلمات يتردّدون فيها، ولا يمكنهم الخروج منها، ليبيّن الله عز وجل الفرق بين الطائفتين والبون بين المنزلتين.
هذه مقارنة أو موازنة بين أهل الإيمان وجماعة الكفر، أفمن كان ميتا بالكفر والجهل، فأحييناه بالإيمان، وجعلنا له نورا يضيء له طريقه بين الناس، وهو نور القرآن المؤيّد بالحجة والبرهان، وهو أيضا نور الهدى والإيمان، أهذا الفريق مثل الفريق السائر في الظلمات: ظلمة الليل وظلمة السحاب وظلمة المطر، وهو ليس بخارج منها، أي لا يهتدي إلى منفذ ولا مخلص مما فيه، كما قال الله تعالى في آيات أخرى، منها: أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلى وَجْهِهِ أَهْدى أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ (22)[الملك: 67/ 22] .
وبما أن الاهتداء إلى الإيمان، والانغماس في ظلمات الكفر والضّلال بسبب من الإنسان واختيار منه، فإن الله تعالى يزيد المؤمنين توفيقا إلى الخير، ويترك الكافرين سائرين في متاهات الكفر، لذا ختمت الآية بهذه الحقيقة وهي: كما زيّن الله الإيمان للمؤمنين، زيّن للكافرين الكفر والمعاصي، أي حسّن لكل فريق عمله، فحسّن الإيمان في أنظار المؤمنين، وحسّن الكفر والجهالة والضّلالة في أعين الكافرين، كعداوة النّبي صلى الله عليه وسلم وذبح القرابين لغير الله، وتحريم ما لم يحرّمه الله، وتحليل ما حرّمه.
ثم أورد الله تعالى ما يدلّ على سنّة ثابتة في البشر، وهم الذين يعيشون في الظلمات كأبي جهل بن هشام وحالهم وحال أمثالهم، فمثلهم جعل الله في كل قرية أكابر مجرميها رؤساءها ودعاتها إلى الكفر والصّدّ عن سبيل الله، ليمكروا فيها بالصّد عن